"موت موظف" كوميديا سوداء عن الخوف وتأثيره في الإنسان

عمل مسرحي يسرد قصصاً اجتماعية متنوعة ومستوحاة من قصص واقعية تعاش يوميا في المجتمعات العربية.
الاثنين 2022/05/23
مجتمع تسيّره غريزة الخوف

دمشق - اختار المؤلف والمخرج المسرحي السوري لؤي شانا قصة “موت موظف” من الأدب الروسي للكاتب أنطون تشيخوف لعرضه المسرحي الجديد الذي قدمه مؤخرا على خشبة مسرح الحمراء في دمشق.

وتتناول قصة تشيخوف، التي تعد واحدة من كلاسيكيات القصة القصيرة، ظاهرة الخوف لدى البشر واعتبرت من أفضل النماذج في مجال القصة القصيرة حسب النقاد.

وجسدت المسرحية الواقع المعيش والحياة اليومية في سوريا انطلاقا من فكرة الخوف وما تخلفه من آثار سلبية على المجتمع كونها ظاهرة وغريزة غير استثنائية تشمل جميع البشر بدرجات متفاوتة.

المسرحية جسّدت الواقع المعيش والحياة اليومية انطلاقا من فكرة الخوف وما تخلفه من آثار سلبية على المجتمع

ويحاكي العرض قصة عطسة الموت الشهيرة التي تسبب بها موظف حكومي يدعى إيفان أدى دوره الفنان علي القاسم ليعطس على أحد المسؤولين مسبباً له حالة هيستيرية من الذعر والخوف اللامبرر له رغم اعتذاره من المسؤول، مرات ومرات.

وتتالى أحداث العمل المسرحي ليسرد قصصاً اجتماعية متنوعة ومستوحاة من قصص واقعية تعاش يوميا في المجتمعات العربية، بقالب الكوميديا السوداء أداها نخبة من الجيلين المخضرم والشاب.

وقصة تشيخوف القصيرة “موت موظف” تقع في صفحتين ونصف من القطع المتوسط وتتكون من 670 كلمة فقط، وقد كتبها عام 1883 عندما كان عمره 23 سنة وكان لا يزال طالبا في الكلية الطبية في جامعة موسكو، ونشرها في إحدى المجلات الفكاهية من الدرجة الثانية ووقٌعها باسم مستعار، ومع ذلك لازالت هذه القصة القصيرة التي ظهرت قبل 130 سنة منتشرة ويعاد طبعها وتترجم إلى لغات أجنبية عديدة، منها لغتنا العربية.

وقد صدرت القصة بالعربية تحت عناوين مختلفة وهي “موت موظف / وفاة موظف / موت الموظف” وأيضا بعنوان “الرجل الذي عطس” وهي ترجمة ترٌكز على الجانب الكوميدي للقصة متناسية أنها تنتهي بموت بطلها نتيجة رعب الإنسان الضئيل والمسحوق وخوفه الكامن في أعماقه من كل ما يحيط به في الحياة بسبب العبودية المتجٌذرة في روحه.

وبيّن مؤلف ومخرج العمل لؤي شانا أن العرض تضمن الكثير من الدلالات والرموز التي تشير إلى النتائج المدمرة للخوف في المجتمع فقد يتحول إلى هلع يقتل صاحبه ليؤكد العمل على ضرورة تجاوز الخوف وأضراره.

وأوضح أنه يتبنى رؤية تشيخوف التي تؤكد أنه لا وجود للخوف من حولنا فنحن من نصنعه بداخلنا ونغذيه حتى يكبر ويكبر ويسيطر علينا، وهذه هي الفكرة الأساسية التي أراد إيصالها إلى الجمهور من خلال مسرحية كوميدية وبسيطة.

ويعد الخوف من الغرائز ذات السلطة المؤثرة على سلوك الفرد، وربما كانت عاملا أساسيا من عوامل بناء حضارة وثقافة الإنسان، ودافعا لإنتاج بعض المنجزات على صعيد الرسم والعمارة والكتابة الأدبية والفلسفية والفنون بشكل عام، والتي نطّلع في ثناياها على خوف الإنسان من مصائر مجهولة.

عرض يتضمن الكثير من الدلالات والرموز التي تشير إلى النتائج المدمرة للخوف في المجتمع

ويعد الكاتب أنطون تشيخوف (1860-1904) واحدا من أهم الكتاب المسرحيين الروس الذين عانوا من إفرازات المجتمع الروسي فبث مخاوفه وقلقه عبر شخصياته المسرحية، ضمن قصص قصيرة ذات فصل واحد، فعبرت عن خوفها من المواجهات الاجتماعية التي تعيشها عبر يوميات محدودة الأفق ضيقة الحدود تدفع إلى الحيرة والخوف والحسرة، وتنظر للخوف من زوايا متعددة لعل من بينها زاوية التحليل النفسي .

وقال الممثل المسرحي علي القاسم الذي جسد شخصية الموظف إيفان “إن مسرحية موت موظف نابعة من الواقع المعيش وقدمت قصصاً اجتماعية من الحياة اليومية التي يعيشها الموظف في أغلب الدول العربية» معرباً عن سعادته بأداء هذا الدور.

وأوضح الفنان محمد سالم الذي جسّد شخصية المسؤول أن “تجربته في موت موظف هي الأولى مع المؤلف والمخرج لؤي شانا” لافتاً إلى “مشاركة مجموعة من الممثلين الشباب الذين يصعدون لأول مرة على خشبة المسرح مقدمين ما لديهم من إبداعات ومواهب فنية أثرت العمل وأغنته بروح الشباب ما يؤكد على ضرورة تباين الأجيال على خشبة المسرح”.

يشار إلى أن المسرحية من تمثيل: علي القاسم، باسل حيدر، لميس عباس، نجاة محمد، محمد سالم، ماجد عيسى، أحمد العبود، أليسار صقور، باسل كربوج، براء سمكري، خالد القصير، زين العابدين شعبان، زينب عيد، صلاح الطوبجي، عماد يوسف، مصطفى خطيب، مرح إسماعيل، ملاك خطيب، نور كباريتي، والمخرج المساعد غادة اسماعيل.

ومخرج المسرحية “لؤي شانا” هو ممثل ومخرج مسرحي من مواليد اللاذقية، متخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية وله مشاركات متميزة في العديد من المهرجانات الوطنية والدولية، وهو مؤسس تجمع القباني للفنون المسرحية وهو المعهد الأول الخاص للتمثيل في سوريا.

14