موريتانيا تتنصل من زيارة رئيس حكومة شرق ليبيا

نواكشوط تحاول البقاء على مسافة واحدة من مختلف الأطراف والقيام بدور إيجابي لحلحلة الأزمة الليبية.
السبت 2024/08/31
ولد الغزواني يريد الحفاظ على الحياد

نواكشوط - تتردد أصداء المباحثات التي أجراها رئيس الحكومة الليبية المُكلف من مجلس النواب أسامة حماد، مع الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، في نواكشوط، وسط جدل حول حقيقة الموقف الموريتاني الرسمي من حكومة حماد في الشرق وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في طرابلس، والتي يبدو أن الزيارة أثارت استياءها، في حين يبدو أن موريتانيا تحاول البقاء على مسافة واحدة من مختلف الأطراف والقيام بدور إيجابي لحلحلة الأزمة.

وذكرت مصادر موريتانية مطلعة أن الرئيس ولد الغزواني استقبل حماد باعتباره الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي وهناك طلب ليبي من موريتانيا للقيام بدور فاعل في حلحلة الأمور في ليبيا، فيما قالت حكومة حمّاد إنه جرت بين الجانبين محادثات سياسية تشاورية مهمة.

وتشير ردود الفعل الموريتانية بعد الضجة التي أثيرت حول الزيارة، إلى حرصها على ألا تحسب موالية لأي من أطراف الصراع، حيث أكدت سفارة نواكشوط في طرابلس في رسالة إلى وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية، أن لقاء الرئيس الموريتاني بحمّاد تم بطلب من الأخير من أجل البحث بشأن موضوع اللقاء المزمع عقده في الأيام المقبلة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، برئاسة اللجنة رفيعة المستوى المعنية بالملف الليبي. وأكدت أن الحكومة الموريتانية متمسكة بالثوابت من حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا.

ونقل الإعلام الموريتاني الخميس الرسالة وهو ما فهم منه غضب "حكومة الوحدة" بقيادة عبدالحميد الدبيبة من الاستقبال الرسمي الذي فسر على أنه اعتراف بشرعية خصمه أسامة حماد المستقرة حكومته في بنغازي. واختتمت الرسالة مبينة أن "ما جرى تداوله من أخبار في وسائل الإعلام المحلية، مجرد تخمينات من بعض الصحافيين، جرى التعامل معها بسرعة والأمر بسحب ما تضمنه من أخبار وصور".

من جهتها، سارعت الحكومة الموريتانية إلى تقديم توضيحات بخصوص زيارة حماد إلى نواكشوط واستقباله من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وعززت موقفها بسحب جميع الأخبار المتداولة عبر وكالة الأنباء الموريتانية الرسمية بشأن الزيارة.

وتبيّن فعلا حذف الوكالة الموريتانية للأنباء خبر زيارة أسامة حماد من موقعها الإلكتروني، ومنصاتها الاجتماعية بعد ساعات من نشره. كما سحبت الوكالة الرسمية الصور ومقاطع الفيديو المنشورة على منصتها على فيسبوك عن وصول أسامة حماد والوفد المرافق له إلى مطار نواكشوط الدولي، واستقباله من الوزير الأمين العام للحكومة حسينو لام، وهو الشخصية الثانية في الحكومة بعد رئيسها.

الحسين مدُّو: موريتانيا متمسكة بموقفها المُنسجم مع السياسة الدولية
الحسين مدُّو: موريتانيا متمسكة بموقفها المُنسجم مع السياسة الدولية

وقال متابعون إن موريتانيا لم تتدخل أبدا في الأزمة الليبية والرئيس الموريتاني يعتبر أن المشاكل الأفريقية يجب أن تحل بقرار أفريقي والمشاكل العربية يجب أن تحل بقرار عربي. ونقلت وكالة الأخبار الموريتانية المستقلة، عن وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة، الحسين مدُّو، إنّ زيارة الحكومة الليبية المعينة من طرف برلمان طبرق جزء من تجلّيات الدور الدبلوماسي “الرّائع” الذي تضطلع به موريتانيا.

