موديز تمنح مصر نظرة متشائمة رغم تثبيت تصنيفها الائتماني

القاهرة- عدلت موديز النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري من مستقرة إلى سلبية مما يعكس المخاطر الجانبية المتزايدة لقدرة القاهرة على امتصاص الصدمات الخارجية رغم أن الوكالة الدولية ثبتت التصنيف الائتماني للبلاد.
وتضرّرت مصر بعد أن دفعت الحرب في شرق أوروبا ورفع الفائدة الأميركية المستثمرين الأجانب إلى الفرار من الأسواق الناشئة.
وما يدعم النظرة المتشائمة لنشاط الاقتصاد أن روسيا وأوكرانيا كانتا من أبرز المصدرين الرئيسيين للقمح إلى مصر، ومصدرا رئيسيا لتدفق السياح أيضا.

محمد معيط: تقييم الوكالة يتضمن إشادة بفاعلية سياساتنا واستباقيتها
وقدر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي الاثنين الماضي التكاليف المباشرة وغير المباشرة للحرب على موازنة الدولة بنحو 465 مليار جنيه (25.5 مليار دولار).
وبحسب موديز فإن شروط التمويل العالمية المشددة قد تزيد من مخاطر ضعف التدفقات النقدية مقارنة بالتوقعات الحالية لدعم الوضع الخارجي لمصر.
وقالت إن “الاتجاه القوي لمصر نحو النمو يدعم المرونة الاقتصادية واحتمال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة”.
ويأتي الإعلان بعدما أكدت وكالتا فيتش وستاندرد آند بورز الشهر الماضي تصنيفهما الائتماني لمصر عند بي+ وبي تواليا. وتوقعتا نموا اقتصاديا للبلد بواقع 6.2 خلال العام المالي الحالي الذي بدأ في يوليو 2021.
وقال وزير المالية محمد معيط للصحافيين الجمعة إن “تقييم موديز يتضمن إشادة بفاعلية السياسات والتدابير الحكومية المنفذة واستباقيتها وبقدرة الحكومة في التعامل مع الأزمات بصفة عامة والأزمة الحالية بصفة خاصة”.
وأضاف أن “تقرير الوكالة أوضح وجود تحسن في القدرات المؤسسية للدولة والحكومة”، حيث أشارت إلى أن تأكيدها على التصنيف الائتماني عند مستوى بي 2 يعود إلى “السجل الحافل لفاعلية السياسات المطبقة”.
واعتبر معيط أن قرار تثبيت التصنيف الائتماني لبلاده من قبل مؤسسات التصنيف الثلاثة الرئيسية في خضم ما يشهده العالم من تقلبات يؤكد بشكل كبير وحيادي على قوة الاقتصاد المصري وصلابته.
وأشار إلى أن ذلك نابع من استمرار تحسن معظم المؤشرات الاقتصادية والمالية سواء على مستوى ارتفاع معدلات النمو أو من خلال تراجع معدلات البطالة التي بلغت 7.2 في المئة في الربع الأول من هذا العام، وهو أقل معدل يتحقق منذ سنوات.
وخفّضت مصر توقعاتها لمعدل النمو المستهدف في العام المالي المقبل إلى 4.5 في المئة، وهو ما يقل عن 5.5 في المئة كانت متوقعة في مارس الماضي.
وبحسب ما أعلنته وزيرة التخطيط هالة السعيد، الأربعاء الماضي، فإن النمو في أول تسعة أشهر من العام المالي الجاري بلغ 7.8 في المئة، مقابل 1.9 في المئة قبل عام.
وتظهر الأرقام أن نمو الاقتصاد بلغ نحو 3.3 في المئة للسنة المالية 2020 – 2021، والتي شهدت انتشار جائحة كورونا.
ولفتت السعيد إلى أن تداعيات الأزمة الروسية – الأوكرانية أثرت على الاقتصاد العالمي، مؤكدة أنها تسببت في حدوث ركود في ظل تناقص المعروض السلعي في الأسواق العالمية تأثرا بعدم انتظام سلاسل الإمداد الدولية.

موديز: شروط التمويل العالمية المشددة قد تزيد من مخاطر ضعف التدفقات النقدية
وكان البنك المركزي قد رفع الأسبوع الماضي أسعار الفائدة باثنين في المئة، وهي المرة الثانية عقب اندلاع الحرب، في محاولة لاحتواء الضغوط التضخمية ولاستقطاب استثمارات أجنبية بالدولار لأدوات الدين الحكومية، بعد أن خرجت المليارات من الدولارات.
وارتفع التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 13.1 في المئة في أبريل الماضي وهو أعلى مستوى له منذ مايو 2019.
وفي مارس الماضي، خفضت القاهرة قيمة عملتها والذي دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية، مما وضع ضغوطا على العملة المحلية.
وقامت مصر بتعويم الجنيه في 2016 ليفقد نحو نصف قيمته أمام الدولار الأميركي كجزء من برنامج إصلاح اقتصادي بدأته الحكومة وحصلت بموجبه على قرض من صندوق النقد الدولي قيمته 12 مليار دولار.
ويشير ارتفاع أسعار الفائدة وضعف العملة وحذر المستثمرين الأوسع نطاقا من الأسواق الناشئة إلى أن مصر ربما تدفع مبالغ باهظة لتمويل عجز متوقع قدره 30 مليار دولار في الميزانية للسنة المالية المقبلة.
ويقول محللون إن مصر كانت تكافح للحفاظ على مواصلة الاقتراض المحلي والأجنبي لسد العجز في الحساب الجاري والميزانية وتجنب الضغوط التي تُضعف عملتها، حتى قبل رفع الاحتياطي الأميركي (البنك المركزي) أسعار الفائدة الذي بدأ في مارس.
وفضلا عن هذين الأمرين اللذين أديا إلى خروج استثمارات بلغت قيمتها 20 مليار دولار،، فقد أحدثت حرب أوكرانيا صدمة جديدة للسياحة، وهي مصدر مهم للعملة الأجنبية، بخلاف ارتفاع أسعار الغذاء.