مواجهات بين الأمن التونسي ومحتجين في القصرين وعقارب

الوحدات الأمنية تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق مجموعة من الشبان عمدوا إلى رشقها بالحجارة وذلك خلال احتجاجات ليلية.
الاثنين 2021/12/20
المطالبة بالتنمية والتشغيل ليلا

تونس - تجددت مساء الأحد اشتباكات بين قوات الأمن التونسية والعشرات من الشبان المحتجين في ولاية القصرين، غربي البلاد، لليلة الثالثة على التوالي، كما قام عدد من المحتجين في منطقة عقارب من ولاية صفاقس (جنوب شرقي) بإحراق الإطارات المطاطية وغلق الطرقات.

وعمد عدد من الشبان بولاية القصرين إلى إحراق إطارات مطاطية ورشق السيارات الأمنية بالحجارة، وردت الوحدات الأمنية عليهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

وطاردت قوات الأمن المحتجين في شوارع الولاية، وألقت القبض على 5 أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و17 سنة، ليتم لاحقا إطلاق سراح أحدهم فيما تم الإبقاء على الآخرين.

وكانت وحدات من الجيش التونسي تمركزت مساء السبت أمام المنشآت العامة لحمايتها، بعد تجدد الاشتباكات لليلة الثانية على التوالي، بين عناصر الأمن وعدد من المحتجين الذين يطالبون بالتشغيل والتنمية.

وامتدت الاحتجاجات إلى عدد من الأحياء في ولاية القصرين، ومنها حي "الحسين زروق" و"حي النور"، وطالب المحتجون بالتشغيل والتنمية.

وفي منطقة "المرعنية" من بلدية عقارب بولاية صفاقس قام عدد من شبان القرية مساء الأحد بحرق عجلات مطاطية وغلق عدد من الطرقات، للمطالبة بتسوية وضعياتهم وانتدابهم في مصنع فيتورة الزيتون.

ودخل المحتجون في مواجهات مع العناصر الأمنية التي استعملت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين وفتح الطرقات.

وشهدت أعداد من الولايات التونسية في الأيام الماضية احتجاجات ليلية على خلفية مطالب اجتماعية تتمثل في التنمية والتشغيل بالأساس، لكنها تحولت في بعض الأحياء إلى عمليات تخريب ومواجهات مع العناصر الأمنية.

وقام عدد من المحتجين في "حي الانطلاقة" بالعاصمة تونس ليل الجمعة بإشعال العجلات المطاطية وإغلاق الطرقات، ودخلوا في مواجهات مع العناصر الأمنية التي قامت بتفريقهم باستعمال قنابل الغاز المسيل للدموع.

وخرج المتظاهرون للاحتجاج والمطالبة بالتشغيل والتنمية، بالتزامن مع إحياء ذكرى الثورة التونسية (17 ديسمبر 2010)، وتحول الاحتجاج إلى أعمال تخريبية في المنطقة.

وامتدت احتجاجات حي الانطلاقة إلى بعض الأحياء المجاورة، ومنها حي التضامن، حيث نفّذ عدد من الشبان تحركا احتجاجيا وقاموا بإشعال العجلات المطاطية.

وشهدت ولاية سيدي بوزيد الجمعة تحركات احتجاجية تطالب بالتشغيل والتنمية، ورفض المحتجون الاحتفال بذكرى الثورة التونسية في الولاية.

وقبل أيام، قامت تنسيقيات المعطلين عن العمل المشمولين بالقانون 38 المتعلق بتشغيل من طالت بطالتهم 10 سنوات، بتحركات احتجاجية في كامل ولايات الجمهورية، احتجاجا ورفضا لقرار الرئيس قيس سعيّد عدم تفعيله لأحكام القانون.

وينص القانون 38 الصادر عن البرلمان التونسي في التاسع والعشرين من يوليو 2020، على الانتداب الاستثنائي لأصحاب الشهادات العليا ممن بلغت فترة بطالتهم 10 سنوات.

وفي السادس عشر من أغسطس من العام ذاته، وقّع سعيّد القانون، وأمر بنشره في الرائد الرسمي (المجلة الرسمية) للبلاد، ليصبح قانونا من القوانين النافذة للدولة، في انتظار صدور الأوامر الترتيبية للحكومة.

ومنذ أيام صرّح سعيّد بأن "القانون وضع كأداة للحكم لاحتواء الغضب وبيع الأحلام وليس للتنفيذ"، مشيرا إلى أنه "لم يصدر أي أمر ترتيبي لتطبيقه".

وتأتي هذه التحركات الاحتجاجية تزامنا مع مظاهرات مؤيدة لقرارات الرئيس قيس سعيّد الأخيرة، وأخرى معارضة لها ومنددة بها، وذلك بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لاندلاع ثورة الياسمين.

وكان الرئيس التونسي أعلن الاثنين الماضي استمرار تجميد اختصاصات البرلمان إلى حين تنظيم انتخابات مبكرة في السابع عشر من ديسمبر 2022، يتخللها القيام باستفتاء وطني حول الإصلاحات الدستورية.

ولقيت الرزنامة التي طرحها الرئيس التونسي قدرا من الارتياح لدى الشارع التونسي، وأيضا دعما من قبل المجتمع الدولي، لكنها في المقابل عززت التباينات داخل الطبقة السياسية والفعاليات النقابية والاجتماعية.

وقامت القوات الأمنية السبت بفض اعتصام مجموعة "مواطنون ضد الانقلاب" المحسوبة على حركة النهضة الإسلامية، كانت بدأته الجمعة في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، للمطالبة بما وصفته بالعودة إلى الشرعية.

وأعلنت وزارة الداخلية السبت فتح تحقيق ضد بعض أعضاء تلك المجموعة لاعتدائهم بالعنف على عدد من الإطارات الأمنية، وذلك أثناء منع المتظاهرين من نصب خيامهم بشارع الحبيب بورقيبة في مخالفة للقانون والتراتيب النافذة.

وكانت بعض القوى المعارضة للرئيس التونسي نظمت مسيرات احتجاجية في ذكرى الثورة، في محاولة جديدة للإيحاء بأنها لا تزال طرفا قويا في المعادلة وتحظى بشعبية، لكن متابعين يرون أن هذه الاحتجاجات كانت ضعيفة العدد، فضلا عن أنها كشفت عن انقسامات في صفوف المعارضين لنهج سعيّد.

ويشير مراقبون إلى أن القوى السياسية فقدت جزءا كبيرا من ثقة الشارع التونسي، وبالتالي لن تكون لهذه الاحتجاجات فاعلية تذكر، لكن يبقى التحدي الأكبر والحقيقي أمام الرئيس سعيّد هو الوضع الاقتصادي الذي يشهد تدهورا، والذي من غير المستبعد أن يزداد سوءا في ظل استمرار وباء كورونا، والعلاقة المتوترة مع منظمة الاتحاد العام التونسي للشغل التي قد تستخدم سلاح الإضرابات لدفع الرئيس التونسي إلى الإصغاء إليها، وعدم تجاهل ثقلها الذي يتخطى البعد الاجتماعي إلى السياسي.