موريتانيا ومالي تبحثان آليات لترسيم الحدود المشتركة

نواكشوط - بحث مسؤولون حكوميون وعسكريون موريتانيون وماليون، الأحد في مدينة العيون، جنوب شرقي موريتانيا، أمن ترسيم الحدود بين البلدين.
وشارك في الاجتماع أعضاء اللجنة الجهوية لتسيير الحدود، وحكام المدن وعمد البلديات الحدودية بالبلدين، بالإضافة إلى قادة الوحدات الأمنية وممثلين عن القرى الواقعة على الشريط الحدودي، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الموريتانية.
وبحث الاجتماع "أمن وتسيير الحدود بشكل تشاركي معقلن ومدروس بين البلدين الجارين" دون تفاصيل أكثر.
وخلال الاجتماع، تم تقديم عرض عن المراحل التي مر بها ترسيم الحدود بين الدولتين، بالإضافة إلى المواضيع التي يجب التركيز عليها من أجل تسيير ناجح للمناطق الحدودية، وفق ذات المصدر.
وترتبط موريتانيا ومالي بحدود برية تعد الأطول في المنطقة، وتبلغ ألفين و237 كيلومترا، معظمها يقع في صحراء قاحلة مترامية الأطراف.
وتنشط على طول حدود البلدين الكثير من التنظيمات التي توصف بـ"المتشددة"، من بينها فرع "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وحركة "أزواد".
ووفق تصريحات سابقة لوالي (محافظ) ولاية الحوض الشرقي (شرق موريتانيا) إسلم ولد سيدي، فإن الحدود بين موريتانيا ومالي لم ترسّم إلى الآن.
وأشار في تصريحات صحفية في 29 أبريل الماضي إلى أن الحدود بين البلدين لا يمكن معرفتها بشكل دقيق، وإنما عبر أعراف ومعالم متعارف عليها.
وتابع موضحا "فالقرية التي توجد فيها مدرسة موريتانية ويحمل سكانها الجنسية الموريتانية تعتبر قرية موريتانية، والقرية التي توجد فيها مدرسة مالية ويحمل سكانها الجنسية المالية تعد قرية مالية".
ووجدت حكومتا الدولتين صعوبات جمة في ترسيم الحدود نظرا لطبيعتها الصحراوية من جهة، وللتداخل السكاني من جهة أخرى، قبل أن يوقع الطرفان نهاية العام الماضي بعد جولات مفاوضات كثيرة على إعلان لمبادىء ترسيم الحدود ظل دون تطبيق.
وتتلون العلاقات بين السكان على طول الحدود بحسب المناطق والولايات، حيث يوجد تداخل سكاني قوي بين مواطني محافظة كيدماغا الموريتانية ذات الأغلبية الزنجية مع سكان المناطق المحاذية لها من مالي عبر المصاهرات والعلاقات العائلية الخاصة.
وتتميز هذه العلاقات بطابعها التجاري عبر الأسواق المتنقلة، والتبادل التجاري على مستوى الولايات الشرقية من موريتانيا، كما توجد بعض الأسر الموريتانية التي لها نفوذ روحي قوي وأتباع كثر في مناطق الشريط الحدودي مع مالي.
ورغم الروابط الثقافية والروحية والتجارية والقبلية فإن تلك العلاقات لم تسلم من التوترات التي تحولت مرارا إلى صراعات مسلحة، وكادت تشعل أحيانا حروبا طاحنة بين البلدين.
وظلت الخلافات الحدودية ومشاكل الرعي تلقي بظلالها السلبية على العلاقات الموريتانية المالية خاصة في تسعينيات القرن العشرين, وبداية الألفية الثالثة مما دفع حكومتي البلدين إلى تشكيل لجنة أمنية وإدارية تجتمع سنويا.
وتتألف اللجنة من المسؤولين العسكريين والإداريين في الولايات الأربع الحدودية الأكثر تداخلا سكانيا ورعويا، وتتولى حل المشاكل الطارئة والنزاعات.
وتصاعدت خلال الأشهر الأخيرة حدة الأزمة بين موريتانيا ومالي على خلفية اختراق للحدود وسط تحولات سياسية عميقة بمنطقة الساحل الأفريقي.
وفي ديسمبر الماضي أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة "فاغنر" الروسية الخاصة، خلال عملية عسكرية خاصة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي. في حين أعلن الجيش الموريتاني أن المواطنين جرى توقيفهم داخل أراضي مالي، وأكد أنه "لن يسمح" بأي انتهاك لحوزته الترابية.
بعد توقيف الموريتانيين من طرف وحدة "فاغنر"، المرافقة للجيش المالي، تداول ناشطون موريتانيون على وسائل التواصل الاجتماعي معلومات تُفيد بأن مقاتلي "فاغنر" وقوات الجيش المالي "اخترقوا" الحدود، وأوقفوا مواطنين موريتانيين.
لكن الحكومة الموريتانية نفت أن يكون قد حدث أي اختراق للحدود، وقال الوزير الناطق باسم الحكومة، الحسين ولد أمدو "إن وحدات من الجيش المالي كانت تتحرك في مناطق تابعة لحدودها، وأثناء مرورها اعتقلت هذه المجموعة".
وتعيش دولة مالي على وقع حرب، منذ أكثر من 10 سنوات، ضد مجموعات مسلحة موالية لتنظيمي القاعدة وداعش، وقبل سنوات قاد ضباط ماليون انقلابا عسكرياً، وسيطروا على الحكم في البلد، ليعلنوا التحالف مع روسيا، وجلب مئات المقاتلين من "فاغنر" لمساعدتهم في مواجهة المجموعات الإرهابية.
ويثير وجود "فاغنر" داخل الأراضي المالية، خصوصاً في المناطق الحدودية، مخاوف الموريتانيين؛ إذ تسببت عمليات "فاغنر" في مقتل عشرات الموريتانيين داخل الشريط الحدودي بين البلدين.