"موسم طانطان".. تعاون ثقافي مثمر بين الإمارات والمغرب

الموسم يحتفي بعشرين عاما من صون التراث الثقافي والتنمية البشرية.
الثلاثاء 2024/06/25
ثقافة الصحراء تجمع المغرب والإمارات

يمثل "موسم طانطان" قبلة الثقافة الصحراوية لا في المغرب فقط بل في المنطقة المغاربية والعربية ككل، ويجسد الحدث التراثي – الثقافي تنوع الثقافات في المغرب، وهو مساحة لتثمين هذه الثقافات وترسيخها، ما جعله يدرج في قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية،  وعلى امتداد عشرين دورة نجح الموسم في أن يكون حدثا استثنائيا بما يشكله من مساحة تعاون خاصة بين الإمارات والمغرب.

أبوظبي- تجسد مشاركة دولة الإمارات في “موسم طانطان” العلاقات الأخوية والتاريخية الوثيقة بين الإمارات والمغرب، كما تعد هذه المشاركة التي بدأت قبل أكثر من عقد ثمرة التعاون المثمر والبناء بين البلدين في قطاع الثقافة والتراث.

وستشارك هيئة أبوظبي للتراث بالتعاون مع عدد من المؤسسات المعنية بصون التراث، في فعاليات موسم طانطان الثقافي، الذي سيقام في جنوب المملكة المغربية خلال الفترة من السادس والعشرين إلى الثلاثين من يونيو الجاري، تحت شعار “20 عاما من الصون والتنمية البشرية”.

مشاركات إماراتية

يعقد الموسم بتنظيم مؤسسة الموكار المغربية بهدف إحياء التقاليد الصحراوية وعادات الرُّحل وقبائل الصحراء في المغرب، ويتميز الموسم بتعدد أشكاله الثقافية والمهارات المرتبطة بالممارسات الحرفية التقليدية، بالإضافة إلى المجالات الثقافية.

بوكس

وكانت المشاركة الأولى للإمارات في موسم طانطان عام 2014 كضيف شرف في فعاليات الدورة العاشرة للموسم الذي أقيم تحت شعار “التراث الثقافي غير المادي ودوره في تنمية وتقارب الشعوب”.

وشاركت عام 2015 في فعاليات الدورة الحادية عشرة من موسم طانطان تحت شعار “تراث إنساني ضامن للتماسك الاجتماعي وعامل تنموي” في إطار رؤية تسعى إلى تحقيق تقارب التراث الصحراوي الإماراتي والمغربي، لاسيما في مجال تربية الإبل وما يرتبط بها من مسابقات، فيما شاركت عام 2016 في الدورة التي عقدت تحت شعار “موسم طانطان ملتقى مغرب التنوع”، لتعزيز التعاون الثقافي مع دول العالم.

وسجلت الإمارات مشاركتها الرابعة في موسم طانطان الثقافي عام 2017 بدورته الثالثة عشرة تحت شعار “موسم طانطان موروث ثقافي مغربي ببعد أفريقي”، أما في عام 2018 فشاركت في الدورة الرابعة عشرة التي انطلقت تحت شعار “موسم طانطان عامل إشعاع الثقافة الحسانية” لتسليط الضوء على الأدب الشعبي النبطي.

كما جاءت مشاركتها في فعاليات الدورة عام 2019، التي عقدت تحت شعار “موسم طانطان.. حاضن لثقافة الرحل العالمية”، تزامناً مع عام التسامح.

وتميز جناح دولة الإمارات عام 2023، في موسم طانطان الذي أقيم تحت شعار “ترسيخ للهوية ورافعة للتنمية المستدامة”، بالتركيز على التراث الأصيل وإبراز الهوية الحضارية لدولة الإمارات.

وتسعى هيئة أبوظبي للتراث عبر مشاركتها في الدورة الحالية إلى تسليط الضوء على عناصر التراث الإماراتي المعنوي، وتقديم تجربة فريدة لزوار جناح دولة الإمارات من خلال لوحات حية تحاكي التراث كما في الماضي، إلى جانب العديد من الفعاليات والمسابقات التراثية المتنوعة.

