موقع بومبي الأثري يكشف عن تمائم للسحر والشعوذة

روما – كشف موقع بومبي الأثري الإيطالي النقاب الاثنين عن كنوز جديدة اكتُشِفَت خلال عمليات التنقيب الأخيرة في المدينة الرومانية التي طمرها ثوران بركاني قبل نحو ألفَي عام، بينها تمائم كانت تستخدم للسحر.
وعثر علماء الآثار داخل أحد الصناديق على العشرات من الخواتم والتماثيل الصغيرة وتمائم الحظ، صُنِعَت من العاج أو البرونز أو الخزف أو الكهرمان، لكنّ هذه التمائم لم تكن على ما يبدو كافية لحماية المدينة القديمة من بركان فيزوفو الذي صبّ جام غضبه عليها في أكتوبر من سنة 79 بعد الميلاد، أي بعد ستة أشهر مما كان يعتقد سابقا أنه تاريخ ثورانه.
وأوضح ماسيمو أوسانا، مدير حديقة بومبي الأثرية، أن “من أكثر ما يثير الفضول” في محتويات الصندوق المكتشَف “تمائم يبدو أنها كانت تخص امرأة أو رجلا من مستخدمي السحر”.
وكان أوسانا يتحدث بمناسبة افتتاح متحف “أنتيكواريوم” الذي خضع للتجديد ويتضمن تماثيل برونزية ولوحات جدارية ومجوهرات ذهبية وفضية، وغيرها. ولم يكتشف علماء الآثار إلى اليوم سوى ثلث الموقع الذي يمتد راهنا على مساحة تزيد عن 44 هكتارا على مقربة من مدينة نابولي.
وأضاف أوسانا “لدينا هنا بعض أهم الأشياء المكتشفة منذ القرن التاسع عشر. وأنتيكواريوم يعرّف للزائر تاريخ بومبي على مدى قرون، حتى يوم ثوران البركان”.
واعتبر أن القسم المخصص للأيام الأخيرة التي عاشتها المدينة هو “الأكثر إثارة للمشاعر” في المتحف.

وأشرف أوسانا الذي يتولى إدارة بومبي منذ عام 2014 على مشروع إعادة تأهيل ضخم موّل الاتحاد الأوروبي جانبا كبيرا منه، وأعاد المشروع الحياة إلى هذا الموقع الذي عانى صيانة سيئة وتدهورا مقلقا رغم كونه مصنفا ضمن التراث العالمي لليونسكو.
واكتشف علماء الآثار في ديسمبر الماضي ما يُعرَف بثيرموبوليوم، وهو بمثابة نقطة لبيع “وجبات سريعة”، وكان شائعا جدا في العالم الروماني. ووُجِد هذا الثيرموبوليوم في حالة حفظ ممتازة إذ جمّده الرماد البركاني.
وتقع هذه المنضدة المزيّنة بزخارف متعددة الألوان في منطقة كانت مزدحمة جدا، عند تقاطع “شارع الأعراس” و”شارع الشرفات”.
ووجد الباحثون بالإضافة إلى لوحة جدارية تمثل نيرييدس (حورية بحر) على حصان، حيوانات مرسومة بألوان زاهية أبرزها دواجن وبط كانت تؤكل مع النبيذ أو مشروبات ساخنة.
كما عثروا في تجاويف المنضدة على نقوش تمثل أنواعا من الأغذية التي يمكن أن توفر معلومات قيمة عن عادات الطعام في بومبي في وقت ثوران بركان فيزوفو عام 79 بعد الميلاد.
وداخل الأواني الطينية وُجِد جزء من عظمة بطة، وبقايا لحوم وأسماك وقواقع. وكانت مكونات عدة تُطهى معا، كما في طبق الباييا الإسباني.
وكان موقع بومبي مغلقا في الأشهر الأخيرة كمعظم المواقع الثقافية الإيطالية بسبب جائحة كورونا، وأعيد افتتاحه في 18 يناير الحالي، لكنه لا يزال شبه مهجور، ولا يتجاوز متوسط عدد زواره المئة يوميا، علما أنه كان يبلغ ثمانية آلاف في الأوقات العادية.

وقال أوسانا “لقد فقدنا 80 في المئة من زوارنا، وبالتالي 80 في المئة من عائدات التذاكر لدينا”، مشيرا إلى أن الموقع حصل على دعم من وزارة الثقافة لتعويض هذا الربح الضائع.
وبدا الموقع شبه مهجور الاثنين إلا من الصحافيين الذين حضروا لتغطية افتتاح المتحف ومن علماء الآثار والحراس والمرشدين العاطلين عن العمل والذين ينتظرون عبثا حتى الآن عودة السياح.
واستقبلت المدينة الأثرية نحو 3.9 مليون زائر عام 2019 مما جعلها الموقع الثالث الأكثر جذبا للسياح في إيطاليا بعد الكولوسيوم في روما و”متحف أوفيزي” في فلورنسا.
ويرى أوسانا أن المرحلة الراهنة تشكّل وقتا مناسبا تماما لزيارة بومبي. وقال “كأن الزائر يرى روح بومبي. إنها مدينة مهجورة، ومشهدها من دون سياح لربما يدفع زائرها إلى أن يفكر أكثر بالكارثة المروعة التي أودت بكل أشكال الحياة في هذه المدينة وجعلت الصمت يسود مكانا نابضا”.
