ميشال عون في سوريا حاملا معه وصفة بديلة عن ثنائية "أزعور – فرنجية"

لا يزال التيار الوطني الحر يأمل في إمكانية تعديل حزب الله لموقفه من ترشيح زعيم تيار المردة سليمان فرنجية، والالتقاء معه على رئيس للبنان، على الرغم من كونه أعلن الاتفاق مع قوى المعارضة الرئيسية عن دعم ترشيح جهاد أزعور، وضمن هذا السياق تندرج زيارة الرئيس السابق ميشال عون إلى سوريا.
دمشق - قالت أوساط سياسية لبنانية إن زيارة الرئيس اللبناني السابق ميشال عون إلى دمشق ولقائه بالرئيس السوري بشار الأسد، يبدو الهدف منها طلب التدخل لكسر الجمود الذي تشهده العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله والذي قد يتطور إلى قطيعة، لاسيما بعد قرار التيار البرتقالي المضي في ترشيح وزير المالية الأسبق جهاد أزعور، كرد على تمسك الحزب الشيعي بترشيح زعيم تيار المردة سليمان فرنجية.
وأوضحت الأوساط أن زيارة عون إلى دمشق بعد انقطاع لمدة أربعة عشر عاما، هدفها إيصال رسالة بأن التيار الوطني الحر لا يزال ملتزما بتموضعه السابق، وأن التقارب الذي استجد مع قوى معارضة لخط “الممانعة” لا يعدو كونه ظرفيا فرضه إصرار الثنائي الشيعي على ترشيح فرنجية.
ولا تستبعد هذه الأوساط أن يكون الرئيس اللبناني السابق قد طلب من الرئيس السوري التدخل من أجل الضغط على الحليفين الشيعيين لصالح الذهاب في خيار ثالث بديل عن ثنائية “فرنجية – أزعور”.
وأكد الرئيس السوري، وفق بيان صدر عقب اللقاء مع عون، أن قوة لبنان في استقراره السياسي والاقتصادي، وأن اللبنانيين قادرون على صنع هذا الاستقرار بالحوار والتوافق والأهم بالتمسك بالمبادئ وليس الرهان على المتغيرات.
وقال الأسد “كان للعماد عون دور في صون العلاقة الأخوية بين سوريا ولبنان لما فيه خير البلدين”. وعبر الرئيس السوري عن ثقته بقدرة اللبنانيين على تجاوز كل المشاكل والتحديات، وتكريس دور مؤسساتهم الوطنية والدستورية.
واعتبر أن سوريا ولبنان لا يمكنهما النظر إلى تحدياتهما بشكل منفصل عن بعضهما، منوها بأن التقارب العربي – العربي الذي حصل مؤخرا وظهر في قمة جدة العربية سيترك أثره الإيجابي على سوريا ولبنان.
وقال العماد عون إن اللبنانيين متمسكون بوحدتهم الوطنية على الرغم من كل شيء، واعتبر أن سوريا تجاوزت المرحلة الصعبة والخطيرة بفضل وعي شعبها وإيمانه ببلده وجيشه وقيادته، مؤكدا أن نهوض سوريا وازدهارها سينعكسان خيرا على لبنان واللبنانيين.
وجاءت زيارة عون إلى دمشق، بعد يومين على إعلان صهره زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل عن التوصل إلى اتفاق مع القوى المعارضة الرئيسية لترشيح الخبير الاقتصادي ووزير المالية السابق جهاد أزعور لرئاسة لبنان، في مواجهة مرشح الثنائي الشيعي.
وكان التيار الحر لوح بورقة أزعور على امتداد الفترة الماضية بغية الضغط على حليفه حزب الله لسحب دعمه لفرنجية، لكن ذلك لم يتحقق، ويقول متابعون إن باسيل قرر على ما يبدو أن يمضي قدما في إعلان ترشيح وزير المالية السابق في محاولة من قبله لتأكيد جديته في السير بهذا الخيار، وزيادة إحراج موقف حزب الله الذي وجد نفسه بعد الالتفاف المسيحي على ترشيح أزعور في موقف صعب، وباتت فرص فرنجية شبه منعدمة.
ويشير المتابعون إلى أن زيارة عون إلى دمشق تنسف ما حاول التسويق إليه باسيل وأن الأخير لا يزال يناور حتى اللحظات الأخيرة على أمل التوصل إلى توافقات مع حزب الله وحركة أمل.
وأعلن المجلس السياسي في التيار الوطني الحر الثلاثاء أن “خيار التصويت للدكتور جهاد أزعور هو حتمي وبديهي لتأكيد رفض وصول المرشّح المفروض الذي لا يؤمل منه إصلاح أو تغيير المنظومة المتحكّمة بالبلاد، وفي ظل قرار التيار منذ فترة عدم اللجوء إلى الورقة البيضاء كونها أصبحت تعبيرا عن عجز عن اتخاذ القرار المناسب، بل يتم تصويرها كعمل تعطيلي يؤدّي إلى إطالة أمد الفراغ مع كل مساوئه”.
