موقف الأمم المتحدة يزيد من التركيز على مسؤولية الانقسام في كارثة إعصار دانيال

بيتيري تالاس: كان من الممكن تجنب معظم الخسائر البشرية في ليبيا.
الجمعة 2023/09/15
فوضى الإدارة الحكومية كانت سببا رئيسيا في حجم الكارثة

أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة الخميس أنه كان من الممكن تفادي سقوط معظم الضحايا جراء إعصار دانيال الذي خلف قرابة أربعة آلاف قتيل والآلاف من المفقودين في شرق ليبيا، وسط انتقادات لتواصل حالة الفوضى المخيمة على البلد واستمرار الصراع الداخلي الذي قسّم الليبيين.

بنغازي (ليبيا) - جاء موقف المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة ليزيد من التركيز على مسؤولية الانقسام السياسي وانشغال الحكومتين بالخلافات السياسية، في ارتفاع حجم خسائر إعصار دانيال الذي ضرب شرق ليبيا الأحد.

وقال الأمين العام للمنظمة بيتيري تالاس، بمدينة جنيف السويسرية، الخميس، إن استخدام أنظمة الإنذار المتقدمة “كان من شأنه أن يقلل من الخسائر البشرية والأضرار الناجمة عن الفيضانات المدمرة” في ليبيا.

وأضاف تالاس “لو كان هناك تحذير مسبق (باستخدام أنظمة الإنذار المتقدمة) لكان من الممكن تجنب معظم الخسائر البشرية في ليبيا”.

وبخصوص الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الفيضانات، قال أمين عام المنظمة “بالطبع، لا يمكننا تجنب الخسائر الاقتصادية بشكل كامل، ولكن كان بإمكاننا أيضا تقليل تلك الخسائر إلى الحد الأدنى”، دون ذكر تفاصيل أكثر.

العديد من الليبيين ألقوا باللوم على إخفاق السياسيين في صيانة السدين وترميم البنية التحتية

أودت سيول وفيضانات كارثية بحياة الآلاف في مدينة درنة بشرق ليبيا وجرفت في طريقها أحياء بأكملها، وقذفت بالجثث في البحر. ولا يزال الآلاف في عداد المفقودين.

ومع استمرار جهود الإنقاذ، أطلقت الأمم المتحدة نداء عاجلا من أجل مساعدة متضرري الفيضانات في ليبيا، يهدف إلى جمع مساعدات بقيمة 71 مليون دولار تقريبا.

وركزت الأمم المتحدة على الخوف المتزايد من الجثث التي لا تزال تحت الأنقاض أو مغمورة في مياه السيول، إذ قد تؤدي إلى انتشار الأوبئة والأمراض، وترفع أعداد المتضررين إن لم ترسل “مساعدات فورية وكافية” لحماية من تبقى من الأحياء، ولم تسرع وتيرة تنظيف المناطق المتضررة.

وألقى العديد من الليبيين باللوم على إخفاق السياسيين في صيانة السدين وترميم البنية التحتية.

وقال رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إنه كان من الممكن تجنب العديد من الضحايا لو كانت خدمة الأرصاد الجوية في ليبيا تعمل بشكل صحيح.

رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية يقول إنه كان من الممكن تجنب العديد من الضحايا لو كانت خدمة الأرصاد الجوية في ليبيا تعمل بشكل صحيح

وما يعمق صعوبات عمليات الإنقاذ، غياب حكومة موحدة في البلاد، وحالة السيولة والفوضى الشائعة بفعل الصراعات السياسية المشتعلة منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011.

ويقول مراقبون إن حضور المسؤولين بحكومتي أسامة حماد، والوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة اقتصر على التصريحات الإعلامية دون مواكبة الأحداث على أرض الواقع مع الاكتفاء بمتابعة عمليات الإنقاذ، وتقديم المساعدات للمنكوبين، وهو ما يعيق جهود الإنقاذ لأن السلطات المختلفة غير قادرة على الاستجابة بسرعة لكارثة طبيعية.

من جهتها، قالت وكالة أسوشيتد برس إن العاصفة دانيال التي تسببت في خسائر بشرية ومادية فادحة في ليبيا “هي أحدث ضربة لبلد مزقته سنوات من الفوضى والانقسام”، لافتة إلى أنه بعد سنوات من الحرب وغياب الحكومة المركزية، تهالكت البنية التحتية وباتت غير قادرة على التعامل مع الفيضانات.

وأشارت إلى وجود حكومتين متنافستين على السلطة، وقد تعهدتا بشكل منفصل بمساعدة جهود الإنقاذ في المناطق المتضررة من الفيضانات، لكن لا يبدو أنهما تتعاونان، كما أن دعم القوى الإقليمية والعالمية أدى إلى ترسيخ الانقسامات في البلاد. واندلع في أغسطس الماضي، قتال بين ميليشيات متنافسة في العاصمة طرابلس، وأسفر عن مقتل 45 شخصا على الأقل، ما يعكس النفوذ الذي تتمتع به الجماعات المسلحة في جميع أنحاء ليبيا.

ويؤكد استنفار جميع المؤسسات تجاه ما يحدث في شرق البلاد على ضرورة أن تعمل مؤسسات الدولة تحت سلطة تشريعية وتنفيذية واحدة بعيدا عن الانقسام بين الشرق والغرب، وهي مبادرة يعمل عليها مجلسا الأعلى للدولة والنواب.

وأوعز رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة، الأربعاء، بفتح “تحقيق عاجل” في أسباب انهيار سدي درنة شرقي البلاد خلال الإعصار الذي أودى بحياة الآلاف.

Thumbnail

وقال الدبيبة في بيان مقتضب عبر حسابه الرسمي على منصة إكس “خاطبت المستشار النائب العام بفتح تحقيق عاجل في ملابسات انهيار سدي درنة، ووجهت الأجهزة المعنية بالتعاون الكامل في ذلك”.

وفي وقت سابق، قال وكيل وزارة الصحة بحكومة الوحدة سعدالدين عبدالوكيل، إن “عدد قتلى الفيضانات في مدن شرق ليبيا تجاوز 6 آلاف والمفقودين بالآلاف” دون ذكر عددهم.

وأضاف أن “حصيلة الوفيات تعتبر أولية وهذه إحصائية لكل المناطق المتضررة جراء الفيضانات ومدينة درنة سجلت العدد الأكبر”، مرجحا ارتفاع الحصيلة في الساعات القادمة.

وبسبب انهيار السدين في الوادي الذي يعد المكان الوحيد الذي تجتمع فيه المياه المنحدرة من كافة وديان الجبل الأخضر الليبي بشرق البلاد، كان أغلب من لقوا مصرعهم من درنة.

ووفق المؤرخ الليبي فرج داود الدرناوي، فإن “جميع مناطق شرق ليبيا عدا بنغازي تقع بمحاذاة أو وسط الجبل الأخضر الضخم، إلا أن وقوع نصف درنة تحت مجرى الوادي هو السبب في ارتفاع حجم الأضرار البشرية والمادية في المدينة”.

وذكر الدرناوي أن “وادي درنة هو مصب لكل السيول القادمة من جنوب درنة من مناطق المخيلي والقيقب والظهر الحمر والقبة والعزيات”.

وبعد امتلاء وادي درنة بفعل إعصار دانيال، قال المؤرخ الليبي “انهار اثنان من السدود التي كانت الضامن الوحيد لاحتباس مياه السيول المنحدرة من أعالي مناطق الجبل فكانت الكارثة المحققة”.

4