موجة عنف جديدة في الضفة الغربية بعد مقتل مستوطن

تصاعد الهجمات على قرى فلسطينية شمال رام الله منذ فقدان أثر الفتى وتوسّع نطاقها إلى الخليل ونابلس بعد الإعلان عن وفاته.
الأحد 2024/04/14
فلسطيني يتفقد آثار هجوم المستوطنين

القدس - ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"جريمة شنيعة" بعد العثور على جثة راعي أغنام إسرائيلي السبت في الضفة الغربية المحتلة حيث تسببت المأساة بموجة عنف جديدة ضد الفلسطينيين. وتصاعدت الهجمات على قرى فلسطينية شمال رام الله منذ فقدان أثر الفتى الجمعة وتوسّع نطاقها السبت إلى الخليل (جنوب) ونابلس (وسط) بعد الإعلان ظهرا عن وفاته.

وحاصر الجيش عشر قرى هاجمها المئات من المستوطنين، ما أدى إلى إصابة العديد من الأشخاص أحدهم برصاصة في الرأس، وفقا للسلطات ووسائل الإعلام الفلسطينية. وقال رئيس بلدية المغير أمير أبوعليا في تصريح لوكالة فرانس برس إن “العشرات من المستوطنين يهاجمون القرية ويحرقون كل ما يقع تحت أيديهم”.

وتصاعدت أعمدة الدخان من المنازل المحترقة والحقول والمباني والآليات الزراعية فوق التلال والوديان. وكان قد فُقد أثر الفتى بنيامين أشمير البالغ 14 عاما بالقرب من المغير صباح الجمعة بينما كان يرعى أغنامه التي عادت دونه إلى مزرعته في ملاخي هشالوم.

وأطلق الجيش على الفور عملية واسعة النطاق، كما انطلق المئات من المدنيين، بمن فيهم مستوطنون كثر، بحثا عنه. وعُثر على جثة الفتى في مكان قريب ظهر السبت. وأشار الجيش والشرطة وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شاباك) في بيان إلى أن "بنيامين أشمير قُتل في هجوم إرهابي".

فرانشيسكا ألبانيزي: الجيش الإسرائيلي أثبت بشكل واضح أنه لا يريد أو غير قادر على إنجاز المهمة
فرانشيسكا ألبانيزي: الجيش الإسرائيلي أثبت بشكل واضح أنه لا يريد أو غير قادر على إنجاز المهمة

وقال نتنياهو إن قوات الأمن الإسرائيلية منخرطة في عملية "مكثّفة لمطاردة القتلة الخسيسين وكل من تعاون معهم”، منددا بـ”الجريمة الشنيعة”. وأطلق رئيس الحكومة نداء للتحلي بالهدوء داعيا “جميع المواطنين الإسرائيليين إلى تمكين قوات الأمن من أداء عملها دون عراقيل”. وحذّر وزير الدفاع يوآف غالانت من أي “أفعال انتقامية”. من جهته، ندّد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد بـ”عنف المستوطنين” بوصفه “انتهاكات خطيرة للقانون”.

وفي رام الله، حذّر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى من أن الهجمات التي يشنها مستوطنون على قرى وبلدات فلسطينية “لن تثني شعبنا عن الصمود على أرضه، وإفشال مخططات التهجير والطرد لصالح عصابات المستعمرين الإرهابية”. واعتبرت حركة الجهاد الإسلامي أن الحكومة الإسرائيلية تدفع نحو الزج بالضفة الغربية في أتون حرب شوارع.

وقالت الحركة في بيان إن “الاعتداءات المجرمة التي يرتكبها المستوطنون الصهاينة بتحريض حكومي وبحماية المؤسسة العسكرية ضد أهلنا في الضفة الغربية المحتلة وأراضيهم وبيوتهم تأتي في سياق المخططات التي يعد لها الكيان لتهجير شعبنا من الضفة، واستكمالا لحرب الإبادة ضد شعبنا الأبي والمتمسك بأرضه في غزة”.

وأفادت وزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية والهلال الأحمر الفلسطيني بسقوط قتيل واحد على الأقل وعشرات الجرحى، بينهم كثر بالرصاص، منذ الجمعة. وقالت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية “وفا” إن مستوطنين “هاجموا قريتي السّاوية وقُصرة، جنوب نابلس”.

ونقلت عن رئيس المجلس القروي في السّاوية محمود حسن قوله إن “العشرات من المستوطنين من مستعمرة عيلي، المقامة على أراضي المواطنين جنوب نابلس، هاجموا منازل المواطنين في المنطقة الشرقية من القرية (..) وأطلقوا الرصاص الحي صوب المنازل، وهاجموا المواطنين بالحجارة، دون أن يبلغ عن وقوع إصابات”.

◙ العشرات من المستوطنين يهاجمون قرى فلسطينية محاصرة من الجيش الإسرائيلي ويحرقون المنازل والحقول والآليات الزراعية

كما نقلت عن الناشط في مواجهة الاستيطان فؤاد حسن قوله إن مستوطنين “هاجموا المواطنين في الجهة الجنوبية والشرقية من قرية قُصرة، وأطلقوا النار صوب المنازل وأحرقوا محلا تجاريا”. وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان مقتضب، إن شابا (36 عاما) أصيب “بالرصاص الحي في الفخذ، ونقلته إلى مستشفى رفيديا (في نابلس)” خلال مواجهات شهدتها بلدة بيت فوريك.

ووفق تلفزيون فلسطين (حكومي) فإن حصيلة الإصابات في اعتداءات المستوطنين على القرى والبلدات الفلسطينية منذ مساء الجمعة، بلغت 50 إصابة. من جهته أشار الجيش الإسرائيلي إلى “إصابة العشرات من الإسرائيليين والفلسطينيين”. وكانت آثار العنف ما زالت بادية في المغير السبت.

وكان الدخان ما زال يتصاعد من السيارات وعربات الشحن الصغيرة والآليات الزراعية كما غطت آثار النيران الجدران. وتفقّد سكان مذهولون ما تبقى من منازلهم التي تحوّلت إلى مجرّد هياكل وفجوات نوافذ مطلة على السهل. وعلى جوانب الطرق، توجد العشرات من المركبات التي أضرمت فيها النار وحواجز للجيش لتفتيش السيارات.

ووفقا لرئيس بلدية دوما القريبة من نابلس (وسط)، فإن الضفة الغربية “تعيش حالة حرب حقيقية”. وفي قريته أضرمت النيران في 15 منزلا و10 مزارع للماشية، وفق ما أبلغ وكالة فرانس برس. وتأتي التطوّرات في خضم مواجهات متصاعدة في الضفة الغربية منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة في السابع من أكتوبر على إثر هجوم غير مسبوق شنّته الحركة على جنوب الدولة العبرية.

وفي الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967 قتل 462 فلسطينيا على الأقل هناك على يد جنود أو مستوطنين إسرائيليين، حسب السلطة الفلسطينية، التي تمارس سيطرة إدارية جزئية على الضفة. ودعت المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي الجمعة المنظمة الدولية إلى ضرورة توفير حماية للفلسطينيين. وقالت إن “الجيش الإسرائيلي أثبت بشكل واضح أنه لا يريد أو غير قادر على إنجاز هذه المهمة”.

3