موظف يهودي في وزارة الأوقاف المغربية يثير الجدل على مواقع التواصل

أثيرت فجأة في المغرب قضية موظف يهودي في وزارة الأوقاف رغم أنه يعمل في وظيفته منذ ثلاثة أجيال، ودخل رواد مواقع التواصل الاجتماعي في موجة من الجدل حوله بين مؤيد ومعارض بعد تصريحات لنائبة في البرلمان انتقدت وجوده.
الرباط - تتواصل موجة الجدل حول تصريحات نبيلة منيب، النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد بمجلس النواب التي وجهت انتقادات إلى أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، بسبب ما اعتبرته نوعا من التطبيع، بتعيين يهودي للإشراف على بعض العقارات التابعة لقطاع الأوقاف.
وخلطت منيب بين تعيين شخص مغربي ينتمي إلى الدين اليهودي وبين ما يجري في غزة، معلنة تضامنها مع الشعب الفلسطيني، متسائلة في الوقت ذاته عن حقيقة تصريحات مواطن يهودي يقول إنه ينتظر تعيين العاهل المغربي الملك محمد السادس له على رأس مؤسسة الزكاة في المغرب.
ونفى الوزير التوفيق هذه المزاعم جملة وتفصيلا، فيما قدم توضيحات بخصوص اليهودي المقرب من المسؤول الإسرائيلي الذي يسير عقارات تابعة للأوقاف، قائلا إن هذا المواطن اليهودي، الذي يدير نحو أربع عمارات تابعة للأوقاف، يقوم بهذه المهمة منذ “عهد السلطان مولاي يوسف، وعلى مر ثلاثة أجيال وهو يقوم بالأمر ذاته”.
كما أوضح التوفيق في معرض جوابه خلال تقديم ومناقشة الميزانية الفرعية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بلجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية بمجلس النواب، أن الموظف المعني بالجدل “ينتمي إلى الجيل الرابع لهذه العائلة اليهودية، والحالة الوحيدة التي تمكن من إزالته من موقعه هو وجود قرار إداري في حقه ولا يمكن إنهاء مهمته فقط لأنه يهودي”.
وتفاعل الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مع الموضوع بين مؤيد ومعارض، فهناك من رأى أن الكفاءات موجودة متسائلا عن سبب تعيين يهودي، وقال أحدهم على فيسبوك:
Halima El Alaoui
شيء لا يقبله العقل، هناك كفاءات ما شاء الله عندنا في المغرب، ولم يكون هذا الاختيار؟
وتضامن آخر مع النائبة منيب: عمر تهتاه تحية للسيدة على جرأتها واستنكارها للأوضاع في مختلف القطاعات.
وشن البعض هجوما على الحكومة وقراراتها، وجاء في تعليق:
سعيد الساعي
الحمد لله.. بانت حقيقة حكومة أخنوش وأتباعه في أقل من سنتين..؟ إن الله سبحانه وتعالى لا يصلح عمل مفسدين..؟ كلشي بنية..! يعني حكومة أخنوش نزلة مصداقيتها السياسية إلى أكثر من 70 في المئة..؟
لكن شريحة واسعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي رفضت هذا الطرح الذي يسبب الانقسام في المجتمع المغربي، مؤكدة أنه لا يجب الخلط بين مجال الأوقاف ومجال الشؤون الإسلاميّة، فوجود موظف إداري مغربي من أي طائفة يقوم بمهام وظيفية لا علاقة لها بالشأن الإسلامي أمر طبيعي ولا يستحق كل هذه الضجة، وأكد ناشط على فيسبوك:
Fatima Achab
لا مشكلة يهودي مغربي يحمل الجنسية المغربية وبالتالي لديه جميع الحقوق وعليه جميع الواجبات التي يقرها الدستور والقوانين المغربية، ولا يمكن حرمانه من حقوقه كمغربي لمجرد أن شخصا من عائلته يحمل نفس الاسم يتولى منصبا في إسرائيل.
واعتبر آخرون على موقع إكس أن الجدل الذي أثارته النائبة شعبوي يهدف إلى جذب الانتباه وحشد التعاطف، فالعديد من المغاربة يستلمون مناصب عليا في مختلف دول العالم دون النظر إلى ديانتهم، والمغرب ليس استثناء في هذا الشأن.
وكتب أحدهم:
وانتقد آخر:
واعتبر إدريس الكنبوري، الباحث في الشأن الديني، أنه “مبدئيا ومن الناحية الشرعية، لا يطرح تدبير يهودي لهذه الأوقاف أي إشكال، على اعتبار أنه مغربي أولا، ونظرا لكون قطاع الأوقاف نطاقا اقتصاديا وتجاريا ومعاملاتيا بامتياز، بمعنى أنه لن يتدخل في الشؤون الشرعية للوزارة القيمة على الشأن الديني الإسلامي للبلاد”.
وحذر الكنبوري، وهو صاحب كتاب “الإصلاح الديني وتغريب الإسلام”، من “تسييس هذا النقاش، لكونه سيظهر المغرب بلدا معاديا لليهود، في حين أن المملكة المغربية تقر دستوريا بوجود المكون العبري، الذي علينا أن نتذكر دائما أنه مكون إلى جانب الدين الإسلامي بوصفه الأصل داخل بنيات المجتمع المغربي”، معتبرا أن “الشخص المعني بهذا النقاش، بما أنه مغربي يهودي وليس صهيونيا، فلا إشكال حتى من الناحية المبدئية على اعتبار أن مشكلة المغاربة هي مع الصهيونية حصرا”.
وأكد الباحث أن “تدبير مجموعة من الأوقاف يظل تدبيرا إجرائيا لا يصل إلى حد المساس بالجانب الفقهي التدبيري، الذي يضطلع به قطاع الشؤون الإسلامية، لذلك فالأمر جائز ومقبول، خصوصا أنه يعود إلى فترة تاريخية قديمة”، مشيرا إلى أن “هذا يدلل على أن رفض المغاربة تاريخيا ليس لليهود تبعا لعقيدتهم، بل للصهيونية وما تقترفه حاليا في قطاع غزة من جرائم ضد الإنسانية”، مضيفا “من هذا المنطلق، ردّ وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق سليم ولا غبار عليه”.
وكان “المرصد المغربي لمناهضة التطبيع” قد دخل على خط الجدل مصعدا من القضية معتبرا أن “تكليف شخص يهودي الديانة بالإشراف على نظارة الأوقاف الإسلامية بالعاصمة الرباط هو فضيحة”، خصوصا وأن هذا الشخص “قريب لوزير الداخلية في حكومة بنيامين نتنياهو السابقة، الذي تم ترشيحه مجددا لنفس الحقيبة قبيل أشهر فقط”.
وتساءل المرصد “هل ضاقت الأرض بوزارة الأوقاف ولم تجد سوى هذا الوكيل ليشرف على تدبير أوقاف المغاربة المسلمين؟”، مضيفا أن هذا يدخل في إطار ما أسماه “الاختراق”، وذكر أن “وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية يتعين عليها أن تقوم بالعمل قانونيا وسياسيا عبر الوسائل الدولية لتسترجع ممتلكات وأوقاف المغاربة بالقدس، وعلى رأسها حارة المغاربة وكذلك الوثائق التاريخية والمخطوطات”.
وتابع المرصد هجومه على وزير الأوقاف قائلا “اعترف من داخل قبة البرلمان، بإشراف شخص يهودي الديانة على نظارة الأوقاف الإسلامية”.