مواجهات عين الحلوة صراعات بالنيابة

محور إيران يعمل على تغيير المعادلة ضمن مشروع "توحيد الساحات".
السبت 2023/09/16
بانتظار جولة جديدة

يتفق مراقبون على أن ما يجري داخل مخيم عين الحلوة، والذي يلقب بـ"عاصمة الشتات الفلسطيني"، يتجاوز بعده المحلي إلى الإقليمي، في ظل سعي محور إيران لإعادة تشكيل المشهد داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان ضمن مشروع توحيد ساحات المواجهة مع إسرائيل.

بيروت - ساد هدوء حذر مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان الجمعة، بعد التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، بدأ سريانه عند الساعة السادسة من مساء الخميس. لكن مراقبين يشككون في صمود الاتفاق نظرا لتجارب سابقة، وحيث أن المواجهات المسلحة في المخيم تتجاوز مجرد خلافات بين منظمة التحرير الفلسطينية وتنظيمات إسلامية إلى صراع بالوكالة، يحضر فيه الجانب الإقليمي بقوة.

وجرى الخميس التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية رئيس مجلس النواب اللبناني زعيم حركة أمل نبيه بري، بعد فشل اتفاق سابق تم مساء الاثنين بتدخل من مسؤولين أمنيين لبنانيين. وفي نهاية يوليو الماضي اندلعت الاشتباكات في عين الحلوة إثر قيام عنصر من الأمن الوطني الفلسطيني في المخيم بقتل عنصر من جماعة إسلامية تُدعى “الشباب المسلم”؛ على خلفية قضية اغتيال حدثت في مارس الماضي.

وارتفعت آنذاك حدة الاشتباكات بين عناصر من حركة فتح والتنظيم المتشدد؛ ما أسفر عن مقتل 14 شخصا، من بينهم قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا (جنوب) والقيادي في فتح، العميد أبوأشرف العرموشي، مع 4 من مرافقيه.  وتم احتواء تلك المواجهات، وهدأت الأوضاع بين الجانبين على مدى شهر قبل أن تعود إلى مربع العنف مجددا في السابع من سبتمبر الجاري، لتخلف المواجهات 17 قتيلا وأكثر من 150جريحا، فضلا عن النزوح المكثف من قبل اللاجئين الفلسطينيين.

◙ الحديث عن وقف لإطلاق النار في عين الحلوة لا يعدو كونه تهدئة هشة بانتظار جولات قتال جديد، قد تتمدد لمخيمات أخرى

ويرى المراقبون أن حصر المواجهات في بعدها المحلي وتصويرها على أنها مجرد تصفية حسابات بين فصيلين يبقيان قاصرين، مشيرين إلى أن البعد الإقليمي فاعل وبقوة، فهناك محور تقوده إيران يسعى إلى تغيير المعادلة القائمة في المخيمات الفلسطينية في لبنان، لجعلها جبهة مواجهة أخرى تحت شعار “توحيد الساحات ضمن محور المقاومة”. وفي المقابل يسعى محور آخر لإجهاض هذا المخطط، وتكريس سيطرة منظمة التحرير التي تتزعمها حركة فتح على المخيمات، ولاسيما على مخيم عين الحلوة الذي يلقب بـ”عاصمة الشتات الفلسطيني”.

ويشير المراقبون في هذا الصدد إلى الانتقادات التي وجهتها بعض وسائل الإعلام القريبة من حزب الله اللبناني في الأيام الأخيرة إلى الجيش اللبناني، حيث اتهمته بالانحياز إلى حركة فتح في المواجهات مع الجماعات الإسلامية. وقالت تلك الوسائل بصريح العبارة إنه لا يمكن استمرار قبضة حركة فتح على المخيمات الفلسطينية في لبنان، مشددة على أن ما يدار من حديث لدى بعض المسؤولين اللبنانيين عن ضرورة نزع سلاح المخيمات أمر مرفوض.

ويرى المراقبون أن هذه المواقف المسجلة هي في واقع الأمر رسائل موجهة من حزب الله الموالي لإيران، وتفيد بأن الحزب يقود مخططا لتمكين الفصائل القريبة من محور طهران في المخيمات، وهذا أمر يشكل تحديا أمنيا وعبئا إضافيا على لبنان.

ويلفت المراقبون إلى أن إطلالات حركة حماس المكثفة مؤخرا وتصدرها أخبار التوصل إلى اتفاقات هشة لوقف إطلاق النار في عين الحلوة، مع تسويقها لفكرة أنها باتت رقما صعبا في مخيم عين الحلوة بحديث أحد قيادييها، وهو رئيس دائرة شؤون اللاجئين في الحركة محمد إبراهيم المدهون، عن تعاظم وجودهم التنظيمي والسياسي والعسكري في تلك المخيمات، كل ذلك يصب في سياق تحركات محور إيران لإعادة تشكيل المشهد داخل المخيمات. ويقول هؤلاء إنه على ضوء الواقع الراهن فإن الحديث عن وقف لإطلاق النار في عين الحلوة لا يعدو كونه تهدئة هشة بانتظار جولات قتال جديد، قد تتمدد إلى مخيمات أخرى.

2