ميقاتي يفتح تحقيقا بشأن الإساءة للبحرين في خضم أزمة مع الخليج

المنامة تحتج على استضافة بيروت مؤتمرا لجمعية "الوفاق" المحظورة في البحرين، لغرض بث وترويج مزاعم ضد المملكة.
الاثنين 2021/12/13
ميقاتي يتحرك لاحتواء أزمة جديدة مع البحرين

بيروت - أدان رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الأحد "الإساءة" إلى البحرين، وطلب فتح تحقيق بشأن مؤتمر عقدته جمعية بحرينية "محظورة" في بيروت الأسبوع الماضي، تضمن انتقادات للمنامة، مما يهدد بتعميق الأزمة مرة أخرى مع دول الخليج.

وفي وقت سابق، قالت الخارجية البحرينية في بيان إنها قدمت "احتجاجا شديد اللهجة إلى الحكومة اللبنانية، بسبب استضافة بيروت مؤتمرا لعناصر معادية ومصنفة بدعم ورعاية الإرهاب لغرض بث وترويج مزاعم (..) ضد المملكة".

وقال ميقاتي في بيان إنه "طلب فتح تحقيق فوري ومنع تكرار ما حصل، بعدما تبلغ عبر الخارجية اللبنانية احتجاجا رسميا من البحرين على عقد مؤتمر صحافي في بيروت تضمن إساءات إلى المملكة".

وأضاف البيان أن "رئيس مجلس الوزراء يشجب بقوة ويدين التطاول على مملكة البحرين، قيادة وشعبا، ويرفض التدخل في شؤونها الداخلية، والإساءة إليها بأي شكل من الأشكال"، مبديا حرصه على العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين.

كما أفاد ميقاتي بـ"رفض استخدام لبنان منطلقا للإساءة إلى مملكة البحرين والتطاول عليها، مثلما يرفض الإساءة إلى الدول العربية الشقيقة، ولاسيما منها دول مجلس التعاون الخليجي"، بحسب البيان.

واعتبر أن "ما يربط بين لبنان ومملكة البحرين أعمق من تصرف خاطئ لا يعبّر عن رأي الشريحة الأكبر من الشعب اللبناني، التي تكن للبحرين كل المودة والمحبة والاحترام".

وأكد وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي أن الأجهزة الأمنية باشرت التحقيق بشكل فوري حول خلفيات انعقاد المؤتمر الصحافي في بيروت، والذي ذكرت وزارة الخارجية في مملكة البحرين أنه ضم عناصر معادية بهدف الإساءة إليها.

 وطلب الوزير مولوي جمع المعلومات عن المشاركين في المؤتمر، تمهيدا لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحق كل من يظهر تقصده الإساءة من قلب العاصمة بيروت إلى أي دولة صديقة وشقيقة.

وجدد مولوي موقفه الرافض بأن يكون لبنان منصة لتصدير الأذى إلى إخوانه العرب مهما كان نوعه، معربا عن إدانته لأي تطاول على مملكة البحرين وكل دول مجلس التعاون الخليجي، مذكّرا بضرورة إيلاء العلاقات الوطيدة مع الدول العربية أولوية قصوى والوقوف صفا واحدا مع الأشقاء العرب، وعدم التدخل إطلاقا في شؤون دول الخليج الداخلية.

والأسبوع الماضي عقدت جمعية "الوفاق" المحظورة في البحرين، مؤتمرا في بيروت تحدثت فيه عن "انتهاكات حقوقية" تعرض لها مواطنون في المملكة خلال العامين الماضيين.

وكانت صحيفة "عكاظ" السعودية قد سألت الخميس الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي عن موقفهما مما تعرضت له البحرين من اتهامات وإساءات من قلب بيروت، في سياق تقرير نشرته جاء فيه "بعيدا عن محتوى المؤتمر الذي بدا في ظاهره حقوقيا، وهو يخفي أجندات ومؤامرات سياسية ظهرت واضحة من خلال الكلمات التي يتناوب على إلقائها من يدعون أن هدفهم مصلحة البحرين، فتفضحهم توجهاتهم وهم يتهمون البحرين من منبر بيروت بالفساد والظلم والاستبداد وعدم تطبيق حقوق الإنسان".

وبحسب الصحيفة، أكد مقربون من الجمعية تلقيها دعما ماليا وإعلاميا من حزب الله، "الذي سهل لها تنظيم المؤتمر سنويا في بيروت في محاولة لاستغلالها في تنفيذ أجنداته ومغالطاته بحق الدول الخليجية والعربية، وأبدوا استغرابهم من سكوت الحكومة اللبنانية وغض الطرف عن مؤتمر دأب على مهاجمة البحرين بصفة سنوية"، خصوصا أن هذه الجمعية ترتبط بعلاقة وثيقة مع حزب الله اللبناني، "ودائما ما تكون حاضرة في خطابات حسن نصرالله الذي دأب على مهاجمة البحرين، ومهددا بإيصال السلاح والمقاتلين إلى المملكة، ومحرضا الشعب البحريني على حمل السلاح".

ويأتي هذا في ظل أجواء متوترة بين الخليج ولبنان، إثر أزمة تصريحات لوزير الإعلام اللبناني المستقيل جورج قرداحي، بخصوص حرب اليمن، ولاقت تأييدا من بعض الأفرقاء اللبنانيين كـ"حزب الله" (حليف إيران)، ورفضا من بعضهم الآخر كرئيس الحكومة ميقاتي.

وفي التاسع والعشرين من أكتوبر الماضي، سحبت الرياض سفيرها في بيروت وطلبت من السفير اللبناني لديها المغادرة، وفعلت ذلك لاحقا الإمارات والبحرين والكويت واليمن، على خلفية تصريحات لقرداحي قبل تعيينه وزيرا بأن "الحوثيين في اليمن يدافعون عن أنفسهم ضد اعتداءات السعودية والإمارات".

وزادت الأزمة الدبلوماسية مع السعودية من تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان الذي يعاني أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، حيث قررت الرياض وقف كافة الواردات الزراعية والصناعية اللبنانية إليها.

ويسعى ميقاتي الذي من المتوقع أن يزور السعودية قريبا، وفق ما أعلن عن ذلك وزير الزراعة اللبناني عباس الحاج حسن الجمعة، إلى تخفيف التوتر مع المملكة وبقية دول الخليج، وذلك بعد اتصال ثلاثي جرى بينه وبين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة الأخير إلى السعودية.

وتشكّك أوساط لبنانية وخارجية بقابلية تطبيق البيان الإصلاحي السعودي – الفرنسي، لكونه يتمحور حول "كبح جموح حزب الله"، وربطا بفشل المسؤولين اللبنانيين في تنفيذ التزاماتهم، فيما اجتمعت الآراء ولاسيما الداخلية، على أهمية التطوّر الحاصل لتخفيف ضغوط المملكة على لبنان المنهار اقتصاديا والمُقاطع دبلوماسيا من قبل بعض الدول الخليجية.

ويعتقد مراقبون أن السعودية ربما تقبل بوقف القطيعة مع الجهات الرسمية اللبنانية، لكنها ستظل محتفظة بشروطها ومآخذها، وأنها ربما تسعى بقبولها لإقامة الحجة على طبقة سياسية مرتهنة لحزب الله، وتريد أن تقول للرئيس الفرنسي تعال انظر كيف تسير الأمور، وهو أمر اكتشفه ماكرون بنفسه حين ضغط لأجل تنفيذ مبادرته، لكن السياسيين اللبنانيين أفشلوها بالرغم من كل التحذيرات.