ميامي اقتصادي برعاية سعودية لمنع تكرار ضغوط ترامب

واشنطن - من المنتظر أن يشارك الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مؤتمر لكبار المسؤولين الماليين والتنفيذيين في شركات تكنولوجيا من مختلف مناطق العالم سيستضيفه صندوق الاستثمارات العامة السعودي، صندوق الثروة السيادي للمملكة، في مدينة ميامي الأميركية هذا الشهر.
ويرجح أن يكون الهدف من المؤتمر جلب ترامب إلى مربعه التقليدي كرجل أعمال يضع أولوية قصوى لتجميع الأموال وعقد الصفقات، والحد من تركيزه على إطلاق مواقف سياسية متشددة غير مدروسة ويمكن أن تزيد من منسوب التوتر خاصة في الشرق الأوسط، وهو ما يريد السعوديون تجنبه لكونه يتناقض مع خطط ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لإقامة مشاريع عملاقة وفق رؤية السعودية 2030.
وعملت الرياض خلال السنوات الماضية على تهدئة التوترات في المنطقة من خلال التقارب مع إيران وإقامة حوار مع الحوثيين لوقف حرب اليمن. ويريد السعوديون أن يوفروا الجهد والوقت للتفرغ لخططهم الاستثمارية الكبرى.
◙ خلط الأوراق الذي يقوم به ترامب في الملف الفلسطيني سيعيق مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل ويجعله أكثر صعوبة
وإذا أصرّ ترامب على تحقيق فكرة تهجير الفلسطينيين من غزة ومطالبة الدول العربية باستقبال أعداد كبيرة منهم والإنفاق على عملية التوطين فإن ذلك سيؤثر سلبا على مناخ الاستقرار الإقليمي الذي تريده السعودية، كما أنها قد تجد نفسها مضطرة إلى الإنفاق على توطين الفلسطينيين، ما يربك خططها ومشاريعها الاستثمارية الكبرى.
وليس معروفا ما إذا كان الرئيس الأميركي سيلتقط الإشارة السعودية أم أنه سيتمسك بالاستفادة من الاستثمارات الكبرى التي من المنتظر أن يجلبها مؤتمر ميامي وفي الوقت نفسه الاستمرار في خلق مناخ من التوتر الإقليمي بأفكاره المثيرة مثل ترحيل سكان غزة و”منح” الضفة لإسرائيل.
وكانت السعودية من بين الدول العربية التي سارعت إلى التنديد بخططه لنقل الفلسطينيين من غزة. وفي بيان سابق أكدت وزارة الخارجية السعودية “رفضها القاطع.. السعي لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.”
ويعتقد مراقبون أن خلط الأوراق الذي يقوم به ترامب في الملف الفلسطيني سيعيق مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل ويجعله أكثر صعوبة، مشيرين إلى أن الرياض تجد صعوبة في المغامرة باتخاذ مثل هذه الخطوة في وقت يبدو فيه المزاج الشعبي السعودي ضد إسرائيل بسبب حرب أكتوبر 2023.
وبغض النظر عن المدى الذي يمكن أن يصل إليه الخلاف في تقييم الملفات الإقليمية، فإن السعودية مهمة بالنسبة إلى ترامب، وهو لا يخفي رهانه عليها لضخ الاستثمارات في الاقتصاد الأميركي.
وبعد أن وعد ولي العهد السعودي بتعزيز استثمارات بلاده والعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة بـ600 مليار دولار، قال ترامب إنه سيطلب من السعودية زيادة حزمة الاستثمارات المزمعة في الولايات المتحدة إلى تريليون دولار.
وبعد فوزه بالانتخابات قال ترامب مازحا إنّ تعهدات مالية كبيرة قد تقنعه بأنْ تكون السعودية مجددا أول بلد يزوره. وأضاف “فعلت ذلك مع السعودية في المرة الماضية لأنها وافقت على شراء ما قيمته 450 مليار دولار من منتجاتنا.”
وتابع مازحا أيضا أنه سيكرر الزيارة “إذا أرادت السعودية شراء ما قيمته 450 أو 500 مليار دولار أخرى (…) فسوف نزيدها بمواجهة التضخم،” وهو ما ردت عليه السعودية برغبتها في توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة في السنوات الأربع المقبلة بمبلغ 600 مليار دولار.
وينتظر أن يكون مؤتمر ميامي فرصة لتدعيم التقارب بين ترامب والقيادة السعودية. وأظهر الموقع الإلكتروني لمبادرة مستقبل الاستثمار أن من بين الحضور في مؤتمر “أولوية مبادرة مستقبل الاستثمار” شو زي تشيو الرئيس التنفيذي لتيك توك وصفرا كاتس الرئيسة التنفيذية لشركة أوراكل، بالإضافة إلى ياسر الرميان محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي تبلغ قيمة أصوله 925 مليار دولار.
وكان ترامب يتمتع بعلاقات وثيقة مع دول الخليج خلال ولايته الأولى، بما في ذلك السعودية التي استثمرت ملياري دولار في شركة يملكها جاريد كوشنر صهر ترامب ومعاونه السابق.
وتخطط مؤسسة ترامب لبناء برج ترامب في العاصمة السعودية الرياض في إطار التوسع العقاري في المنطقة. ودعا ترامب السعودية ومنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إلى خفض أسعار النفط.
وأظهرت بيانات حكومية أن قيمة الصادرات الأميركية من السلع إلى السعودية أعلى بكثير من الاستثمار الأجنبي المباشر السعودي في الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية.