ميركل من لبنان: عودة النازحين يجب أن تتم بالتنسيق مع الأمم المتحدة

بيروت - أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في ختام زيارتها إلى لبنان الجمعة، أن عودة اللاجئين السوريين يجب أن تتم بالتنسيق مع الأمم المتحدة. وجاء ذلك في وقت أعلنت وزارة الخارجية اللبنانية عن التوصل إلى حل وسط مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين على خلفية التوتر الذي شاب العلاقة بين الطرفين في الفترة الماضية.
وكان وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل قد أبلغ في وقت سابق من الشهر الحالي المفوضية التابعة للأمم المتحدة بإيقاف طلبات الإقامة المقدمة لصالح موظفيها، متهما إياها بـ”عدم تشجيع النازحين السوريين على العودة لا بل وتخويفهم” من ذلك.
وقالت ميركل في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في السراي الحكومي ببيروت “أكدتُ للمسؤولين أن عودة اللاجئين السوريين لا يمكن أن تتم إلا عبر اتفاق ومحادثات مع منظمات الأمم المتحدة”.
ويتحفّظ المجتمع الدولي على طريقة التعاطي اللبناني مع ملف اللجوء، حيث أن الأخير يصر على إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، خاصة مع عودة الهدوء لمناطق واسعة بعد سيطرة النظام السوري عليها. وبالمقابل يرى الغرب أن ذلك لا بد أن يتم بعد ضمان عودة الاستقرار إلى هذا البلد الذي يشهد نزاعا دمويا منذ العام 2012.
ويستضيف لبنان بحسب مسؤولين محليين نحو مليون ونصف لاجئ سوري، بينما تتحدث مفوضية شؤون اللاجئين عن وجود أقل من مليون لاجئ مسجلين لديها. وكرر مسؤولون لبنانيون في الأشهر الأخيرة المطالبة بضرورة عودة اللاجئين إلى مناطق توقفت فيها المعارك في سوريا.
ويقود الرئيس ميشال عون وصهره وزير الخارجية جبران باسيل الحملة المطالبة بإعادة النازحين، وتم اتخاذ جملة من الخطوات في الأشهر الأخيرة اعتبرت تجاوزا للمفوضية العليا التابعة للأمم المتحدة، وذلك بالتعاون مباشرة مع دمشق لعودة المئات من النازحين.
وأدت هذه الخطوة اللبنانية إلى توتر بين الخارجية والمفوضية في أبريل الماضي حين أعلنت المفوضية عدم مشاركتها في عملية غادر بموجبها 500 لاجئ جنوب لبنان إلى سوريا بموجب اتفاق بين الأمن العام اللبناني والسلطات السورية.
الحريري يوشك على تشكيل الحكومة الجديدة
بيروت - أعلن رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري الجمعة أنه يوشك على تشكيل حكومة جديدة وسيعقد المزيد من المحادثات مع الأحزاب الرئيسية في البلاد. ويحتاج لبنان، الذي أجرى انتخابات برلمانية في مايو، إلى تشكيل الحكومة سريعا للحفاظ على ثقة المجتمع الدولي وبدء العمل على الإصلاحات لمساعدة الاقتصاد المتداعي. وحذر وزير المالية علي حسن خليل هذا الأسبوع من أن لبنان لا يحقق إنجازات سريعة بما يكفي في ما يتعلق بتشكيل مجلس الوزراء الجديد مشيرا إلى أنه لم ير تقدما جادا في الأمر.
وأوضح الحريري بعد اجتماع مع الرئيس ميشال عون “أصبحنا قريبين جدا من المرحلة الأخيرة... بقي قليلا من المشاورات وإن شاء الله واصلين” لكنه لم يحدد إطارا زمنيا للخطوة. وعقد الحريري اجتماعات مع نواب بشأن تشكيل الحكومة الائتلافية فيما ظهرت بعض الخلافات بشأن الحقائب الوزارية.
ومن المتوقع أن تشمل الحكومة الجديدة مثل سابقتها ممثلين عن كل الطوائف اللبنانية بموجب نظام المحاصصة السياسية. وتدير حكومة تصريف أعمال شؤون البلاد منذ انتخابات مايو. وحققت جماعة حزب الله وحلفاؤها السياسيون أكبر نسبة من الأصوات في الانتخابات. وقال الحريري في وقت سابق خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن لبنان ملتزم بتطبيق الإصلاحات المطلوبة.
وتصاعد التوتر هذا الشهر مع إرسال المفوضية وفدا لمنطقة عرسال اللبنانية الحدودية مع سوريا لمعاينة دفعة أخرى من النازحين تستعد للعودة، ومعرفة ما إذا كانت هذه العودة طوعية أم أنها جاءت نتيجة لضغوط تعرضوا لها، وأثار ذلك باسيل الذي أقدم على تعليق طلبات إقامة موظفي المفوضية العليا ملوحا بإجراءات تصعيدية أخرى.
ونشطت في الأيام الماضية الاتصالات لرأب الصدع بين الطرفين، وأعلنت وزارة الخارجية اللبنانية، الجمعة، التوصل إلى اتفاق مبدئي بعد موافقة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين على اقتراحها القاضي بتقسيم السوريين إلى فئات تمهيدا لتنظيم عودتهم.
وقالت الخارجية اللبنانية في بيان إن “المفوضية الأممية أبدت استعدادها لعقد سلسلة اجتماعات مع وزارة الخارجية ومع الوزارات والإدارات والهيئات المعنية للتشاور في موضوع النازحين وعودتهم إلى سوريا”.
وأضاف البيان أن المفوضية أكدت على عملها الدائم داخل سوريا لإزالة العوائق أمام العودة “الكريمة والآمنة”. وشدّدت المفوضية الأممية على أنها لا تشجع العودة الآن لكنها لن تقف بوجه من يريدون العودة الطوعية سواء كانوا أفرادا أو جماعات.
وخلال المؤتمر الصحافي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أكد رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري “أن الحل الدائم الوحيد للنازحين السوريين هو في عودتهم إلى سوريا بشكل آمن وكريم”، مضيفا “متمسكون بموقفنا بعودة النازحين في أسرع وقت ممكن”.
وسبق وأن وجه الحريري انتقادات لوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال التي يقودها بشأن تصعيده ضد المفوضية العليا، ويتبنى رئيس الوزراء خيار التعاطي مع الأمم المتحدة لتسوية هذا الملف.
ويقول مراقبون إن تحركات باسيل وأيضا رئيس الجمهورية نابعة في الأساس من هاجس توطين اللاجئين في لبنان، وما لذلك من تداعيات على التركيبة الديموغرافية للبلاد (توسيع الهوة بين المسيحيين والمسلمين).
وقال الحريري”نسمع كلاما كثيرا عن التوطين منذ أيّام اللاجئين الفلسطينيين ولكن هل تمّ توطين أحد؟ إنّ مخاوف بعض اللبنانيين من التوطين محميّة من الدستور، وعلينا احترامه والعمل مع المجتمع الدولي على عودة النازحين في أسرع وقت بطريقة آمنة، ولا يُمكن لأيّ بلد فرض توطين أيّ سوري في لبنان”.