ميزانية أردنية متفائلة لتحقيق الأهداف المالية في 2023

الحكومة تتجاهل مخاطر ارتفاع العجز المالي وتمتنع عن فرض ضرائب جديدة.
الجمعة 2022/12/02
قرروا ما تشاؤون. ما يهمنا معيشتنا

تعطي الدلائل الأولية للميزانية الأردنية للعام المقبل إشارات على أن الحكومة مُصرّة على تعزيز الالتزام بتنفيذ الإصلاحات، والذي سيكون مدفوعا بإدخال البعض من التعديلات على الإنفاق العام مع مكافحة التهرب الضريبي لتحقيق المزيد من الإيرادات.

عمّان - وضعت الحكومة الأردنية كل آمالها في ميزانية 2023 للابتعاد عن تداعيات الأزمة العالمية الراهنة التي أربكت اقتصاد البلاد، رغم أنها ستجد نفسها في اختبار صعب بعدما تجاهلت مخاطر ارتفاع العجز المالي مقابل الامتناع عن فرض ضرائب جديدة.

ووافق مجلس الوزراء على مشروع ميزانية يركز على زيادة الإيرادات في إطار إصلاح أوضاع المالية العامة لتخفيف عبء الديون القياسية وتحفيز النمو الاقتصادي مع مواصلة الاعتماد على المساعدات الخارجية.

وتنظر الحكومة إلى العام المقبل بتفاؤل باعتباره حاسما في طريق تقليص العجز المالي والضغط على الديون بشكل أكبر بالتزامن مع تنفيذ برامج التنمية للابتعاد تدريجا عن المخاطر التي تسببت فيها الجائحة.

وقال وزير المالية محمد العسعس خلال مؤتمر صحفي عقده مع وزير الاتصال الحكومي فيصل الشبول مساء الأربعاء الماضي إن “مشروع الميزانية يتوقع أن تنفق الدولة 11.4 مليار دينار (16 مليار دولار) ويمهد الطريق لانتعاش النمو”.

وتقدر الحكومة أن يبلغ العجز نحو 3.6 مليار دولار مع تسجيل إيرادات بنحو 12.4 مليار دولار.

ومن المتوقع أن تجني الحكومة إيرادات أكبر حيث تقول إنها ستصل إلى نحو 13.4 مليار دولار أي بارتفاع 10.4 في المئة عن العام الجاري منها 1.13 مليار دولار في شكل منح خارجية بزيادة طفيفة عن 1.12 مليار دولار هذا العام.

محمد العسعس: الميزانية الجديدة ستمهد الطريق لتعافي النمو الاقتصادي
محمد العسعس: الميزانية الجديدة ستمهد الطريق لتعافي النمو الاقتصادي

وعادة ما يغطي الدعم النقدي المباشر من كبار المانحين العجز المزمن في الميزانية السنوية للأردن، الذي يقدر في المتوسط بنحو ثلاثة مليارات دولار.

ويعتبر الأردن في صدارة دول المنطقة العربية حصولا على المساعدات الدولية منذ سنوات بالنظر إلى عدم وجود محركات نمو نوعية سوى الاعتماد على إيرادات قطاعات معينة في مقدمتها السياحة والصادرات وقطاع الصناعة.

ويذهب ما يقرب من 60 في المئة من نفقات الدولة إلى الرواتب والمعاشات التقاعدية في بلد يبلغ معدل ناتجه الإجمالي السنوي عند نحو 50 مليار دولار.

ويعود نحو 16 في المئة من المصروفات لفوائد الدين العام، والتي زادت مع الارتفاعات المتتالية لأسعار الفائدة عالميا نتيجة الظروف في أوروبا والحرب الروسية – الأوكرانية.

كما تم تخصيص 390 مليون دولار لدعم القمح والأعلاف والشعير في الميزانية، ورصد مخصصات للبلديات واللامركزية، والحفاظ على المستوى العالي للمعونة المحلية عند 343.9 مليون دولار.

وتوقع العسعس أن يبلغ معدل التضخم في السوق المحلية خلال العام المقبل نحو 3.8 في المئة، مشيرا إلى أن هذا المعدل “من أحسن النسب عالميا”.

