موديز تمنح اقتصاد تونس نظرة مستقرة رغم التحديات

التصنيف الائتماني لتونس قد يرتفع في المستقبل إذا تعزز التقدم في الإصلاحات الهيكلية.
الاثنين 2024/03/25
نظرة إيجابية ولكن

تونس – غلبت التقديرات المتفائلة على آخر تقييم صادر عن وكالة موديز للتصنيف الائتماني بشأن الاقتصاد التونسي، حيث أشار إلى أن الضغوط المالية التي تواجهها التوازنات المالية لن تزيد بشكل كبير رغم أن البلد في أمسّ الحاجة إلى الأموال.

وبعد مراجعة الوضع الراهن لتونس عدّلت موديز مؤخرا النظرة المستقبلية لتونس من سلبية إلى مستقرة، وأكدت تصنيفها السيادي للعملات الأجنبية والعملة المحلية عند سي.أي.أي 2.

ويأتي هذا التعديل بعد أكثر من سنة على خفض الوكالة للتصنيف السيادي للبلاد على المدى الطويل بالعملات الأجنبية والعملة المحلية سي.أي.أي 1 إلى سي.أي.أي 2 مع نظرة مستقبلية سلبية.

وتعزو موديز قرارها الأخير إلى الانخفاض الكبير في عجز الحساب الجاري مقارنة بمستوياته التاريخية والتوقعات السابقة، وهو ما دعم مستوى احتياطي النقد الأجنبي، وأتاح سداد إصدارين دوليين متتاليين في أكتوبر 2023 وفبراير 2024.

غياب المزيد من التمويل الخارجي يضغط على التوازنات المالية
غياب المزيد من التمويل الخارجي يضغط على التوازنات المالية

ويرى خبراء موديز أن التصنيف الائتماني لتونس قد يرتفع في المستقبل إذا تعزز التقدم في الإصلاحات الهيكلية، لكنهم لم يشيروا إذا كان ذلك مرتبطا بأي اتفاق مع صندوق النقد الدولي بعدما توقفت المفاوضات بشكل قاطع دون إشارات على استئنافها قريبا.

ورأت الوكالة أن قاعدة التمويل المحلي الصغيرة نسبيا في تونس وغياب المزيد من التمويل الخارجي من الشركاء متعددي الأطراف والثنائيين يضغطان على التمويل.

كما غيرت النظرة المستقبلية للبنك المركزي التونسي المسؤول عن مدفوعات جميع السندات التي يتم إصدارها نيابة عن الدولة من سلبية إلى مستقرة، حسبما أشار تقرير موديز المنشور على منصتها الإكترونية.

وأوضحت أن “التغيير في النظرة المستقبلية إلى مستقرة يعكس وجهة نظر موديز بأن الضغوط التي تواجه الحكومة التونسية لن تزيد أو تنخفض بشكل كبير بما يتجاوز المتوافق مع مستوى التصنيف الحالي، والذي يتضمن احتمالية لا يمكن إهمالها للتخلف عن السداد”.

وشددت على أن الانخفاض الكبير في عجز الحساب الجاري دعم مرونة احتياطي النقد الأجنبي للبنك المركزي، والذي يظل دعما مهما، وإن كان محدودا، لاستهلاك الديون الخارجية في المستقبل.

وعلاوة على ذلك، أشارت الوكالة إلى أن تأكيد تصنيفات سي.أي.أي 2 يعكس درجة عالية من عدم اليقين بشأن مصادر التمويل، نظرا لاستمرار احتياجات التمويل الكبيرة، خاصة عجز الميزانية الذي لا يزال مرتفعا وملف استحقاق الديون الصعب.

ووفق البيانات المنشورة على المنصة الإلكترونية للبنك المركزي، فإن الاحتياطي النقدي مستقر عند 23.3 مليار دينار (7.46 مليار دولار) منذ بداية 2024 حتى بعد سداد لسندات بقيمة 514 مليون دولار في أكتوبر 2023 و920 مليون دولار في فبراير الماضي.

وتتوقع موديز أن يتسع عجز الحساب الجاري إلى 4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام بسبب التعافي الجزئي للواردات، والذي سيظل أقل من المتوسط البالغ نحو 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المسجل بين عامي 2011 و2023.

وشهدت تونس أزمة اقتصادية ناجمة عن ارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية وأدت في فترة من الفترات إلى نقص في بعض المنتجات مثل السكر والحليب والأرز وغيرها، لكن السلطات سعت إلى إنهاء المشكلة بتوفير السلع في الأسواق.

7.46

مليار دولار الاحتياطي النقدي، وهو مستقر حتى بعد سداد سندات بقيمة 1.43 مليار دولار

وفتحت تونس باب الاقتراض من السوق المحلية قبل أربع سنوات في ظل الصعوبات التي تواجهها في ما يخص الموارد الخارجية بعد خفض التصنيف الائتماني السيادي للدولة.

وحذرت وكالة فيتش تونس في وقت سابق هذا الشهر من أن الاستمرار في الاعتماد الكبير على البنوك لتلبية احتياجات التمويل يمكن أن يشكل مخاطر على الاقتصاد، إشارة إلى أن السلطات عليها ضبط التزاماتها لتفادي خروج الوضع عن السيطرة.

ورأى خبراء فيتش أن هذه الوضعية قد تزيد الضغط على السيولة لدى القطاع المصرفي، وتزيد المخاطر على الملاءة المالية للبنوك في حالة التخلف عن سداد الديون السيادية.

والديون السيادية التي تحتفظ بها البنوك التونسية كلها بالعملة المحلية، وفي سيناريو افتراضي للتخلف عن السداد، يمكن أن تؤدي إعادة هيكلة القروض إلى إضعاف رسملة البنوك بشكل كبير.

وتقول أوساط اقتصادية تونسية إن اعتماد الحكومة بشدة على القروض الداخلية لسداد ديونها الخارجية أدى إلى خفض السيولة إلى حد بعيد وساهم في تقليص تمويل البنوك للاقتصاد.

وتأتي التحذيرات رغم أن المحللين والمتابعين للشأن الاقتصادي التونسي يعتقدون أن البنوك المحلية تبدو قادرة على الاستمرار في المساعدة في تلبية الاحتياجات المتزايدة للبلاد في العام الحالي.

وثمة مؤشرات على أن القطاع المصرفي التونسي يتمتع بالسيولة الكافية في ظل نمو الودائع وانخفاض الطلب على الائتمان بسبب التشديد النقدي، لكن الاعتماد عليه سيرفع تعرضه للديون السيادية بعد تراجعه في العام الماضي.

10