ويتميز موسم طانطان بقدرته على تقديم أشكال متنوعة من ثقافات البدو، بصفته من أهم الفعاليات الثقافية والفنية بالمملكة المغربية وشمال أفريقيا، إذ يشهد الموسم برنامجًا ثقافيًّا غنيًّا ومتميزًا يجمع بين الماضي والحاضر ويسلط الضوء على التراث الصحراوي، ما يتيح الفرصة للقاء بين الثقافات العربية، والتعبير عن المظاهر التراثية والقواسم الحضارية المشتركة التي تتجسد في الثقافة الشعبية الصحراوية.

وتهدف المشاركة الإماراتية الواسعة إلى تعزيز التعاون الثقافي لدولة الإمارات مع مختلف الدول، وخاصة تقوية روابط الجسور التاريخية والحضارية بين دول مجلس التعاون الخليجي والمغرب العربي، وإيصال الرسالة الحضارية والإنسانية للدولة والممزوجة بعبق التراث الإماراتي.

الثقافة الصحراوية

بوكس

يشكل موسم طانطان فرصة مميزة لتقديم التعابير الثقافية وفنون الأداء المتنوعة لسكان الصحراء، كالموسيقى والأهازيج والأغاني الشعبية والألعاب التراثية والأمسيات الشعرية ومختلف التقاليد الشفوية الأخرى، فضلا عن عروض الخيل والهجن.

وعلى امتداد دوراته وتنوع ما يقدمه من مواد ثقافية فإن الموسم يضع هدفا أساسيا من بين أهدافه هو المحافظة على خصائص التراث الحساني والترويج له على نطاق واسع. وفي هذا الصدد يسعى إلى تثمين مكونات الموروث الثقافي الحساني عبر فعاليات تعزز مكونات الهوية الثقافية الحسانية، وهو ما يعزز الروافد الثقافية للهوية المغربية.

ويقترح الموسم على جمهوره عروضا ثقافية وفنية متنوعة، إذ ستشمل الفعاليات عروضًا للفنون التقليدية والموسيقى الحسانية والرقصات الشعبية، بالإضافة إلى التبوريدة أو سباق الفروسية الذي يعكس التراث الصحراوي.

كما سينظم الموسم معارض تراثية للحرف التقليدية والمنتجات المحلية التي تمثل التراث الثقافي للمنطقة، علاوة على تنظيم ندوات ومحاضرات تناقش مواضيع تتعلق بالتراث الحساني والثقافة الصحراوية وسبل المحافظة عليها وتطويرها.

ويعزز الموسمُ الاقتصادَ المحلي من خلال جذب السياح وزيادة الطلب على المنتجات والخدمات المحلية، إضافة إلى أنه عنصر فاعل وأساسي في الترويج الثقافي، إذ يساهم في نشر الوعي بالثقافة الصحراوية وزيادة الاهتمام الدولي بها، وعلاوة على ذلك يشجع الاستثمار في المشاريع التي تهتم بالحفاظ على التراث الثقافي وتنميته.

ويقول الباحث في الثقافة الحسّانية إبراهيم الحَيْسن، في تصريح إعلامي، إن موسم طانطان سعى خلال دوراته ونسخه الماضية، لاسيما بعد خلق مؤسسة الموكَار، إلى إبراز مختلف التعبيرات والأشكال الثقافية والإبداعية لرحل الصحراء من طقوس وعادات يومية وفنون إيقاعية وجسدية، إلى جانب الآداب والمرويات والألعاب الشعبية ونمط العيش ومختلف المهارات والممارسات الحِرفية الصحراوية، حيث تنصب الخيام وتتحوَّل بمناسبته إلى أروقة تراثية وفضاءات مفتوحة للتلاقي وصلة الرَّحم، تقام بجانبها مسابقات ومنافسات في العديد من الرياضات الشعبية.

وتمكن الموسم من ترسيخ مختلفة فقراته ما جعلها قبلة سنوية للزوار ومحل اهتمام إعلامي كبير، مقدمة واحدا من أكبر المهرجانات الثقافية – التراثية الصحراوية، إذ صارت فقراته من مسابقات ومعارض وفعاليات علامة مسجلة ومناسبة ينتظرها الزوار بشغف.

12