ميلوني تنجح في إقناع الأوروبيين بالتحرك لدعم تونس

رئيسة وزراء إيطاليا: الأولوية لمعالجة الوضع الراهن في تونس بشكل عملي.
الجمعة 2023/06/09
جورجيا ميلوني: إنقاذ تونس ماليا خطوة مهمة

بروكسل- قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الخميس إنها ستتوجه إلى تونس الأحد مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته، وهو ما يظهر نجاح ميلوني في إقناع الأوروبيين بضرورة التحرك لدعم تونس ومساعدتها على لعب دور فعال في مواجهة موجات اللاجئين نحو أوروبا.

وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية إيريك مامير خلال مؤتمر صحفي في بروكسل الخميس إن المسؤولين الأوروبيين الثلاثة سيلتقون الرئيس التونسي، وإن “المباحثات ستتناول العلاقات الثنائية بين الاتحاد الأوروبي وتونس”، ولاسيما “اتفاقية تعاون في مجالات الاقتصاد، الطاقة والهجرة”.

◙ تونس تسجّل بانتظام محاولات المهاجرين، الذين غالبيتهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء، للوصول إلى السواحل الإيطالية

وزارت ميلوني تونس يوم الثلاثاء وأعلنت عن رصد تمويلات بقيمة 700 مليون يورو لمساعدة القطاعات الحيوية في تونس التي تواجه صعوبات اقتصادية ومالية. كما أعلنت عن عقد مؤتمر دولي للهجرة يتماشى مع مبادرة سبق أن أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيد.

ويرتبط التحرك الإيطالي لإقناع الأوروبيين بدعم تونس ضمن خطة تتبناها ميلوني تقوم على مساعدة الدول التي تنطلق منها موجات اللاجئين ماليا واقتصاديا حتى تقوى على لعب دورها كاملا في منع تدفق الهجرة غير النظامية.

ويقول مراقبون إن رئيسة الوزراء الإيطالية تتحرك من منطلق مصالح بلادها لوقف الهجرة غير النظامية، وإنها تطلب من الأوروبيين مراعاة أمنها القومي في التعامل مع تونس، وأن يتركوا مؤاخذاتهم بشأن حقوق الإنسان جانبا، فالأولوية لأمن إيطاليا كجدار حام لأمن أوروبا، ودعم تونس هو جزء من هذه الحماية.

وسبق لميلوني أن زارت تونس، كما زارت الجزائر وليبيا، واستقبلت الثلاثاء رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبدالحميد الدبيبة، وكان التصدي للهجرة عنصرا رئيسيا في اللقاء.

ودافعت إيطاليا عن تسهيل حصول تونس على دعم مالي خارجي عاجل سواء عبر صندوق النقد الدولي أو عبر الاتحاد الأوروبي أو بشكل ثنائي. وأمام غياب هذا التمويل بادرت ميلوني بالإعلان عن تمويلات تصل إلى 700 مليون يورو لفائدة تونس تقدر من خلالها تمويل مشاريع عاجلة قبل التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يفضي إلى حصولها على 1.9 مليار دولار.

نبيل عمار: تونس لن تقبل أن تكون حارسا لأوروبا
نبيل عمار: تونس لن تقبل أن تكون حارسا لأوروبا

وقالت ميلوني للصحافيين بعد اجتماع مع المستشار الألماني أولاف شولتس في روما إنها واثقة من إمكان التوصل إلى اتفاق بين الصندوق وتونس.

وأضافت “زعزعة الاستقرار في تونس ستكون لها تداعيات خطرة على استقرار شمال أفريقيا كلها.. وستطالنا هذه التداعيات أيضا”.

وتابعت “من الواضح، بالنسبة إلينا، أن معالجة الوضع الراهن في تونس بنزعة عملية يمثل أولوية”.

ولا يمانع الرئيس التونسي في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد، لكنه يعارض الشروط التي تهدد الوضع الاجتماعي في البلاد، وخاصة مطالب رفع الدعم عن المواد الغذائية وعلى رأسها الخبز، محذرا في أكثر من مرة من تكرار سيناريو يناير 1984 حين تظاهر التونسيون ضد زيادة سعر الخبز ما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا، وذلك بعد أن بدأت الحكومة التونسية وقتها في الاستجابة لنصائح الصندوق بشأن برنامج الإصلاح الهيكلي.

وتعتبر دول الاتحاد الأوروبي أن اتفاق تونس مع الصندوق مهم لفتح الباب أمام تمويلات إضافية للشريك التونسي، وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية الثلاثاء إن الاتحاد بصدد الإعداد لهذه التمويلات بالفعل.

وتعرف ميلوني أن تأخير الدعم الموجه إلى تونس لن يكون في صالح المنطقة، فإنقاذ تونس ماليا خطوة مهمة وضمانة لمنع تدفق موجات جديدة للمهاجرين خاصة أن تونس ستجد نفسها مجبرة على الاختيار بين توظيف إمكانياتها الذاتية المحدودة في معالجة ملفات داخلية هامة أو إنفاقها في جهود التصدي لموجات اللاجئين نيابة عن أوروبا، وهي ستختار في النهاية الخيار الأول، وتجد أوروبا نفسها في مواجهة مع موجات كبيرة من اللاجئين لا أحد يتحرك لصدها.

وتعبّر أوروبا عن قلقها إزاء عدم إحراز تقدّم وانهيار محتمل للاقتصاد التونسي يمكن أن يزيد من تدفق المهاجرين نحو الشواطئ الأوروبية. لكنها لم تفعل شيئا إلى حد الآن لمساعدة الجار الجنوبي.

وفي مارس الماضي دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية في بروكسل إلى دعم تونس التي تواجه أزمة مالية خطرة من أجل تخفيف ضغط الهجرة.

وأشار ماكرون خلال مؤتمر صحفي إثر قمة أوروبية إلى “أن التوتر السياسي الكبير جدا في تونس والأزمة الاقتصادية والاجتماعية المستعرة في ظل غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي (عوامل) مقلقة للغاية”، فيما قالت ميلوني “إذا لم نتعامل مع هذه المشاكل بشكل مناسب، فسيتهدّدنا خطر إثارة موجة هجرة غير مسبوقة”.

وتسجّل تونس – التي تبعد بعض سواحلها أقل من 150 كيلومترًا عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية – بانتظام محاولات المهاجرين، الذين غالبيتهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء، للوصول إلى السواحل الإيطالية.

وتعتقد تونس أن مسألة الهجرة غير النظامية يجب حلها في إطار نظرة شاملة وعبر التطرق إلى جميع النقاط المتعلقة بها.

وأكد وزير الخارجية التونسي نبيل عمار في مقابلة أجرتها معه قناة فرانس 24 قبل أيام أن تونس لن تقبل أن تكون حارسا لأوروبا أو جدارا يمنع الهجرة إلى هذه القارة، داعيا إلى إيجاد حلول لموجات الهجرة غير النظامية بالشراكة مع كل الأطراف.

1