موعد الانتخابات البرلمانية مدار مزايدات سياسية في العراق

مسعى حقيقي لتأجيل الاستحقاق أم دعاية سياسية ضد رئيس الوزراء.
الأربعاء 2025/04/09
تشوهات في الديمقراطية العراقية جعلت الصناديق جزءا من المشكلة لا وسيلة للحل

يركّز رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي دعايته الانتخابية المبكّرة على التقليل من حظوظ رئيس الوزراء الحالي محمّد شياع السوداني في الحصول على ولاية ثانية على رأس السلطة التنفيذية، التي يبدو أنّ قيادتها لا تزال ضمن طموحات زعيم ائتلاف دولة القانون الذي يرى في شعبية السوداني أبرز عائق أمام تحقيق هدفه.

بغداد - أعلنت قوى سياسية عراقية، من بينها أحزاب مشكّلة للإطار التنسيقي الشيعي الحاكم، رفضها القطعي لتأجيل الانتخابات البرلمانية المقرّر إجراؤها في الربع الأخير من العام الجاري.

وقالت مصادر سياسية عراقية إنّ رفض التأجيل جاء بالتوافق بين قوى فاعلة داخل الإطار وزعيم ائتلاف دولة القانون رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي برز خلال الفترة الأخيرة كمدافع عن الاستحقاق الانتخابي وحمايته من التزوير واستخدام السلطة والمال العام، فيما الهدف المباشر للرجل هو منع رئيس الوزراء الحالي محمّد شياع السوداني من الحصول على ولاية ثانية على رأس الحكومة تبدو في متناوله بفعل الصعود في شعبيته نتيجة النجاحات النسبية التي حققها خلال ولايته الأولى التي تشارف على نهايتها.

وبرز المالكي مؤخّرا بتحذيراته مما سمّاه “خطرا يحيط بالعملية الانتخابية،” ودعواته “لحماية الانتخابات من التلاعب وبذل الأموال لأجل إفسادها.”

وقالت المصادر إنّ التركيز الاستثنائي لزعيم ائتلاف دولة القانون على الانتخابات يوحي بأنّه لا يزال طامحا إلى العودة لقيادة السلطة التنفيذية سواء بشكل مباشر عبر تولّي منصب رئيس الوزراء أو باختيار أحد ثقاته وأتباعه للمنصب ليكون هو بمثابة “المرشد” للحكومة والمتحكّم في خيوطها من وراء الستار.

جمانة الغلاي: ملتزمون دستوريا وقانونيا بإجراء الانتخابات في موعدها
جمانة الغلاي: ملتزمون دستوريا وقانونيا بإجراء الانتخابات في موعدها

وأوضحت أنّ التوافق على عدم التأجيل جاء للملمة الخلافات الحادّة داخل الإطار التنسيقي وغير المنفصلة عن الموعد الانتخابي نفسه حيث عرقلت قوى الإطار مساعي رئيس الوزراء الأسبق لتمرير تعديلات للقانون الانتخابي تمّ تفصيلها لتصب في غير مصلحة السوداني.

وفشل المالكي في محاولته التقرّب من زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر أملا في تجاوز ما بينهما من عداء مستحكم وبناء علاقة تحالف سياسي جديدة معه.

ووفقا للمصادر ذاتها كان المالكي، في أدنى الحالات، يأمل في إقناع الصدر بالمشاركة في الانتخابات لضمان عدم ذهاب أصوات جمهوره إلى السوداني، وهو ما لم يتحقق حيث أعلن زعيم التيار عن عدم المشاركة.

ويضعف الخلاف مع الإطار موقف المالكي ويفتح الطريق للمزيد من تراجع مكانته على الساحة السياسية العراقية ومنزلته في النظام القائم بعد أن ظلّ لسنوات طويلة من أبرز الفاعلين فيه على الرغم من الحصيلة السلبية لفترتي رئاسته للحكومة بين سنتي 2006 و2014.

