ميزانية 2023 خطوة في مسار التصدي للتهرب الضريبي بالمغرب

حققت حكومة عزيز أخنوش ما عجزت عنه الحكومات المغربية السابقة بفرض ضرائب على الشركات والمهن الحرة ما من شأنه التخفيف من الخسائر الناتجة عن التهرب الضريبي وتعبئة موارد الدولة في وقت يشهد فيه اقتصاد البلاد تعثرا متأثرا بالأزمة العالمية والجفاف.
الرباط - صوت مجلس المستشارين المغربي الإثنين على قانون المالية لسنة 2023 المثير للجدل، والذي عارضته نقابات المحامين والأطباء وانتقدته عدة أطراف سياسية واجتماعية، لكن مراقبين اقتصاديين ينظرون للقانون على أنه بداية جيدة لمكافحة التهرب الضريبي.
وكان مجلس النواب قد صادق خلال جلسة عامة في نوفمبر الماضي، بالأغلبية، على مشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2023، إذ حظي المشروع بموافقة 175 نائبا، في حين عارضه 66 نائبا، وامتنع نائبان عن التصويت.
وصادق مجلس المستشارين الاثنين على تعديل جديد في مشروع القانون يخص الضريبة على القيمة المضافة بخصوص الشركات والمهن الحرة.
وتنقسم الضريبة إلى فئتين: الأولى 10 في المئة، وتطبق على الشركات والأشخاص الذاتيين الذين يشتغلون في مهن حرة ويحققون مبلغ أقل من 50000 درهم (47463 دولارا) من الأرباح، والثانية 20 في المئة وتطبق على من يحققون أرباحا أكثر من ذلك المبلغ.
وتصدر المحامون واجهة المعارضين للقانون حيث نفذوا تحركات احتجاجية ما دفع الحكومة إلى مراجعة البند المتعلق بهم حيث تم إعفاء المحامين الجدد من دفع الضريبة، في حين لوح الأطباء بالتصعيد لكنهم لم ينفذوا تهديداتهم.
وتأثر المغرب بأزمة ارتفاع الأسعار على المستوى الدولي التي تفاقمت نتيجة اندلاع الأزمة الروسية – الأوكرانية، وهو ما شكل صدمة ألقت بظلالها على الاقتصادات المتقدمة والصاعدة على حد السواء.
وكانت منظمة أوكسفام قد أشارت في تقرير صدر عام 2019 إلى أنّ المغرب يفقد ما يصل إلى 2.45 مليار دولار بسبب التهرب الضريبي والاحتيال من شركات متعددة الجنسيات… لذلك، طالب المختصون بإصلاح القانون المؤطر للجبايات في المملكة.
وقالت فتيحة خورتال المستشارة البرلمانية عن فريق الاتحاد العام للشغالين بالمغرب “إن فريقنا اختار وبإرادة حرة وواعية دعم هذه التجربة الحكومية، انتصارا للمصلحة العليا لبلادنا وأخذا بعين الاعتبار السياق الدولي الصعب، وكذلك لتدارك الفرص الضائعة التي أفلتها بلدنا بسبب تجميد الحوار الاجتماعي على عهد الحكومتين السابقتين”، مضيفة “اليوم يحدونا أمل كبير أن نتعاون جميعا حتى تتمكن بلادنا من مواجهة المخاطر التي تتهددها، وكذلك التصدي للسياق الدولي الصعب والمعقد”.
وأشادت خورتال بالتدابير التي اتخذتها الحكومة خلال السنة الأولى من عمرها للتخفيف من تداعيات الجائحة، وكذلك للتخفيف من تداعيات التقلبات الحادة التي عرفتها أسعار المواد الأولية في الأسواق الدولية، معتبرة أنها مطالبة باتخاذ المزيد منها، صونا للقدرة الشرائية.
كما أشادت المتحدثة بجو العمل الحكومي وبتماسك الأغلبية، موردة “إن تماسكها واستمراره فيه مصلحة الوطن في ظل هذا السياق الدولي الصعب”.
تقرير لمنظمة أوكسفام لعام 2019 يؤكد أن المغرب يفقد ما يصل إلى 2.45 مليار دولار بسبب التهرب الضريبي
مقابل ذلك، دعت المستشارة البرلمانية إلى تطوير التواصل الحكومي، معتبرة أنه “رغم الإجراءات المهمة التي يتم اتخاذها إلا أن التواصل حولها مازال يعاني من نوع من الفتور”، كما طالبت بفرض ضريبة استثنائية وخاصة على بعض المقاولات التي تمكنت من تحقيق أرباح مهمة في بعض القطاعات، والمواد التي عرفت أثمانها ارتفاعات كبيرة وغير مسبوقة لمواجهة الظرفية الاقتصادية الصعبة.
واعتبر محمد البكوري رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار(يقود التحالف الحكومي) بمجلس المستشارين، أن مشروع قانون المالية برسم سنة 2023 “مشروع ثوري، إرادي وطموح يواجه الأزمة بشجاعة”.
وأضاف “الحكومة صامدة، وجعلت من الأزمة حافزا وليس عائقا للتكيف مع كل ما فرضته من تقلبات اقتصادية؛ لأن مسؤولية الحكومة بل وشرعيتها تقاس بزمن الشدة لا بزمن الرخاء”.
ولفت البكوري إلى أن الحكومة عملت على حماية القدرة الشرائية للأسر وتوفير السلع والمحافظة على ثمنها المعتاد، مشيرا إلى أن الإجراءات المتخذة مكنت من ضمان تزويد السوق الوطنية بالمواد الأولية والغذائية؛ وهو ما حافظ على استقرار أسعار أغلب المنتوجات والخدمات، من خلال اتخاذ إجراءات ساهمت في الحفاظ على القدرة الشرائية والتخفيف من حدة ارتفاع الأسعار الذي حاول البعض توظيفه توظيفا سياسيا للتشويش على عمل الحكومة.
وأكد أن الحكومة واجهت هذا الوضع بالشجاعة المطلوبة وبالصبر والصمود والاشتغال في الميدان عبر الزيادة في ميزانية صندوق المقاصة لكي يبقى ثمن الخبز والكهرباء وقنينات الغاز والنقل العمومي للفقراء والطلبة في مستوياته العادية دون زيادة، عبر تخصيص دعم مباشر لمهنيي النقل حيث تراوحت الإعانات المقدمة للنقل بين 1000 درهم (100 دولار) و7000 درهم (700 دولار).