موعد لحسم رئاسة البرلمان العراقي وسط محاولات لعرقلة الجلسة

بغداد – وجه الإطار التنسيقي الذي يضم القوى الشيعية باستثناء التيار الصدري دعوة إلى البرلمان العراقي لعقد جلسة خاصة السبت المقبل، لاختيار رئيس جديد له بعد نحو عام كامل من شغور المنصب، فيما يسعى رئيس مجلس النواب المقال محمد الحلبوسي إلى عرقلة الجلسة المقبلة.
ودعا التحالف في بيان صدر عقب اجتماعه الدوري بحضور رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وقادة الإطار التنسيقي في ساعة متأخرة من ليلة الاثنين "أعضاء مجلس النواب، لعقد اجتماع السبت القادم لحسم رئاسة المجلس ووضع حد لشغور هذا المنصب المهم طوال الفترة الماضية".
وجاء البيان على عكس الأجواء السياسية الحالية والتي تؤكد استمرار الخلافات بين القوى السياسية السنية حول المنصب الذي استقر العرف السياسي المعمول به في البلاد بعد العام 2003 أن يكون من نصيبها.
فبعد أن كان ملف اختيار رئيس للبرلمان مهملا لنحو عام، عاد إلى الواجهة مجددا مع تدخل الإطار التنسيقي، الذي بدا وكأنه قرر حسم الملف بشكل سريع، متجاوزا الانقسامات الداخلية التي كانت تعرقل الاتفاق على شخصية واحدة لتولي المنصب.
وتشير الأحداث الأخيرة إلى أن الإطار التنسيقي، بعد جولات من التفاوض والضغط السياسي، قرر الالتفاف حول اسم محمود المشهداني، رئيس البرلمان الأسبق، ليكون البديل المنتظر لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي.
فقد أكد تحالف الفتح بزعامة هادي العامري، الجمعة الماضي، أن المرشح محمود المشهداني الأقرب لرئاسة مجلس النواب العراقي، فيما كشف عن سعي الإطار التنسيقي لعقد جلسة الانتخاب.
وقال النائب عن التحالف مختار الموسوي في تصريح لموقع "بغداد اليوم"، إن "غالبية القوى السياسية داعمة ومؤيدة للمشهداني خاصة بعد اعلان دعمه من قبل تحالفي العزم والسيادة وقبلها اعلان ترشيحه من قبل حزب تقدم، وهذا يعني دعم أغلبية القوى السياسية السنية له، ولهذا أصبح هو الأقرب".
وأوضح أن "الإطار التنسيقي يسعى إلى عقد جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب خلال الأيام المقبلة، فهو يريد حسم الملف سريعا كونه أثر سلبا على مجمل العملية السياسية ".
ويثير هذا التوجه تساؤلات حول الأسباب التي دفعت الإطار إلى إعادة فتح الملف الآن، خاصة بعد أن كان ملف البرلمان قد اختفى تقريبا من أجندة الاجتماعات السياسية في الأشهر الأخيرة.
ومن شأن تدخل الإطار التنسيقي لحسم ملف رئاسة البرلمان أن ينهي هذا الشغور الذي طال أكثر من اللازم، في ظل الوضع الإقليمي الملتهب والذي يبدو أن يحتم على القوى السياسية تجاوز خلافاتهم السياسية الداخلية وتركها جانبا في الوقت الراهن على الأقل لضمان الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.
كما من شأنه أن يزيد في تعقيد المشهد فالمنافسة على المنصب لم تكن مقتصرة على المشهداني فقط، اذ ان سالم العيساوي مرشحًا بارزًا أيضًا، وقد تمكن من الاقتراب من الفوز بالمنصب في انتخابات سابقة، إلا أن التسريبات الأخيرة تفيد بأنه رفض الانسحاب من السباق بعد جولات من التفاوض المكثف.
ويبدو أن الدعم للمشهداني لم يأت من دون تضحيات سياسية من أطراف الإطار التنسيقي نفسه، إذ تشير المعطيات الداخلية في الإطار التنسيقي وفي مقدمتهم نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق، قرروا تجاوز خلافاتهم الداخلية وتوحيد رؤيتهم حول شخصية واحدة، وذلك في ظل ما يمكن اعتباره جهودا لتحصين "الجبهة الداخلية" في مواجهة التوترات الإقليمية التي قد تنعكس على الوضع العراقي، خصوصا مع تصاعد الأزمات في لبنان وفلسطين.
وفي خضم هذه التطورات، يبقى السؤال هو ما إذا كان المشهداني سيتمكن من الحصول على الدعم الكافي من النواب للوصول إلى المنصب، حيث الجلسة المقررة لاختيار رئيس البرلمان قد تتحول إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية، خصوصا مع بقاء احتمال أن يرفض بعض النواب الحضور، وهو ما قد يعيق التصويت اللازم، لكن حتى الآن، يبدو أن التوافق الذي تم التوصل إليه يضع المشهداني في موقف قوي، مدعوما بتحالفات داخلية وخارجية واسعة.
وفي موازاة تحركات الإطار التنسيقي، يواصل الحلبوسي عرقلة انتخاب أي بديل له رغم شغور منصب رئاسة مجلس النواب لما يقارب 11 شهراً، وفق ما أكد الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم في تصريح لوكالة "بغداد اليوم".
وقال الحكيم "رغم كل الحراك السياسي طيلة الأشهر الماضية والوساطات المختلفة لحسم انتخاب رئيس مجلس النواب العراقي، مازالت هناك معرقلات واضحة لحسم الأمر من قبل الحلبوسي لعدم انتخاب أي بديل له"، مؤكدا انه "يريد المنصب أن يبقى شاغرا لحين انتهاء الدورة البرلمانية الحالية".
وبين أن "الحلبوسي يخشى وصول أي شخصية لرئاسة البرلمان في الوقت الحالي، حتى وان كانت من نفس حزبه"، لافتا إلى أنه "يخشى خسارة نفوذه السياسي، خاصة ونحن مقبلون على انتخابات برلمانية، ولهذا هو يعرقل أي حراك بهدف انتخاب رئيس جديد للبرلمان، ولهذا هو ومن معه هددوا بإفشال أي جلسة انتخاب تعقد خلال الأيام المقبلة".
وكانت المحكمة الاتحادية العليا "أعلى سلطة قضائية في العراق"، قد قررت في 14 نوفمبر 2023، إنهاء عضوية رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، على خلفية دعوى قضائية رفعها ضده النائب ليث الدليمي اتهمه فيها بتزوير استقالة له من عضوية مجلس النواب، وعلى إثره قضت المحكمة الاتحادية بإنهاء عضويتهما.
وعلى الرغم من الخروقات القانونية والدستورية العديدة، وفضيحة التزوير التي أعلن عنها القضاء العراقي، إلا أن رئيس مجلس النواب المقال محمد الحلبوسي، وفق ما يرى متتبعون، مازال يستخدم النفوذ من اجل تعطيل اختيار رئيس جديد للبرلمان بعد ثلاث جلسات تمت دون تمرير البديل.
وتنتظر جميع الأوساط السياسية والشعبية التصويت على رئيس مجلس النواب الجديد لإنهاء حقبة الحلبوسي، وسير أعمال مجلس النواب، من أجل إتمام الدور الرقابي والتشريعي الأساسي للمجلس.