موجة استقالات وإعفاءات في الكويت لتدارك أوجه القصور في الجهاز الحكومي

إرادة سياسية لإعادة النظر في جميع التعيينات المتعلقة بالمناصب القيادية.
الأربعاء 2022/12/28
انطلق قطار الإصلاح الإداري

تشهد الكويت هذه الأيام موجة استقالات وإعفاءات طالت مسؤولين وقيادات من الصف الثاني في الجهاز الحكومي، وتثير هذه الموجة جدلا واسعا، وسط سعي البعض إلى التشكيك في الدوافع القائمة خلفها، لكن أوساطا كويتية ترى أنها خطوة ضرورية لإنهاء حالة الوهن والخمول التي طبعت أداء العديد من المؤسسات والأجهزة والهيئات في الدولة، مع وجوب أن تترافق مع تفعيل مبدأ المحاسبة.

الكويت - ربطت أوساط سياسية كويتية موجة الاستقالات الجارية والتي طالت العديد من القياديين وكبار المسؤولين في أجهزة الدولة بانطلاق قطار المحاسبة، ومعالجة أوجه القصور التي طبعت الأداء الحكومي في الكويت، وأعاقت العديد من المشاريع، وأضرت بصورة المؤسسات الحكومية.

وأوضحت الأوساط أن العديد من المسؤولين وقيادات الصف الثاني في الجهاز الحكومي استغلوا خلال السنوات الماضية التجاذبات السياسية بين الحكومة السابقة التي كان يرأسها الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، ومجلس الأمة المنحل، وأخلوا بالواجب المهني، والبعض منهم قام بتجاوزات خطيرة.

ولفتت الأوساط ذاتها إلى أن هناك اليوم إرادة سياسية حازمة لإعادة النظر في التعيينات لاسيما تلك التي تمس قطاعات حساسة في الدولة، أو على صلة مباشرة بالمواطن، لإنهاء حالة الوهن والخمول، وضخ دماء جديدة مع تفعيل مبدأ المحاسبة الذي ظل جامدا لسنوات.

وكشفت مصادر مطلعة الثلاثاء عن قبول وزير الخارجية الشيخ سالم عبدالله سالم الصباح استقالة ثلاثة مساعدين له في الوزارة بناء على رغبتهم، وهم مساعد وزير الخارجية لشؤون آسيا السفير وليد الخبيزي، ومساعد وزير الخارجية لشؤون المراسم السفير ضاري العجران ومساعد وزير الخارجية لشؤون أفريقيا السفير علي السعيد.

وبحسب صحيفة "الرأي" المحلية فقد تقدم الوكيل المساعد لقطاع المنظمات الدولية والتجارة الخارجية في وزارة التجارة والصناعة عيد الرشيدي بطلب استقالة إلى وزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مازن الناهض.

◙ العديد من المسؤولين وقيادات الصف الثاني في الجهاز الحكومي استغلوا خلال السنوات الماضية التجاذبات السياسية

ويتجاوز عدد الاستقالات الحكومية المسجلة منذ نوفمبر الماضي العشرين استقالة بينهم نائب وزير الخارجية، ووكيل وزارة الإعلام، ووكيل التربية، ووكيلة المواصلات، ووكيل العدل، ووكيل الأوقاف، ورئيس الفتوى، ومدير الطيران المدني، ومدير جامعة الكويت ومدير الإحصاء ووكيل التجارة لقطاع المنظمات وغيرهم.

ولفتت استقالة رئيس مجلس إدارة هيئة الطرق والنقل البري حسين الخياط، ونائبه خالد بن سلامة أنظار المتابعين أكثر من غيرها، وذكرت صحيفة "القبس" أن من دوافع الاستقالة التخبط وسوء التخطيط والتراخي في تنفيذ المشاريع الحيوية اللازمة لصيانة الطرق والتقاطعات وبناء الجسور وغيرها من أعمال تطويرية أصبحت ضرورية لحل الأزمة المرورية وتطوير شبكة الطرق.

ووفقا للصحيفة ذاتها فقد انطوت استقالة الخياط وبن سلامة على جملة من الأسباب أبرزها عدم منح هيئة الطرق الاستقلالية وصعوبة العمل في ظل تشابك الاختصاصات وتكليفهما بأعمال خارج نطاق المهام الرئيسية.

