ميلوني في تونس لتثبيتها كحارس حدود لأوروبا

تونس/روما – تصل رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى تونس، اليوم الثلاثاء، بدعوة من الرئيس التونسي قيس سعيد، لتأكيد الدعم الذي تواصل روما تقديمه لتونس في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولتثبيت البلد الشمال الأفريقي كحارس حدود لمنع تدفق المهاجرين غير النظاميين من الوصول إلى أوروبا.
وقالت الرئاسة التونسية في بيان نشرته عبر صفحتها على فيسبوك مساء الاثنين "بدعوة من رئيس الجمهورية قيس سعيّد، تُؤدي جورجيا ميلوني، رئيسة مجلس الوزراء بالجمهورية الإيطالية، زيارة صداقة وعمل إلى تونس وذلك الثلاثاء 6 يونيو 2023".
وستجري ميلوني، محادثات مع الرئيس سعيد، وفقا لما أفاد به مصدر من الخارجية التونسية، حيث من المتوقع أن تشمل المحادثات سبل الدعم الايطالي لتونس في أزمتها الاقتصادية، وكبح التدفقات القياسية هذا العام لموجات الهجرة غير النظامية عبر سواحلها.
ومن المقرر أن يعقد الاجتماع بين ميلوني وسعيّد بعد مكالمة هاتفية جرت الجمعة تطرقا خلالها إلى المبادرة التي تقدم بها الرئيس التونسي سابقا لعقد "مؤتمر دولي رفيع المستوى بين دول شمال أفريقيا ودول الساحل والصحراء الأفريقية ودول شمال البحر المتوسط لمعالجة أسباب الهجرة غير النظامية ووضع حد لهذه الأوضاع غير الإنسانية"، وفق بيان للرئاسة التونسية.
وتأتي زيارة ميلوني بعد أسابيع قليلة من زيارة وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي، حيث دعا الرئيس التونسي خلال اللقاء إلى "عقد اجتماع دولي عاجل على مستوى رؤساء الدول والحكومات، أو على مستوى وزراء الداخلية، تشارك فيه كل الدول المعنية، بما في ذلك الدول التي يتدفّق منها المهاجرون".
وتتزامن الزيارة مع عقد لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان الايطالي اليوم الثلاثاء جلسة نقاش حول الوضع في تونس.
وقال وزير الخارجية الايطالي أنطونيو تاياني في تصريح على قناة "بوست 2" "نحن نعمل بشكل مكثف على تونس"، مضيفا "تحدثت مع وزير الخارجية التونسي نبيل عمار في ضوء رحلة رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني"، مستذكرا "كيف سيجري في واشنطن نقاشا مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا".
وتابع تاياني "نواصل الضغط من أجل توفير الموارد لتونس. وأنا متفائل"، مستشهدا بـ"الرغبة في الحوار" التي تم الكشف عنها خلال المقابلة مع نظيره التونسي الذي أكد أن "عدم مساعدة تونس يعني إلحاق الضرر باستقرار" البحر الأبيض المتوسط.
وكانت إيطاليا قد قدمت لتونس 10 ملايين يورو ومن المرتقب أن ترسل 100 مليون يورو أخرى، وفق تاياني.
وتأتي زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية بعد قمة الدول السبع التي عقدت أخيرا في مدينة هيروشيما اليابانية، وفيها تحدثت ميلوني عن الوضع في تونس، كما طلبت من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وهولندا الضغط على صندوق النقد لمنح تونس قرضا جديدا، كما حاولت الضغط على الاتحاد الأوروبي، ليعطي مساعدات مادية لتونس، في انتظار قرض صندوق النقد الدولي، إلا أن موقف أوروبا وواشنطن هو حثّ تونس على توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وكأن تونس ستخصص القرض الذي ستحصل عليه من الصندوق لمواجهة الهجرة وليس لتحريك وضع اقتصادها أو إنفاقه على الضرورات وخاصة منها موضوع الرواتب.
وتوصّلت تونس التي تبلغ ديونها حوالي 80 بالمئة من إجمالي ناتجها المحلي، إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي أكتوبر الماضي للحصول على قرض جديد بنحو ملياري دولار لمساعدتها على تجاوز أزمتها المالية الخطيرة.
لكنّ المحادثات وصلت إلى طريق مسدود بسبب عدم التزام تونس الصارم تنفيذ برنامج إصلاح لإعادة هيكلة أكثر من 100 شركة مملوكة للدولة ومثقلة بالديون، ولرفع الدعم عن بعض السلع والخدمات الأساسية.
وكان الرئيس التونسي أعلن مطلع أبريل رفضه "إملاءات" صندوق النقد الدولي، مؤكدًا ضرورة "التعويل على أنفسنا" لتجاوز الأزمات المالية والاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد.
ومن أجل الاستغناء عن قرض من صندوق النقد الدولي و"إملاءاته"، اقترح سعيّد الخميس إقرار ضريبة جديدة على من يستفيدون من الدعم "بدون وجه حق".
ويتوقع مراقبون أن تكون زيارة ميلوني إلى تونس خاطفة وتتضمن "إملاءات" أو ضغوط جديدة فيما يخص التصدي للهجرة غير النظامية، وخاصة وأن إيطاليا تقدر عدد من وصلوا إلى سواحلها أو حاولوا عبور البحر المتوسط، من تونسيين وجنسيات أخرى، انطلاقا من السواحل التونسية، بنحو 44 ألفا، وهذا خلال العام الجاري وحتى الثاني من مايو الماضي.
وتبعد أجزاء من سواحل تونس أقل من 150 كيلومترا عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، وتسجل بانتظام محاولات هجرة في اتجاه السواحل الإيطالية يقوم بها خصوصا مواطنون من دول أفريقيا جنوب الصحراء.
وتعد إيطاليا اليوم الشريك التجاري الأول لدولة شمال أفريقيا، وهي حاضرة مع أكثر من 900 شركة توظف حوالي 70.000 شخص.
ووفقًا لبيانات مرصد فارنيسينا الاقتصادي، كانت إيطاليا أكبر مورد لتونس بحصة سوقية بلغت 18.5 في المائة في الفترة من يناير إلى مايو الماضي، وثاني سوق مقصد للصادرات التونسية ، بحصة 18.6 في المائة في نفس الفترة المرجعية.
ومع ذلك، اعتبارا من عام 2024، ستقوم شركة تيرنا الإيطالية ببناء خط "إلميد"، وهو كابل كهربائي بحري بطول 240 كيلومترًا سيوحد البلدين والقارتين لأول مرة.
وفي 1 يونيو، وقعت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والبنك الدولي اتفاقية بقيمة مليون يورو لدعم أنشطة الصندوق الاستئماني "تونس للصمود الاقتصادي والشمول"، ينفذها البنك الدولي لدعم أجندة الإصلاح وتعزيز قدرة تونس على الاستجابة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية الحالية.