ميناء الفجيرة أمام فرصة استثمار فورة الوقود البديل

يواجه المسؤولون الإماراتيون تحديا مهما لتعزيز قدرات أحد أكبر موانئ العالم لتزويد وتخزين الوقود والواقع في إمارة الفجيرة بميزات إضافية تنسجم مع التحول البيئي والتكنولوجيا وبناء الشراكات لجعله أكثر تنافسية مع البوابات التجارية البحرية الدولية.
الفجيرة (الإمارات) – اعتبر مسؤولون تنفيذيون أثناء حدث احتضنته الفجيرة خلال هذا الأسبوع أن ميناء الإمارة يجب أن يزيد حجم استثماراته في تخزين أنواع الوقود البديلة والجديدة وتورديها رغم اشتداد الحاجة إلى التخلص من الكربون الناجم عن أنشطة بحرية.
ولدى الفجيرة والتي تعد المنفذ الوحيد إلى المحيط الهندي في الإمارات ثاني أكبر ميناء عالمي في تزويد السفن بالوقود بعد سنغافورة، ويتبوأ المركز الثالث لتخزين النفط ومشتقات التكرير في العالم، كما أنه المركز الرئيسي لتخزين النفط ومشتقاته في الشرق الأوسط.
وخلال السنوات الأخيرة قطعت الإمارة خطوات متسارعة في مجالات التنمية، كما تشهد تحولا واسع النطاق يهدف إلى جعلها قبلة عالمية ذات اقتصاد تنافسي عالمي، كونها تركز على تقديم الخدمات اللوجستية لصناعة النفط المحلية والعالمية.
وفي دليل على حرصها على تطوير أعمال البوابة التجارية الشرقية للبلاد، دشنت حكومة الفجيرة في سبتمبر 2016 أول رصيف لناقلات النفط العملاقة في الإمارة، والذي يعتبر الأعمق عالميا، بكلفة 650 مليون درهم (177 مليون دولار).
ووفقا لبيانات من منطقة الفجيرة للصناعات البترولية بلغ متوسط مخزونات النفط في الفجيرة 11.47 مليون برميل (1.81 مليون طن) في الأسبوع عام 2022، مرتفعة من 10.26 مليون برميل (1.62 مليون طن) قبل عام.
وأظهرت الإحصائيات أن الميناء سجل مستويات قياسية من حيث شحنات النفط خلال العام الماضي مع وصول 12.5 ألف سفينة.
وقفزت أحجام التخزين بالميناء خلال الآونة الأخيرة بعد فرض عقوبات على المنتجات النفطية الروسية في فبراير الماضي، وبعد أن عززت مصفاة الزور الكويتية صادراتها.
ومع ذلك يعتقد خبراء أنه يتعين على حكومة الإمارة والمشرفين على صناعة النقل البحري مواكبة التحول النظيف من خلال البحث عن أنواع بديلة للوقود لتلبية أهداف خفض انبعاثات الكربون التي حددتها المنظمة البحرية الدولية.
وتشمل تلك الأهداف خفض انبعاثات الكربون بنحو 40 في المئة مقارنة مع مستويات 2008 بحلول نهاية العقد الجاري، إلى جانب تخفيض إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري 50 في المئة بحلول عام 2050.
وعلى الرغم من أنه أحد الموانئ الرئيسية للتزود بالوقود، فإن ميناء الفجيرة تخلف كثيرا في مساعيه لاجتذاب أسواق الوقود البديل مثل الغاز الطبيعي المسال والوقود الحيوي والميثانول، مقارنة مع الموانئ الأخرى مثل سنغافورة وروتردام.
وقال ساي هوات لو المدير العام في شركة فوباك هورايزون الفجيرة المحدودة إن “الاستثمارات المحتملة في ميناء الفجيرة يجب أن تتضمن تعديل الصهاريج لاستيعاب أنواع الوقود المستقبلية هذه”.