ونقلت "القبس" عن مصادر قولها إن "هذا العدد الكبير وغير المسبوق من الاستقالات يزيد المشكلات في جهات الدولة ويعمق حالة اللااستقرار، ما يستلزم وقفة حاسمة، ووضع خطة عاجلة لشغل المناصب القيادية الشاغرة وتعيين قياديين فيها بالأصالة".

وفي المقابل شددت الأوساط السياسية على أن الاستقالات والإعفاءات الجارية كانت ضرورية وأنه من المتوقع أن يقع ملء الشغورات مع يناير المقبل، مشيرة إلى أن البعض يحاول التسويق إلى أن هذه الاستقالات لا ترتبط بمسار الإصلاح الإداري، وإنما هي تأتي للقطع مع الولاءات السابقة، وهذا مبالغ فيه.

ولفتت الأوساط إلى أن ضعف الأداء الحكومي كان يشكل هاجسا لدى القيادة الكويتية التي يمثلها أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وولي العهد الشيخ مشعل الجابر الصباح، وكان أحد الدوافع التي قادت إلى تغيير الحكومة وتشكيل حكومة جديدة برئاسة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح.

وأوضحت أن الكويت اليوم أمام فرصة مهمة لإطلاق قطار الإصلاحات الإدارية والمالية، لاسيما في ظل ما يسجل من تناغم بين الحكومة الحالية ونواب مجلس الأمة.

وكشف جهاز متابعة الأداء الحكومي الثلاثاء أن "نسبة التزام الجهات الحكومية بتنفيذ القرارات الوزارية الصادرة بخصوصها، بلغت نحو 60 في المئة”، مشيرا إلى أنه “يباشر اختصاصه، في متابعة تنفيذ القرارات الوزارية بمعرفة الوزارات المعنية والجهات التابعة لها".

جاء ذلك في رد على سؤال وجهه النائب ثامرالسويط إلى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء براك الشيتان، الذي أرفق رد رئيس جهاز متابعة الأداء الحكومي الشيخ أحمد مشعل الأحمد في كتاب له إلى مجلس الأمة.

◙ الكويت اليوم أمام فرصة لإطلاق قطار الإصلاحات الإدارية والمالية لاسيما في ظل التناغم بين الحكومة ونواب مجلس الأمة

وأظهر الرد الذي نشرته وسائل إعلام محلية تدني مستوى تقييم الأداء الشعبي للوزارات والجهات الحكومية، مسجلا نسبة 69.4 في المئة، بمعدل "مقبول" لمتوسط تقييم الجمهور لأداء 30 جهة حكومية، ما بين وزارة وهيئة ومؤسسة وإدارة، وهي نسبة تعكس عدم الرضا الشعبي على ما تقدمه الجهات الحكومية.

وأوضح الجهاز أنه "يباشر اختصاصاته في شأن استطلاع الرأي العام في مستوى الأداء الحكومي وسبل الارتقاء به، من خلال استخدام الاختبارات الميدانية كأحد نظم القياس الأكثر واقعية".

وأرفق مع الرد نتائج استطلاعات الرأي العام التي قام بها ضمن جداول مفصلة لكل جهة حكومية. وأظهرت تلك الجداول أن أعلى نسبة رضا سجلها الجمهور كانت لأداء مؤسسة التأمينات الاجتماعية التي حصلت على نسبة 82 في المئة، بمعدل "جيد"، تلتها هيئة شؤون القصّر التي سجلت 81 في المئة، ثم إدارة الرقابة التجارية في وزارة التجارة والصناعة التي حصلت على 80 في المئة وبمعدل جيد أيضا، لتتوالى أرقام الرضا نزولا، ليكون أدنى مستوى للرضا الشعبي على خدمات مبنى الركاب في مطار الكويت الدولي بنسبة 58.7 في المئة وبمعدل "ضعيف" لخدمات "المغادرين" و59.2 في المئة (ضعيف أيضا) لخدمات القادمين.

ولوحظ أيضا انخفاض الرضا الشعبي على خدمات المستشفيات العمومية التي سجلت 60 في المئة (مقبول)، وقريبا منها مؤسسة الرعاية السكنية التي سجلت نسبة 61 في المئة (مقبول) من الرضا الشعبي.

ومن بين الجهات التي لم تنل التقييم العالي الصندوق الوطني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وإدارة العلاج بالخارج في وزارة الصحة، حيث حصل كل منهما على نسبة 66 في المئة.

3