موسكو لن تتخلى عن قواعدها الإستراتيجية في سوريا

موسكو - تتضارب المعلومات والتقارير بشأن مصير الوجود الروسي في سوريا في ظل أنباء تشير إلى بدء موسكو في سحب بعض معداتها العسكرية من البلاد، في أعقاب التطورات المتسارعة وتغير موازين القوى بعد سقوط نظام بشار الأسد، غير أنه من المرجح احتفاظ روسيا بالقواعد العسكرية التي ألمح الكثيرون إلى أنها جزء من صفقة التفاهمات مع الفصائل المعارضة.
وقال الكرملين الاثنين إنه لم يتم اتخاذ قرارات نهائية بعد بشأن مصير القواعد العسكرية الروسية في سوريا وإنه على اتصال بالمسؤولين في البلاد، فيما تحاول الدول الأوروبية الضغط على القيادة الجديدة باشتراط انسحاب روسيا من سوريا للتعاون معها.
ولدى روسيا قاعدتان عسكريتان في سوريا، هما طرطوس البحرية وحميميم الجوية، حيث تلعبان دورا محوريا في الحفاظ على نفوذ موسكو بالشرق الأوسط وحوض المتوسط وصولا إلى أفريقيا. ويرى محللون أن هاتين القاعدتين جزء من تفاهم روسيا مع فصائل المعارضة التي سيطرت على البلاد ومن غير المرجح أن تتخلى عنهما.
وتعتبر موسكو وجود هاتين القاعدتين مهما جدا، وبدونهما ستخسر وجودا لوجستيا في المنطقة فالطائرات الروسية في هذه القواعد كانت تحمل سابقا المعدات والجنود إلى ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى ومالي والجزائر وغيرها من الدول في القارة الأفريقية.
قاعدتا طرطوس البحرية وحميميم الجوية تلعبان دورا محوريا في الحفاظ على نفوذ موسكو بالشرق الأوسط
ومع عدم سماح أوروبا للطائرات الروسية باستخدام أجوائها فإن من المهم لموسكو وجود ممر جوي مفتوح من روسيا إلى أفريقيا، حيث تحلق الطائرات فوق إيران وتهبط في قاعدة حميميم في سوريا للتزود بالوقود لتكمل رحلتها نحو أفريقيا.
وكشف تقرير نقلته وكالة بلومبيرغ مؤخرا عن وجود تفاهم غير رسمي مع هيئة تحرير الشام، تمهيدا لصفقة محتملة بين روسيا وسوريا، للاتفاق مع القيادة الجديدة في سوريا على الاحتفاظ بقاعدتين عسكريتين حيويتين في البلاد.
ونشرت شركة “ماكسار” التي تقدم خدمة تزويد الصور الفضائية عبر الأقمار الاصطناعية الاستخباراتية صورا التقطت مطلع الأسبوع الجاري تظهر أن روسيا بدأت عملية جمع عتاد عسكري روسي في قاعدة جوية بسوريا.
كما أظهرت الصور ما يبدو أنه طائرتان للنقل الثقيل من طراز أنتونوف أيه. إن – 124 في وضع استعداد لتحميل العتاد بقاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية الساحلية.
في المقابل أشار المصدر إلى أن القاعدة البحرية الروسية في طرطوس مازالت دون تغيير إلى حد كبير مع استمرار رصد فرقاطتين قبالة سواحل المنطقة.
غير أن وكالة الأنباء الألمانية قالت استنادا إلى مذكرة داخلية من وزارة الدفاع الألمانية إن وحدة البحرية الروسية في البحر المتوسط غادرت بالفعل ميناء طرطوس السوري.
وذكر أربعة مسؤولين سوريين لرويترز مطلع الأسبوع أن روسيا تسحب قواتها من خطوط المواجهة في شمال سوريا ومن مواقع في جبال العلويين، لكنها لم تنسحب من قاعدتيها الرئيسيتين بعد سقوط نظام الأسد.
وقال قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع في مؤتمر صحفي بدمشق عن العلاقة مع موسكو، إن إدارة العمليات حاولت موازنة الأمور مع الروس أثناء المعارك.

وأضاف أن الإدارة العسكرية أرسلت إلى روسيا رسائل عبر وسطاء تفيد بأن ضرب قواعدها وارد، لكنها تفضّل إعطاء فرصة للطرفين من أجل بناء علاقة جديدة. ولفت إلى أن روسيا بدأت بسحب قواتها من كل مواقعها البعيدة عن الساحل. وأضاف أن الخطوة التالية ستكون التفاوض حول وضع الوجود الروسي في البلاد.
وكان الكرملين أعلن سابقا أن روسيا تجري مناقشات مع حكام سوريا الجدد بشأن القواعد، موضحا أن المناقشات مستمرة، ومؤكداً أن بلاده لم تنسحب من قواعدها.
وأفاد الأحد بأن روسيا أجلت بعض الموظفين الدبلوماسيين من دمشق إلى جانب دبلوماسيين من روسيا البيضاء وكوريا الشمالية على متن رحلة جوية خاصة للقوات الجوية الروسية من قاعدة حميميم الجوية التابعة لها.
اقرأ أيضا:
ويحاول الغرب الضغط على القيادة الجديدة لدفعها إلى المطالبة بالانسحاب الروسي لإضعاف إستراتيجية موسكو تجاه المنطقة.
وألمح مسؤول أميركي إلى إمكانية مشاركة الأوربيين والأميركيين في المفاوضات التي ستجري بشأن الوجود الروسي، واستبعد أن توافق الحكومة السورية الجديدة على هذا الوجود بسبب “التصرفات الروسية خلال السنوات الماضية ودعمها لنظام بشار الأسد.”
بدورها قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس للصحافيين الاثنين، بعد اجتماعها مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، “يجب ألا يكون للتطرف وروسيا وإيران مكان في مستقبل سوريا.”
وأضافت كالاس “شدد الكثير من وزراء الخارجية على أن القضاء على النفوذ الروسي (في سوريا) يجب أن يكون شرطا على الإدارة الجديدة.”