ميشال عون لنجيب ميقاتي: مش ماشي الحال

عادت أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة إلى الواجهة بعد موجة من التفاؤل عقبت لقاء الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بالرئيس اللبناني ميشال عون والتي أذكت الآمال باقتراب تجاوز الخلافات.
بيروت - فاجأ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الرأي العام اللبناني بكشفه عن رسالة تلقاها من الرئيس اللبناني ميشال عون جاء فيها “مش ماشي الحال”، وذلك في معرض رده على مقترحات الأخير للتعجيل بولادة الحكومة اللبنانية الجديدة التي يطالب المانحون الغربيون بالإسراع في تشكيلها للإفراج عن حزمة مساعدات تنتشل لبنان من الانهيار الاقتصادي.
وتأتي رسالة عون بعد يومين من لقائه ميقاتي في قصر بعبدا حيث سادت أجواء من التفاؤل بشأن تجاوز الخلافات بشأن توزيع الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة والثقل الوزاري لكل حزب مشارك فيها.
وقال ميقاتي في تصريحات لوسائل إعلام محلية إنَّ "رئيس الجمهورية ولدى لقاء الشوق الأخير كان مرنا ومنفتحا على تعديل التشكيلة ولم يمانع في تسمية وزير يمثل عكار".
وأضاف "خلال الاجتماع مع رئيس الجمهورية تم طرح الأسماء المنوي تغييرها وبينهم الوزيران وليد فياض وأمين سلام ووعد في حينه بأنه سيعطي رده بعد 24 ساعة لكنه سأل ‘من سيسمي الوزراء الخاضعين للتعديل؟'". وأشار ميقاتي "تفاجأت في اليوم التالي من الاجتماع مع رئيس الجمهورية بإيفاد المدير العام للرئاسة أنطوان شقير حاملا رسالة مفادها ‘مش ماشي الحال'".
◙ عون يطالب بضمانات وتعهدات قبل الإفراج عن الحكومة الجديدة وهو ما يرفضه ميقاتي المتمسك بحكومة إصلاحات
ويقول مراقبون إن الرئيس اللبناني منشغل بترتيبات ما بعد الفراغ الرئاسي وإن تشكيل حكومة لبنانية جديدة يفقد فيها التيار الوطني الحر ثقله الوزاري غير مرجح قبل الاستحقاق الرئاسي.
ويشير هؤلاء إلى أنه في ظل الانقسام السياسي الحاد حول الاستحقاقات الدستورية القادمة، دخل السياسيون اللبنانيون في مواجهة تدور حول التفسيرات والاجتهادات والتجاوزات الدستورية. ذلك أن الأمر لا يرتبط فقط بمعركة الصلاحيات، بل بكيفية إدارة البلاد في حالة الشغور الرئاسي، خصوصا أن الجميع يتصرف على أساس أن الانتخابات الرئاسية لن تحصل في موعدها.
وتنتهي ولاية عون في الحادي والثلاثين من أكتوبر القادم، وسط خلافات بين القوى المسيحية بشأن المرشح لخلافته، فيما تتداول أسماء رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزيف عون كأبرز المرشحين لقصر بعبدا.
ويرى محللون أن عودة عون للحديث عن تشكيل الحكومة الجديدة واستقباله لميقاتي بعد جفاء تتصل أساسا بالمخاوف من انقسام كبير حول الأولويات، لاسيما أن عون ومعه التيار الوطني الحر وآخرون، يتهمون الفريق المقابل الذي يتألف علنا من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف ميقاتي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالعمل على فرض أمر واقع عنوانه منح حكومة تصريف الأعمال صلاحيات دستورية تتيح لها قيادة البلاد في حال الفراغ الرئاسي.
وكشفت مصادر لبنانية أن بري وميقاتي فاتحا مسؤولين ووزراء بأن لديهما فتاوى دستورية تؤكد إمكان منح حكومة تصريف الأعمال قوة العمل كحكومة كاملة المواصفات في حالة الشغور الرئاسي.
ويرى عون أن "الفتوى الدستورية" لمنح حكومة تصريف الأعمال صلاحيات دستورية كاملة لإدارة البلاد تأتي في إطار الضغط عليه للقبول بالأمر الواقع وعدم المضي قدما في الحسابات السياسية بشأن وزن فريقه الحزبي ضمن التشكيلة الجديدة.
وتقول مصادر إنه في حال قرّر الفريق الآخر (ميقاتي وبري) مخالفة الدستور من خلال منح حكومة تصريف الأعمال صفة القادرة على القيام بمقام رئيس الجمهورية، فإن الرئيس عون قادر على أمرين، الأول هو إسقاط التكليف الذي حصل عليه ميقاتي ودعوة المجلس النيابي إلى استشارات جديدة يتم بموجبها اختيار رئيس آخر للحكومة يمكنه تأليفها سريعا. والثاني هو البحث في طريقة تتيح لرئيس الجمهورية تشكيل حكومة بديلة تتولى إدارة البلاد في حالة الشغور الرئاسي.
ويطالب باسيل (صهر عون) بضمانات وتعهدات قبل الإفراج عن الحكومة الجديدة وهو ما يرفضه ميقاتي المتمسك بحكومة إصلاحات. ويطالب مسبقا بمعرفة موقف رئيس الحكومة ووزير المالية من رفع الغطاء والحماية عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لإقالته.
◙ الرئيس اللبناني منشغل بترتيبات ما بعد الفراغ الرئاسي وبحكومة لبنانية لا يكون فيها التيار الوطني الحر ممثلا وازنا
كما يطالب بالتزام رئيس الحكومة ووزير العدل ووزير المالية بتسهيل إنهاء التحقيق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت المجمد حاليا بسبب الدعاوى المرفوعة من بعض الشخصيات الملاحقة من قاضي التحقيق، ضد الأخير، والعالقة في الهيئة الاتهامية في محكمة التمييز.
ويصر باسيل على وجود السياسيين في الحكومة وهو ما يعكس أنه يريد أن يكون وزيرا فيها من أجل مشاركة رئيس الحكومة في الحصول على صلاحيات الرئاسة عندما يستجدّ فراغ رئاسي، وبالتالي يكون له دور في اختيار الرئيس المقبل عن طريق تأثيره في قرارات الحكومة ونفوذه فيها إذا طال هذا الفراغ، طالما يتعذر انتخابه هو بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليه منذ نوفمبر 2020.
وشارفت العهدة الرئاسية لميشال عون، حليف حزب الله، على النهاية دون إنجازات تذكر، بل شهد لبنان خلالها أسوأ أزمة اقتصادية وضعت البلاد على حافة الإفلاس، بينما يحمّل جزء كبير من اللبنانيين الرئيس عون وفريقه السياسي مسؤولية ذلك.
وتبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد مطلع سبتمبر المقبل. وبحسب الدستور، يمكن المباشرة بعملية انتخاب رئيس جديد مع بداية الشهر المقبل، في ظل استمرار الأزمة المعيشية والانهيار الاقتصادي منذ أكثر من عامين، إضافة إلى عدم تشكيل الحكومة حتى الآن.
وإلى جانب مسألة حسم رئاسة الجمهورية في المهلة الدستورية المحددة، فإن صفات الرئيس المقبل تشكل نقطة جوهرية بالنسبة إلى اللبنانيين، وفي ظل قلق من أن ينجح حزب الله مجددا في فرض شخصية قريبة منه، لهذا المنصب الحيوي.