وأضاف لو خلال مشاركته في ملتقى الفجيرة الدولي الثالث عشر للتزود بالوقود (فوجكون 2023) الذي اختتمت فعالياته الأربعاء الماضي “هناك الكثير من التطوير في ما يتعلق بالطاقة الجديدة وإزالة الكربون في الموانئ الأخرى ويجب ألا نتخلف عن الركب في ما يتعلق بذلك”.
لكن ثمة عقبات تعترض زيادة الاستثمار في هذا المجال، أهمها الافتقار إلى التعاون. وقال نظام الدين نور علي المدير العام في محطة التخزين الطرفية جي.تي.آي الفجيرة “ربما ما نفتقده حقا هو التواصل بين الجهات المعنية الرئيسية”.
وأضاف “كل شخص يقوم بدوره ولكن في معزل عن الآخر ولا يوجد تواصل مركزي يمكن بموجبه إضافة سلسلة القيمة إلى المحطات الطرفية”.
ومع ذلك لا تقف مشاكل الميناء عند ذلك الحد، إذ يبدو أن من بين العوامل التي تعيق زيادة الاستثمار فيه عدم وجود شفافية والافتقار إلى الرقمنة قياسا بموانئ عالمية أخرى.
وقال كينيث دام رئيس قسم التزود بالوقود لدى تي.أف.جي مارين على هامش مشاركته في الملتقى “إذا نظرت إلى عملية التزود بالوقود اليوم على شواطئ الفجيرة والطريقة التي تتم بها عملية القياس، فسترى أن الكميات لا يزال حسابها يدويا”.
وأوضح أن مثل هذه العمليات تستغرق وقتا أطول وأكثر عرضة للخطأ البشري، مشيرا إلى أنه في المقابل كثف ميناء سنغافورة، وهو أكبر مركز للتزود بالوقود في العالم، جهوده لرقمنة عملياته، مما مهد الطريق له لاجتذاب الأنواع الجديدة من الوقود.
وقالت مصادر تجارية على هامش المنتدى إن الإمدادات الفورية من أنواع الوقود الجديدة تستغرق وقتا طويلا في الخروج من ميناء الفجيرة بسبب عدم وجود طلب عليها، بعكس الوضع في ميناء سنغافورة، رغم أن الإمدادات الفورية ستبدأ في السنوات المقبلة.
وبحسب نتائج مسح إلكتروني عُرض في الملتقى، يُتوقع أن يمثل الميثانول والغاز الطبيعي أكبر حصة في سوق الوقود البديل في الفجيرة، يليهما الوقود الحيوي والأمونيا بحلول عام 2050.
وقال بيتر كيلر رئيس تحالف سي-أل.أن.جي أمام المنتدى “آمل أنه بعد عامين من الآن، عندما نعود إلى هنا في الفجيرة (من أجل ملتقى فوجكون القادم)، ألا نتحدث فقط عن القدرة على توفير مستودعات للغاز الطبيعي المسال، ولكن آمل أن نمتلكها بالفعل”.
وتسعى الفجيرة للحفاظ على مكانتها كأحد أكبر مراكز التزود بالوقود حول العالم بعدما حقق الميناء رقما قياسيا من حيث كميات مناولة النفط في العام الماضي ومن المتوقع أن يسجل طلبا قويا بالنسبة إلى التخزين في المستقبل.
ولذلك يحاول المسؤولون إبراز دور الميناء ومشاريع التوسعة التطويرية به. وقال موسى مراد مدير ميناء الفجيرة إنه “بات يشهد سنويا استقبال العديد من الشركات للاستفادة من الخدمات البحرية المتميزة التي يقدمها”.
وأوضح أمام المنتدى أن هذه الاستثمارات تشكل خطوة هامة في تعزيز مكانة الإمارة الرائدة بوصفها واحدا من أكبر مراكز التخزين والتجارة والتزود بالوقود في الشرق الأوسط.