مواقع التواصل العراقية تنتفض ضد رئيس ديوان الوقف الشيعي

إشادة الشمري بأعضاء الحكومة خلال مناسبة دينية تستفز الحشود.
الثلاثاء 2024/07/09
التملق الوظيفي

اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق موجة غضب واسعة بعد مديح رئيس ديوان الوقف الشيعي للحكومة في مناسبة دينية حضرتها حشود من المواطنين الذين جاؤوا لبث شكواهم من أوضاعهم وأزماتهم، التي لا تنتهي بسبب الفساد الحكومي المستشري.

بغداد - تحول اسم حيدر الشمري رئيس ديوان الوقف الشيعي في العراق إلى ترند على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الانتقادات اللاذعة التي تعرض لها بسبب كلمته التي ألقاها خلال مناسبة دينية، أشاد فيها بإنجازات الحكومة والسياسيين ليثير غضبا واسعا بين الحشود المستاءة من أداء الحكومة وعجزها عن إيجاد حلول لأزماتهم المتصاعدة.

وقاطع جموع “المعزّين والزائرين” في كربلاء، مساء الأحد كلمة الشمري خلال مراسم تبديل راية مرقد الإمام الحسين، واستهجن الزائرون ولوحوا بأيدهم بالرفض عندما تطرق الشمري في كلمته بالمناسبة التي ألقاها داخل المكان (المقدس بالنسبة للطائفة الشيعية) إلى شكر الحكومة المركزية وأعضاء مجلس النواب والمجالس المحلية.

وبينما اعتبر المحللون السياسيون أن هذا الموقف أحدث مؤشر على استمرار عدم الثقة بين المواطن والعملية السياسية، اجتاحت التعليقات المهاجمة والمستنكرة لكلمة الشمري مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبر الناشطون عن رفضهم لأداء الطبقة السياسية بكل مكوناتها، وحملوها مسؤولية تفشي الفساد في البلاد، غير أن النصيب الأكبر من الهجوم ذهب إلى رئيس ديوان الوقف الشيعي باعتباره استغل المناسبة التي تحمل خصوصية ورمزية كبيرة لدى غالبية العراقيين لتلميع الحكومة والإشادة بطبقة “الفاسدين”، وجاء في تعليق:

ونشرت العديد من الحسابات مقاطع فيديو للمناسبة، وأصوات استنكار الحشود الغاضبة والرافضة لكلام الشمري، وقال ناشط:

وعلق آخر:

وتحدث البعض عن الأزمات والمعاناة التي يعيشهما المواطنون ويجتمعون في هذه المناسبة لبث شكواهم والدعاء، بينما “عملاء” الحكومة “يتملقون” الطبقة الفاسدة، وجاء في تعليق:

من جهتها، عبرت الصحافية قدس السامرائي عن استغرابها من كل هذا الغضب تجاه الشمري، في حين أن هناك الكثير من التابعين للحكومة من المسؤولين عن العتبات المقدسة، وكتبت في تغريدة:

وأوضحت الصحافية في تغريدتها أن “أكبر مثال، قائد شرطة كربلاء وقيادة العمليات رغم انتهاء مدتهم الزمنية باقين في مناصبهم لولا الصافي والكربلائي لكانوا الآن خارج السرب. ولا ننسى أيضا محافظ كربلاء ودعمه من قبل العتبات. هذا غير الأمور في الوزارات والمديريات”.

وأضافت “لنكون واضحين عند كل زيارة إلى الأضرحة من قبل السوداني وأصغر موظف بالحكومة. أليست العتبات تسمح بدخول سيارات الحماية والمصفحات وتفضلهم على الزوار، من غير يسمح بقطع الطرق ودخولهم معززين مكرمين لحد شباك الضريح وكأنهم أنبياء منزليين من السماء!”.

وتابعت “إذا يا زوار لا تتعجبوا وتستغربوا عندما أحد التابعين للعتبة أو شيخ الوقف السني أو الشيعي يمجد بالحكومة، كفى تضحكون على أنفسكم، عندما تتغيروا ولا تمجدوا بالحكومة الحالية والماضية والمستقبلية في تلك اللحظة ارفضوا وامنعوا عندما يمجدوا المسؤولين في المناسبات الدينية والوطنية”.

ومنذ سنوات طويلة يشتكي العراقيون من شتى أنواع الأزمات في كل المجالات والسبب الرئيسي لها هو الفساد المستشري، حيث يصنّف العراق ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، في مؤشر مدركات الفساد لعام 2022 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، إذ جاء بالمرتبة السابعة عربيا والـ157 عالميا من بين 180 دولة مدرجة على قائمة المنظمة. وحافظ العراق على تلك المرتبة لعدة سنوات متتالية.

العديد من الحسابات نشرت مقاطع فيديو للمناسبة تضمنت أصوات استنكار الحشود الغاضبة الرافضة لكلام الشمري

وتشير أرقام متفرقة إلى أن إجمالي الأموال المنهوبة تتجاوز 300 مليار دولار، فيما أوردت وكالة الأنباء العراقية أن إجمالي الرقم يبلغ 360 مليار دولار، بينما يقدرها برلمانيون بـ450 مليار دولار.

وسبق أن اتهمت هيئة الضرائب العراقية 5 شركات خاصة بسرقة أكثر من 2.5 مليار دولار، من أموال الهيئة، بالتنسيق مع عدد من الموظفين في وزارة المالية، مما يجعلها تصنف أكبر سرقة في تاريخ العالم.

والأموال المسروقة استقطعت من قبل الشركات والأفراد الذين لديهم مشاريع مع الحكومة، أو من خلال استيراد البضائع، عبر دفعهم 10 في المئة من إجمالي المبلغ، الذي يسترد بعد الانتهاء من المشروع.

كما يؤثر الفساد المتفشي داخل الحكومة العراقية على الطريقة التي تتفاعل بها الجهات الخارجية مع الدولة. فبعض الشركات الدولية تلجأ إلى الرشوة للحصول على عقود كبيرة، فتؤدي هذه الأموال غير المشروعة إلى إثراء مجموعات المصالح المرتبطة بشكل غير مباشر بوزارات مختلفة. وغالبًا ما يرأس هذه الوزارات وزراء يتم تعيينهم سياسيا من قبل الجماعات الطائفية، ما يؤدي إلى تأخير مشاريع البنية التحتية وفشلها.

وتفيد العقود الكبيرة في المقام الأول الشركات المرتبطة بأحزاب سياسية أو سياسيين محددين، بحيث تعمل مع الإفلات من العقاب. وهذا يضع الشركات الدولية، بما في ذلك الشركات الأميركية، في وضع غير مؤات في ما يتعلق بالامتثال لتدابير مكافحة الفساد، بينما تحاول التنافس على العقود وتمارس الأعمال التجارية في العراق.

ولا يزال الفساد في العراق السبب الرئيسي للنزاعات والانقسامات الطائفية والخلل الحكومي. فالفساد المتأصل في الحكومة العراقية يشل قدرات الدولة ويزيد من الفقر وآثار تغير المناخ والهجرة الجماعية والعنف.

5