ميقاتي يحذر من التدهور القاتم للاقتصاد اللبناني

رئيس الحكومة اللبنانية يطالب المسؤولين السياسيين بالترفع عن مصالحهم الضيقة للخروج من الكبوة القاتمة والانتقال إلى حقبة من النهوض الاقتصادي.
الخميس 2022/12/22
ميقاتي يستعرض السيناريوهات المنتظرة للبلاد

بيروت - حذر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الخميس من أن لبنان يقف على مفترق طرق، خلاصته إما النهوض المنتظر وإما التدهور القاتم، داعيا في ذات الوقت كافة المسؤولين في بلاده إلى الترفع عن مصالحهم الضيقة، وذلك في خضم أزمة سياسية واقتصادية معقدة تضع البلاد على أبواب انفجار اجتماعي.

ومنذ أكثر من ثلاث سنوات يعيش لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، أدت إلى انهيار مالي غير مسبوق، وتراجع حاد في احتياطي العملات بالمصرف المركزي، وارتفاع جنوني بأسعار السلع الغذائية والمحروقات.

وقال ميقاتي في كلمة ألقاها خلال رعايته حفل افتتاح "منتدى الاقتصاد العربي" الذي تنظمه "مجموعة الاقتصاد والأعمال" اللبنانية في بيروت "في حال تحقق السيناريو الإيجابي المنشود، من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الفعلي نموا إيجابيا يتراوح بين 4 و5 في المئة عام 2023 تحركه المشاريع والاستثمار الخاص، ويساعد على استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية".

وأضاف "السيناريو الإيجابي يتمحور حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، وتشكيل حكومة جديدة تتعهد باعتماد نهج إصلاحي حقيقي بدعم سياسي فاعل وشامل".

وتابع "أما السيناريو المعاكس - لا سمح الله - فسوف يؤدّي إلى المزيد من الركود الاقتصادي والتعثر في كافة القطاعات، الذي سيؤدي بدوره إلى ضغوط كبيرة على سعر الصرف، مما ينعكس خصوصا على الأوضاع الاجتماعية وعلى الأسر اللبنانية بشكل عام".

ويشهد لبنان أزمة اقتصادية ومالية حادة وانهيارا في العملة المحلية ما رفع نسبة الفقر في البلاد إلى نحو 82 في المئة، مما تسبب في دفع الخريجين الشباب والمهنيين إلى مغادرة البلاد بحثا عن فرص ورواتب أفضل بالعملة الأجنبية.

ولفت ميقاتي إلى أن لبنان "ورغم الضغوطات الماكرو اقتصادية المستمرة والاختلالات المالية المتواصلة في ظل تشنج سياسي متعاظم، عاد ليسجل اقتصاده هذا العام نموا يقارب 2 في المئة بالقيم الفعلية".

وقال ميقاتي إن "النمو يترجم عبر عدد من المؤشرات الماكرو اقتصادية، والتي من أبرزها تحسن قطاع البناء مع ارتفاع تسليمات الأسمنت بنسبة 36 في المئة" .

وأشار إلى "ازدياد عدد السياح بنسبة 70 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2022".

وكشف ميقاتي عن أن "تحويلات العاملين في الخارج زادت بنسبة 7 في المئة عام 2022 لتبلغ 6.8 مليار دولار".

وطالب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية كافة المسؤولين السياسيين بالترفع عن مصالحهم الضيقة ويبدون المصلحة العامة ويعززون القواسم المشتركة، ما يؤسس للخروج من الكبوة القاتمة والانتقال إلى حقبة من النهوض الاقتصادي.

ولفت إلى أن "الدولة أنجزت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية جنوبا وأطلقت عملية الاستكشاف في البلوك رقم 9، وسوف تقوم الشركات المكلفة بذلك بحفر بئر استكشافي في العام 2023، وفي حال أتت نتائج التنقيب إيجابية يتعزز عامل الثقة بالأسواق، واستكشاف الغاز سيدرّ مكاسب اقتصادية هامة على لبنان من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز إيرادات الدولة".

ومنذ يونيو الماضي، حالت الخلافات السياسية في لبنان دون تشكيل حكومة جديدة برئاسة ميقاتي بعدما كلفه البرلمان مجددا بهذه المهمة، عقب استقالة حكومته إبان انتخابات برلمانية في مايو الماضي.

كما أخفق نواب البرلمان منذ سبتمبر الماضي في انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا لميشال عون، الذي انتهت ولايته في الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي، رغم عقد عشر جلسات برلمانية لهذا الغرض.

وتعتبر هذه الأزمة في لبنان غير مسبوقة، مع عدم وجود رئيس للبلاد، وفي ظل حكومة تصريف أعمال محدودة السلطات وبرلمان منقسم على عدة خيارات.

ويبحث لبنان عن حلول للخروج من نفق أزماته المالية والاقتصادية والنقدية، منها طرق باب صندوق النقد الدولي للحصول على قرض مالي، وإمكانية تعويم العملة المحلية.

وأواخر يناير 2022، بدأت الحكومة اللبنانية رسميا، مفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول برنامج للتعافي الاقتصادي في البلاد.

وأعلن صندوق النقد الدولي في السابع من أبريل الماضي أن السلطات اللبنانية وفريق صندوق النقد الدولي توصلا إلى اتفاق على مستوى الموظفين، بشأن السياسات الاقتصادية الشاملة التي يمكن دعمها بترتيب تمويل ممدد مدته 46 شهرا، مع طلب الحصول على 2.173.9 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (ما يعادل حوالي ثلاثة مليارات دولار أميركي).