مَن لم يحب أسطا عطية؟

إذا كان فيلم "لا أكذب لكني أتجمل" وهو من بطولة آثار الحكيم وأحمد زكي قد عالج مسألة إنسانية تقوم على الفصل بين الكذب العمد والجمال الزائف فإن المثل الشعبي المصري يقول “الحلو ما يكملش".
والحلو لن يكون بالضرورة مسالما وليس القرب منه آمنا دائما. ذلك ما قالته العراقية لميعة توفيق نصا “هذا الحلو قاتلني يا عمه/ فدوه اشكد احبه وارد اكلمه” بعكس فيروز التي وهبت الحلو صفات الأيقونة الخالدة التي لا تُمس "يا حلو يا حلو يا قمر/ يا ندي على غصن شجر" وهو ما يتطابق مع المثل الشعبي "الحلو حلو حتى لو لبس خيشة".
فالشخص الجميل الذي اكتسب صفاته من حلاوة الدنيا التي تغنى بها بيرم التونسي على لسان فتحية أحمد "يا حلاوة الدنيا ياحلولو يا حلاوة" يمكن أن يكون مصدر مرارة وتعب وهلاك حسب ناظم الغزالي "قلي يا حلو منين الله جابك/ خزن جرح قلبي من عذابك".
ومن البديهي أن "القلب يعشق كل جميل" حسب أم كلثوم فإن عبدالحليم حافظ كان محقا حين قال “الحلو حياتي وروحي وأقلو أيه/ ان قلت أحبه الحب اشوية عليه” لذلك فإن القرب من الحلو يحتاج إلى قدر من المكابدة “لأقعد لك ع الدرب قعود/ حلوة يم عيون السود/ أصعد وأقطع لك عنقود/ وردة من البستان” كما يقول كاظم الساهر.
وللحلوين وقع مؤثر إن غابوا وإن حضروا. وكما يقول سيد مكاوي “حلوين من يومنا والله وقلوبنا كويسه/ وبقدم أحلى فرحة ومعاها ميتة مسا/ يا ليل طول شويه/ ع الصحبة الحلوة ديه/ والغالي علينا غالي”، وليس بعيدا عن ذلك المعنى ما قاله ناظم الغزالي “مرو علي الحلوين وعذبوني/ نظرات تهيم الروح بيها رموني".
ولم يكن سيد درويش معنيا بالتعريف بأسطا عطية الذي فتحت أمامه فيروز أبواب الخلود حين أعادت غناء “الحلوة دي قامت تعجن في البدرية/ والديك بيدن كوكو في الفجرية/ يلا بنا على باب الله يا صنايعيه/ يجعل صباحك صباح الخير يا أسطا عطية".
وقد تكون العراقية مائدة نزهت قد انصفت نفسها والحلو معا أكثر من الآخرين حين غنت "يا حلو يا اصغير يا مدلل لا تصوب رمش العين/ عاشق وقليبي ميتحمل يتعذب بين النارين”.