واعتبر المجلس أن “التقاطع على هذا الترشيح قد استغرق وقته بسبب إصرار التيار على عدم تبني أي مرشّح مواجهة أو تحد لأي طرف من اللبنانيين، مستندا إلى وجوب تغليب منطق التوافق والتلاقي، الذي كان أحد الأسباب الأساسية في عدم ترشيح رئيس التيار لنفسه أو لأي من أعضائه وسحب أي ذرائع للتعطيل أو التسبّب بالفراغ، وفي الوقت نفسه استند إلى مبدأ طمأنة الجميع إلى عدم وجود أي استهداف لأي مكوّن لبناني وعدم المس بعناصر قوّة لبنان، بل بالعكس إعطاء الدفع لعنصر القوّة الأساسي المتمثّل ببناء الدولة. من هنا أيضا كان إلحاح التيار أن يترافق الاتفاق على الاسم، بالاتفاق على المقاربة وعلى البرنامج الإصلاحي والسيادي الذي يوفّر للمرشّح فرص النجاح في الوصول إلى الموقع وتنفيذ هذا البرنامج”.
وحرص المجلس السياسي الذي ترأس اجتماعه الشهري باسيل على إرسال تطمينات لحزب الله بحفاظه على “ذات السياسة المعتمدة من قبله: عدم اصطفافه في محاور خارجية أو داخلية، ورفضه المطلق أن يكون ضمن أي مشروع يستهدف أيّا من اللبنانيين بمخطّطات انقلابية لتطويقه، أو بثورات محضّرة، أو باستهدافات أمنية، أو بعقوبات خارجية، بل يدعو ويعمل للاستفادة من الاتفاقات الحاصلة في المنطقة لكي تساعد على الاستقرار الأمني والسياسي فيه، في المال والاقتصاد، خاصة وأنه أصبح محصنا ضد الاعتداءات الإسرائيلية وضد الهجمات الإرهابية بفضل المقاومة (سلاح حزب الله) والجيش اللبناني والقوى الأمنية”.
ويقول مراقبون إن التيار الوطني الحر لا يزال على ما يبدو يأمل في تغيير حزب الله لموقفه، وأن زيارة عون تستهدف الدفع بهذا الاتجاه، لكن أي ممانعة من حزب الله وإصراره على فرنجية سيعني المضي في دعم ترشيح أزعور.
وهاجمت بعض قوى المعارضة زيارة عون إلى دمشق، وقال عضو كتلة “الكتائب” النائب نديم الجميّل إن “لبنان يتّجه بخطى ثابتة نحو جهنم التي ‘بشّرنا’ بها الرئيس السابق ميشال عون، وزيارته للرئيس السوري تدلّ على امتداد هذه العلاقة التي تجلّت في عهده”، ورأى أن “اختيار رئيس الجمهورية لا يتعلّق بالأسماء بل بالنهج، وسابقا لم ننتخب ميشال عون، ليس بسبب شخصه، بل بسبب النهج الذي يأخذه من حزب الله”.
اقرأ أيضا:
ولفت الجميل في حديث إذاعي إلى “أننا نريد اليوم رئيس جمهورية يعود بنا إلى الوضعية اللبنانية السليمة داخل ساحة العالم العربي الحرّ وفي صفّ العالم المنفتح، لأن لبنان الرسمي يجب أن يحمل رايته شخص يريد لبنان الحضارة والثقافة والسلام، وخيار رئيس الجمهورية اليوم هو بين لبنان المنفتح الذي نريده ولبنان المنغمس في القضايا والمحاور الخارجية التي أقحمنا بها حزب الله”.
وأوضح أن “بالنسبة لنا ليس هناك من إحراج بالنسبة للمعركة الرئاسية بسبب تقاطعنا مع التيار على اسم أزعور، فمعركتنا مختلفة عن معركة رئيس التيار التي هي شخصية ضد رئيس تيار المردة، ولربما الرئيس عون أراد أن يرسل رسائل لحزب الله عبر بشار الأسد”.
واعتبر أن “المشكلة التي يعانيها لبنان هي ‘تسوّل’ الصلاحيات والسلطة من أمين عام حزب الله حسن نصرالله والأسد، ونرفض وصول رئيس جمهورية ‘ذمّي'”.
وكانت ولاية رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون انتهت في الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي. ودخل لبنان مرحلة الشغور الرئاسي، ولم يتمكن المجلس النيابي من انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد 11 جلسة خصصت لهذا الشأن. ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الجلسة 12 في الرابع عشر من يونيو الحالي.