ميليشيا عراقية تعلن "تعليق" هجماتها المتوقفة أصلا على إسرائيل

بغداد- أعلنت ميليشيا شيعية عراقية تنتمي إلى منظومة ما يعرف بـ”المقاومة الإسلامية” بقيادة إيران عن وقف هجماتها ضدّ إسرائيل في قرار فاجأ الملاحظين كون جميع الميليشيات العراقية توقّفت عمليا عن توجيه أيّ ضربات لأهداف في الداخل الإسرائيلي منذ عدّة أشهر نتيجة خوفها من مواجهة مصير حليفها الكبير حزب الله اللبناني الذي تعرّض لضربات إسرائيلية قاصمة طالت أعلى هرم قيادته وشملت بنيته العسكرية وآلته الحربية ولم توفّر حتى بيئته الشعبية الحاضنة له.
وأعلن الأمين العام لميليشيا النجباء أكرم الكعبي عن “تعليق عمليات الحركة” ضد إسرائيل بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
واستخدم الكعبي عبارة تعليق في إشارة إلى أنّ الأمر “مؤقّت” ورهن التطورات، وأن الميليشيا مستعدة لـ”العودة” لاستهداف إسرائيل، وهو ما يبدو أمرا مستبعدا هدفه الدعاية وتبرير موقف الميليشيا التي لطالما أعلت من سقف انخراطها في “المقاومة” دون أن تجسّد تهديداتها على أرض الواقع.
◄ الميليشيات العراقية ستكون مجبرة على تقاسم الحرج مع حماس دون أن تكون قادرة بالفعل على استئناف "المقاومة" إلى جانبها
وسبق أن أعلنت عدّة ميليشيات عراقية عن مشاركتها في قصف إسرائيل دعما لحركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني دون أن يكون لعملياتها أثر يذكر على الدولة العبرية وقواتها العسكرية.
وازداد الأمر صعوبة على تلك الميليشيات بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا الأمر الذي أغلق الساحة السورية في وجهها بعد أن كانت تستخدمها في أنشطتها ولنشر أعداد من مقاتليها والانخراط في عمليات تهريب الأسلحة والمخدّرات.
وزاد من ضعف موقف الفصائل الشيعية العراقية كونها أصبحت موضع تهديد مباشر من قبل الولايات المتّحدة الأميركية ومطالبات واشنطن بحلّها وضبط سلاحها.
ويتوقّع قادة تلك الفصائل أن تزداد الضغوط والتهديدات لفصائلهم في عهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي سبق أن ألحق بالميليشيات الشيعية العراقية خسارة فادحة بتوجيهه الأمر بقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس بضربة جوية قرب مطار بغداد الدولي مطلع سنة 2020.
وكان سليماني بمثابة أب روحي للكثير من الميليشيات العراقية التي كان يشرف على تأطيرها وتخطيط عملياتها وإمدادها بالسلاح والخبرات القتالية.
وتخشى الكثير من الفصائل تكرار تلك العملية ضدّ مواقع تمركزها ومقرات قياداتها، وعلى هذه الخلفية أعلن بعضها مؤخّرا عن إخلاء مواقعه في منطقة جرف الصخر جنوبي العاصمة بغداد، فيما أكّدت مصادر أمنية مطلعة أن الأمر لا يعدو كونه إعلانا تمويهيا تحسّبا لضربات جوية على الجرف الذي يضم مقرات ومخازن كبيرة للعتاد وورش تجميع وإصلاح للأسلحة.

أكرم الكعبي: أصابعنا مازالت على الزناد وصواريخنا ومسيراتنا جاهزة
وتعمل الميليشيات الشيعية في العراق وعدد من دول المنطقة كأذرع لإيران ومنفذة لسياساتها وحارسة لنفوذها في تلك الدول.
ويظهر ربط الكعبي “تعليق” عمليات النجباء ضدّ إسرائيل بالهدنة بين حماس وتل أبيب رغبة الميليشيات العراقية وقادتها في استثمار الحدث للتنصّل من الملف الذي أصبح يشكّل عبئا عليها وخطرا محدقا بها من دون وجود عائد سياسي ودعائي من ورائه بعد أن ثبت انعدام التأثير في تهديدات تلك الميليشيات للدولة العبرية والضربات العشوائية لأهداف متفرّقة في داخلها.
وقال الكعبي في بيان “نبارك للشعب الفلسطيني والأحرار في العالم هذا التطور المهم ونعلن أننا سنعلق عملياتنا العسكرية تضامنا مع إيقاف الحرب في فلسطين ولتعزيز استمرار الهدنة في غزة”.
وكان أُعلن ليل الأربعاء – الخميس عن التوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل برعاية قطرية – أميركية – مصرية يقضي بوقف مؤقت للحرب وتبادل للأسرى الأمر الذي شرع “محور المقاومة” في تسويقه باعتباره انتصارا كبيرا على الدولة العبرية متجاهلا الخسائر الكبيرة والفادحة ماديا وبشريا للحرب في قطاع غزّة، فضلا عن الخسارة الجانبية العظمى للمحور ذاته والمتمثّلة في الضربة القاصمة التي تلقاها حزب الله اللبناني.
ويقول مراقبون إنّه بغض النظر عن تفاصيل الاتفاق لا يوجد ما يضمن عدم عودة إسرائيل إلى الحرب بعد استعادة رهائنها أو قسم منهم.
وفي تلك الحالة ستكون الميليشيات العراقية مجبرة على تقاسم الحرج مع حماس دون أن تكون قادرة بالفعل على استئناف “المقاومة” إلى جانبها بالنظر إلى المتغيّرات الكبيرة دوليا وإقليميا وخصوصا في سوريا ولبنان.
وأرفق الكعبي إعلانه عن “تعليق” عمليات النجباء بتحذير شكلي ممّا سماه “أيّ حماقة في فلسطين أو المنطقة لأنها ستقابل برد قاس،” مؤكدا أن أصابع عناصر حركته “مازالت على الزناد،” وكذلك صواريخها ومسيراتها ومضيفا “فإن عادوا عدنا”.