أما فيما يتعلق بالنفقات التشغيلية في مشروع الميزانية، الذي من المفترض أن يصادق عليه البرلمان لاحقا حتى يكون ساري المفعول، فقد رصدت الحكومة نحو 701 مليون دولار، ما يدل وفق العسعس على التزام الحكومة بضبط النفقات.

لكن وزير المالية أشار إلى أن الناتج المحلي الإجمالي قد ينخفض من 3.4 في المئة هذا العام، مع تحسن إيرادات الدولة، إذ تعزز الإصلاحات التي يدعمها صندوق النقد الدولي ضبط أوضاع المالية العامة.

وستكون الحكومة أمام تحدّ صعب لأن الحصيلة الضريبية قد لا ترتفع على النحو الذي تأمله الحكومة بعد أن نفى العسعس وجود نية لزيادتها العام المقبل.

وتعوّل الحكومة على ارتفاع الإيرادات الضريبية إلى 11.7 في المئة لتصل لنحو 9.3 مليار دولار دون فرض ضرائب جديدة لردم العجز المالي وذلك من خلال محاربة التهرب الضريبي والذي سيتيح زيادة المداخيل الجبائية بواقع 14.4 في المئة.

وبحسب العسعس، سترتفع الإيرادات غير الضريبية إلى قرابة ثلاثة مليارات دولار، وهو ما نسبته 6.6 في المئة، وهو نفس رقم النمو الاسمي.

وتشمل السياسات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي تعزيز المالية العامة بإصلاحات تهدف لمكافحة التهرب الضريبي والجمركي ما سيعزز الإيرادات وتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي لإتاحة مساحة أكبر للإنفاق الاجتماعي والبنية التحتية.

مؤشرات عن الميزانية

16 مليار دولار حجم الإنفاق الحكومي المتوقع

3.6 مليار دولار حجم العجز المالي المستهدف

12.4 مليار دولار إيرادات منها 1.12 مليار دولار مساعدات

2.7 في المئة نسبة النمو الاقتصادي المتوقع

3.8 في المئة نسبة التضخم المتوقع

وقال الصندوق الشهر الماضي إن الأردن حقق معظم الأهداف المالية والنقدية منذ بدء برنامجه الإصلاحي في مارس 2020، مما أدى إلى إغلاق الثغرات الضريبية وتوسيع القاعدة الجبائية.

كما اعتبر خبراء الصندوق أن البرنامج المتفق عليه مع الحكومة الأردنية ساهم في المحافظة على بقاء حوالي 16 مليار دولار من الاحتياطيات الكافية من العملات الأجنبية في خزائن البنك المركزي.

وقال العسعس إنه من المتوقع أن يظل معدل النمو في العام المقبل عند 2.7 في المئة، وهو نفس المستوى المتوقع لهذا العام على الرغم من الركود العالمي وارتفاع أسعار الفائدة.

وقال صندوق النقد الدولي إن النمو في الأردن تسارع في عام 2022 على الرغم من الاضطرابات الاقتصادية العالمية مدعوما بالتقدم القوي في الإصلاحات الهيكلية التي يدعمها صندوق النقد الدولي والتي عززت الاقتصاد ودعمت استقرار الاقتصاد الكلي.

وساعد التزام الأردن بإصلاحات صندوق النقد وثقة المستثمرين في تحسن النظرة المستقبلية لاقتصاد البلد على الحفاظ على التصنيفات السيادية المستقرة في وقت يتم فيه خفض تصنيف الأسواق الناشئة الأخرى.

وفي أكتوبر الماضي رفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني توقعاتها للأردن من مستقرة إلى إيجابية ليرتفع تصنيفها العام من بي 1 مع نظرة مستقرة إلى بي 1 سالب مع نظرة إيجابية.

وأكد العسعس أن التزام بلاده بإصلاحات صندوق النقد وثقة المستثمرين في تحسن توقعات أداء الاقتصاد في المستقبل ساعدا في الحفاظ على تصنيفات سيادية مستقرة في وقت يتم فيه خفض تصنيف الأسواق الناشئة الأخرى.

10