وأضاف ولد مدُّو، في المؤتمر الصحفي الأسبوعي للتعليق على اجتماع مجلس الوزراء، أنّ موريتانيا متمسكة بموقفها المُنسجم مع السياسة الدولية، الذي يعترف بحكومة طرابلس كحكومة معترف بها دوليا لدى الأمم المتحدة. وأضاف أنّ استقبال الرئيس ولد الغزواني للضيف الليبي، يدخل ضمن السياسة التي تنتهجها موريتانيا، كرئيس للاتحاد الأفريقي، وعضو في اللجنة العليا لمعالجة “الإشكال” الليبي.

في المقابل، احتفت صفحة حكومة حماد بالزيارة، ووصفتها بـ”الحدث المهم الذي يعزز مكانتها”، مذكرة بأنها تأتي بعد أسابيع من زيارته إلى القاهرة، واستقباله من رئيس وزراء مصر. وأضافت الحكومة أن الرئيس ولد الغزواني شكر رئيسها على دعوته لزيارة بنغازي والالتقاء بالقيادة العامة ومجلس النواب والحكومة الليبية، للحوار والتشاور والمساهمة مع الاتحاد الأفريقي في الوصول إلى الحل السياسي والمصالحة الوطنية الشاملة.

وقبل نحو أسبوع استقبل الغزواني بالقصر الرئاسي في نواكشوط عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني. ولم تنشر وسائل الإعلام الرسمية أو الرئاسة الموريتانية تفاصيل بشأن المواضيع التي ناقشها المسؤول الليبي مع ولد الغزواني. كما التقى وزير الخارجية محمد سالم ولد مرزوك في طوكيو، السبت الماضي، الوزير المكلف بتسيير أعمال وزارة الخارجية الليبية الطاهر الباعور.

ويأتي ذلك بينما تشهد ليبيا تصعيدا كبيرا بين الأطراف المتصارعة. والخميس دعا مجلس الأمن الدولي جميع القادة والمؤسسات السياسية والاقتصادية والأمنية الليبية إلى “تهدئة التوترات، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها أو أي تدابير اقتصادية تهدف إلى ممارسة الضغط”، والتوصل إلى “حل توافقي” للأزمة المتعلقة بالمصرف المركزي.

وحض أعضاء المجلس في بيان، الجهات الفاعلة والمؤسسات الليبية إلى “الامتناع بشكل عاجل عن أي إجراءات أحادية الجانب»، وحذر من أن من شأن هذه الإجراءات «زيادة التوترات وتقويض الثقة وتعزيز الانقسامات المؤسسية والخلافات بين الليبيين”. وحث البيان الأطراف الليبية على تجنب أي “أعمال عسكرية قد تعرض استقرار ليبيا الهش وأمن المدنيين للخطر وكذلك اتفاق وقف إطلاق النار للعام 2020”، مشددين على أهمية تحقيق المساءلة.

وذكّر أعضاء مجلس الأمن جميع القادة السياسيين والمؤسسات بالتزاماتهم وتعهداتهم بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخاصة قرار مجلس الأمن 2702 (2023)، بناءً على الاتفاق السياسي الليبي وخارطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي، وبناءً على القوانين الانتخابية المحدثة التي وافقت عليها لجنة (6+6).

ورحبت لجنة إعداد القوانين الانتخابية “6+6” بتأكيد مجلس الأمن الدولي دعم تنفيذ القوانين الانتخابية، معتبرة أن هذه القوانين صدرت “بشكل قانوني سليم، وبتوافق تام بين مجلسي النواب والدولة، وحظيت بقبول ودعم شعبييْن”. وأكدت اللجنة في بيان أهمية تشكيل حكومة جديدة تشرف على الانتخابات ولا تشارك فيه، معتبرة أن هذه “خطوة مهمة” في طريق إجراء الاستحقاق الانتخابي.

وقالت اللجنة إنها قدمت مع القوانين ملحقا لمقترح خارطة طريق لتنفيذ القوانين الانتخابية وجرى اعتمادها من المجلسين مع بعض الملاحظات، لكن “جرت عرقلة تنفيذها”، وفي هذا السياق، أعلنت اللجنة استعدادها للاجتماع في أي وقت متى كانت هناك ضرورة وطلب منها ذلك.

4