ونفى مصدر قريب من حكومة السوداني أن يكون الأخير قد سعى لتأجيل الموعد الانتخابي، قائلا إنّ المسألة كلّها من ترويج دوائر مقربة من نوري المالكي الذي يستخدمها في حملة انتخابية مبكّرة تقوم على تصويره كحام للنظام والدستور وراع لـ”الديمقراطية”.

وكان رئيس الوزراء الأسبق قد حذّر من أن أي تأجيل أو إلغاء للانتخابات يعني سقوط البرلمان ووضع العراق على “منصة التقسيم”.

وأعلن الإطار الذي يضمّ أبرز الأحزاب والفصائل الشيعية المسلّحة إصراره على إجراء الانتخابات في موعدها المحدّد، نافيا أن يكون من حقّ أي طرف فرض خيار تأجيل الانتخابات.

وأصدرت الدائرة الإعلامية للإطار، الثلاثاء، بيانا جاء فيه “إيمانا بضرورة الحفاظ على المسار الديمقراطي في البلاد شدد الإطار التنسيقي على ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المحدد نهاية هذا العام،” مؤكدا “عدم وجود حق لأي جهة في تأجيل الانتخابات أو إلغاء التوقيتات الزمنية التي وضعت للعملية الانتخابية، وبالمعايير والضوابط التي أُقرت لإنجاحها.”

تأجيل الموعد الانتخابي مجرد فقاعة سياسية تستخدمها قوى سياسية في دعاية انتخابية مضادة لرئيس الحكومة الحالية

ودعا الإطار التنسيقي في البيان ذاته الحكومة إلى “تهيئة الأجواء الانتخابية وتوفير مستلزمات الأمن الانتخابي وتقديم الدعم للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات من أجل إنجاح العملية وضمان نزاهتها.”

ويضاف موقف القوى الشيعية من الانتخابات ومحاولة إعادة تفصيل قوانينها وتوقيتاتها إلى مواقف مماثلة صدرت عن قوى سنية مشاركة في العملية السياسية، حيث رفض مصدر في ائتلاف القيادة السنية الموحدة مطالبات بعض القوى النيابية بتعديل قانون الانتخابات، متوعدّا بمنع تمريره في البرلمان.

وقال المصدر الذي نقلت عنه وكالة شفق نيوز الإخبارية إن “هناك شبه إجماع سياسي ونيابي على عدم تعديل قانون الانتخابات كون التعديل يتضمن تبعات مالية ومخالفات فنية وقانونية، حيث أن المادة مخالفة لقرار المحكمة الاتحادية رقم 21 لسنة 2015 الذي ينص على عدم جواز تقديم قوانين تتضمن جنبة مالية على السلطة التنفيذية أو مخالفة للمنهاج الحكومي، وهذا المقترح يحمّل الحكومة أعباء مالية.”

وأضاف المصدر ذاته أن “كل التعديلات المقترحة هدفها صعود القوائم أو الأحزاب الصغيرة، كما أن الفواعل السياسية تحاول في كل انتخابات تغيير القانون بما يتناغم مع خططها الانتخابية،” مشيرا إلى أن “مقترحات تعديل قانون الانتخابات فيها استهداف واضح للحكومة الحالية ولمقاصد انتخابية نفعية من قبل بعض الفواعل، ولن تجد مقترحات تعديل القانون طريقا لإنفاذها لأسباب كثيرة.”

وأوضح أن من بين تلك الأسباب “عدم اتفاق الكتل السياسية على عقد جلسة برلمانية بنصاب قانوني كما لا يوجد وقت كاف للتعديل أو التأجيل، وما يحاول البعض الترويج له هو لغرض التشويش فقط لاسيما أن القوى السنية الفاعلة متفقة مع القوى الشيعية الرئيسية على اعتماد القانون الحالي في إجراء الانتخابات النيابية المقبلة.”

ويستند رافضو تأجيل موعد الانتخابات وتغيير قانونها إلى عدم وجود أي داع حقيقي إلى الأمر بما في ذلك انعدام العوائق الفنية والإجرائية، وهو ما أكّدته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على لسان المتحدّثة باسمها جمانة الغلاي، مشيرة إلى التزامها دستوريا وقانونيا بإجراء الانتخابات في الموعد الذي يحدده مجلس الوزراء.

3