موريتانيا تدعم الشفافية في إدارة الثروة السمكية لتعزيز دورها في تنمية الاقتصاد

تكشف تحرّكات الحكومة الموريتانية اهتماما متزايدا بقطاع الصيد البحري، حيث تعوّل السلطات على الثروة السمكية لتنمية الاقتصاد بالاعتماد على ترسيخ قواعد الشفافية في القطاع بغية النهوض به من بوابة تبسيط الإجراءات أمام المستثمرين لتنميته على أسس مستدامة.
نواكشوط - تعمل موريتانيا على التخلص من السياسات البالية في إدارة الثروة السمكية عبر الإعلان عن انضمامها لمبادرة الشفافية العالمية في مجال الصيد البحري باعتباره أحد المجالات المدرة للعوائد لخزينة الدولة الفارغة.
وتعول السلطات، التي بدأت منذ تولي الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني السلطة في تنفيذ برنامج إصلاحي يشمل تطوير قطاعات استراتيجية منها الزراعة والثروة الحيوانية والمناجم، على الاقتصاد الأزرق باعتباره إحدى ركائز النمو.
ونشرت الحكومة التقرير الأول بموجب مبادرة الشفافية في الصيد البحري، والذي قدّم بيانات حديثة حول القطاع الواعد بهدف تقييم أدائه وتعزيز كفاءته في إطار خطة لزيادة مساهمته في اقتصاد البلد.
ونسبت وكالة الأنباء الموريتانية الرسمية إلى وزير الصيد والاقتصاد البحري عبدالعزيز ولد الداهي قوله إن “هذا التقرير هو الأول من نوعه ويهدف إلى ترسيخ الشفافية لحوكمة قطاع الصيد والاقتصاد البحري لتعزيز ثقة المستثمرين فيه وجلب المزيد من الاستثمارات لاسيما في ظل الوضعية الصعبة التي يشهدها حاليا”.
وشدّد الوزير أن موريتانيا ستعمل على تعميم قيمتي الشفافية والنزاهة اللتين تعدان رافعتين أساسيتين للقطع مع العقليات الإدارية القديمة التي تكبل الاستثمار وتمنع المحاسبة وتحسين الأداء.
وتأتي هذه المتغيرات الجديدة في إطار برنامج “تعهداتي” الذي أطلقه الغزواني الذي يهدف إلى بلورة سياسات جديدة تتناغم مع مضامين السياسات العمومية التي يجسدها هذا البرنامج.
وتتسلح السلطات باستراتيجية بحرية تمتد إلى العام 2025 تشمل تقديم حوافز أكبر للصيادين المحليين وتعزيز البنى التحتية والحفاظ على الثروة السمكية وتعزيز اندماج القطاع في الدورة الاقتصادية رغم التأثيرات التي خلفتها الجائحة.
وكجزء في تجسيد ذلك على الأرض، وقعت نواكشوط خمس اتفاقيات تسمح للسفن الأجنبية بالدخول إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة لموريتانيا وأن هناك نحو 452 من السفن الكبيرة مارست الصيد بهذه المنطقة واستفادت منها الخزينة الموريتانية بمبلغ 180 مليار أوقية (نحو 50 مليون دولار).

عبدالعزيز ولد الداهي: نريد ترسيخ الشفافية في القطاع لتعزيز ثقة المستثمرين
وذكرت الوزارة في تقريرها أن عمليات التفريغ في الموانئ الموريتانية بلغت 1.62 مليون طن وهي نسبة كبيرة مقارنة بنسبة 10 في المئة في السابق وهو ما سيسهم في محاربة الصيد الممنوع وغير الشرعي.
ومن أجل تعزيز حوكمة القطاع أنشأت موريتانيا في 2018 شركة لتحويل المنتجات السمكية في نواذيبو تضم مصنعا لهذا الغرض.
وتقوم الشركة بتحضير وتحويل وحفظ وتعليب المنتجات البحرية وخاصة الأسماك الصغيرة ومنتجات السردين، فضلا عن الاستفادة من أسماك السطح التي تحظى بالأولوية من طرف الحكومة.
وترتبط موريتانيا باتفاقيات في مجال الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي تجني بموجبها سنويا 109 ملايين يورو، وتشهد هذه الاتفاقيات مراجعات دورية وسط مساع موريتانية لإيجاد بديل أكثر مردودية.
ويشكل قطاع الصيد البحري أحد أهم شرايين الحياة، حيث تستفيد العديد من الأسر من هذا القطاع بصفة مباشرة عبر مزاولة أحد أبنائها العمل.
وتعدّ سواحل البلاد من بين الأغنى بالثروة السمكية على مستوى المنطقة والعالم، ويعود ذلك إلى عاملين رئيسيين، أولهما اتساع الرصيف القاري بنحو 90 ميلا بحريا في الشمال و30 ميلا بحريا في الجنوب.
وبالرغم من ترسانة القوانين التي اتخذتها الحكومة منذ العام 2012 لتوفير مناخ أعمال مستقر لتنمية هذا القطاع الاستراتيجي إلا أنه يصطدم بالاختراقات الناجمة أساسا عن الأنشطة غير قانونية لبعض المحتكرين.
وتسعى الدولة التي تشهد في السنوات الأخيرة تراجعا في معدلات النمو وظروفا طبيعية قاسية تتمثل في الجفاف أثرت سلبا على الأراضي الصالحة للرعي إلى دعم قطاع الصيد البحري بكل الطرق لتحقيق عوائد إضافية لخزينة الدولة.
ولكن الحوافز والإجراءات تظل بعيدة عن اهتمامات القطاع وأهمها عدم إيجاد آليات ناجعة لمراقبة النشاط والمحافظة على حقوق المواطنين جميعا دون مضاربة واحتكار أصحاب الأعمال.
ويعتبر القطاع أحد أكبر مصدر لتوفير فرص العمل في البلاد، التي تعد من بين أضعف اقتصادات منطقة المغرب العربي، فضلا عن كونه موردا أساسيا للعملات الصعبة.
وبحسب البيانات الرسمية يوفر القطاع أكثر من 60 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة من خلال الأنشطة المرتبطة به.
كما يوفر القطاع قرابة 54 في المئة من إجمالي الوظائف المتاحة حاليا بالبلاد، فيما تبلغ القوى العاملة الأجنبية المستخدمة في الصيد حوالي 14 في المئة.