مهنيون: المنصات الرقمية لا تنافس التلفزيون في الإنتاجات الدرامية

ندوة "الدراما العربية في العصر الرقمي" تلغي الصدام  بين المنصات الرقمية والقنوات التلفزيونية بحلول جديدة.
الخميس 2023/06/15
المنصات مكمل لا منافس

تونس- وجدت العديد من المسلسلات الدرامية في المنصات الرقمية الملاذ الآمن لعرضها، حيث أصبحت المنصات عنصر الجذب الأبرز للعديد من الأعمال الدرامية العربية والخليجية، ولم تكتف المنصات بالبث بل صارت تنتج أعمالا خاصة ما اعتبره البعض تهديدا للفنوات التلفزيونية وأساليب الإنتاج التقليدية.

وفي هذا الإطار اعتبر عدد من المهنيين والخبراء أن المنصات الرقمية هي مكمل للتلفزيون في الإنتاجات الدرامية وليست في منافسة له. جاء ذلك في ندوة بعنوان «الدراما العربية في العصر الرقمي» انتظمت بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي بتونس العاصمة، مؤخرا، وأدارتها الإعلامية المصرية إيناس جوهر (رئيسة الإذاعة المصرية سابقا)، وشارك فيها كل من المخرج التونسي مراد بالشيخ والمخرج اللبناني جورج خباز والمدير التقني لمنصة «آرتيفاي» يحيى المقرش. وتنزلت أشغال هذه الندوة في إطار الدورة 23 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون، المنتظم من الثاني عشر إلى الخامس عشر من يونيو الجاري.

رغم أن الدول العربية لم تتخط بعد المستوى الرقمي، إلا أن كتّاب السيناريو يبدون تخوفهم اليوم من هيمنة الذكاء الاصطناعي وإمكانية إلغاء دورهم

وتتطور منصات البث العربية بروية سنة بعد سنة لتحرر الإنتاج الدرامي من هيمنة القنوات الفضائية التي حولته إلى تخمة رمضانية فحسب، وتسعى هذه المنصات إلى خلق مواسم درامية أخرى لا ترتبط بشهر رمضان وإنما بجودة الأعمال وتوفير رغبات المشاهدين، وهو ما يترسخ هذا العام مع الموسم الصيفي.

وتمضى المنصات الرقمية بخطى ثابتة نحو خلق مواسمها الخاصة التي تجذب قطاعات واسعة من الجمهور أضحت أكثر ارتباطاً بها مقارنة بفضائيات عربية متعددة، وهو ما يشي بوجود تحولات أخرى على مستوى حجم السوق الإعلانية التي مازالت تستحوذ عليها  بعض الفضائيات، وكلما حدثت استدارة إعلانية نحو المنصات يغير ذلك طبيعة موسم دراما رمضان الذي بدأ يتخذ صبغة قريبة من المنصات عبر التوسع في إنتاج المسلسلات القصيرة التي حقق بعضها نجاحاً جماهيريا هذا العام.

واستهل المخرج اللبناني جورج خباز سلسلة المداخلات بالتأكيد على أن المنصات الرقمية وجدت في البداية لإعادة بث ما ينتجه التلفزيون، ثم أصبحت تنتج بنفسها الأعمال الدرامية، مضيفا «لا يمكن اعتبار هذا الأمر من باب المنافسة بل هو من باب التكميل، فلكل منهما خصوصيته وجمهوره».

ولاحظ أن المنصات تتيح للمتفرج خيارات عديدة أبرزها إمكانية مشاهدة العمل الدرامي عبر مراحل، فالمتابع للمنصات يمكن أن يأخذ قسطا من الراحة أو أن يتم عملا ما، ثم يستأنف المشاهدة أو إعادة بعض اللقطات، كما أن المنصات منفتحة أكثر على الأعمال الدرامية للثقافات الأخرى كالهندية والأوروبية، على عكس التلفزيون الذي ينحسر في الثقافة المحلية على وجه الخصوص.

والمنصات الرقمية لديها أساليب عديدة تجعلها أكثر قدرة على إنتاج الأعمال الدرامية دون كلفة مالية باهظة، لأنها تعتمد على المسلسلات القصيرة التي قد لا تتجاوز العشر حلقات، وتعمل على توزيع عملية الإنتاج عبر تقديم أجزاء لضمان تحقيق أرباح من كل جزء على حدة عند بثه، وتدرك أن هناك جمهورا لديه رغبة في مشاهدة الأجزاء مجمعة، وآخر ينجذب نحو الحلقات القليلة.

التطور التكنولوجي مهم لترويج الأعمال الدرامية
التطور التكنولوجي مهم لترويج الأعمال الدرامية

وتمحورت كلمة المخرج التونسي مراد بالشيخ حول متغيرات الإنتاج الدرامي في ظل التحول الرقمي على مستوى الكتابة وطرق السرد الدرامي وكذلك على مستوى تقنيات التصوير والإخراج والمونتاج.

ويعتقد بالشيخ أن الدول العربية لم تتخط بعد المستوى الرقمي، مبينا أن كتّاب السيناريو العرب يفتقدون منظومة في كتابة السيناريو باللغة العربية، «إذ تمكن هذه المنظومة الرقمية لكتابة السيناريو من الاطلاع على مدى دقة الإيقاع الدرامي وصحته». واقترح، في هذا السياق، تمويل مشروع لإحداث منظومة رقمية تتعلق بكتابة السيناريو. كما دعا إلى تكوين كتّاب سيناريو وفق معايير ومناهج علمية واضحة ومتعارف عليها من أجل خلق منتوج درامي عالي الجودة.

وتحدث أيضا عن تخوف كتّاب السيناريو اليوم من هيمنة الذكاء الاصطناعي وإمكانية إلغاء دورهم، لافتا إلى أن «هناك منصات أميركية ألغت بالفعل وجود الكاتب في أماكن التصوير».

من جانبه أفاد المدير التقني لمنصة «آرتيفاي» يحيى المقرش أن التلفزيونات استخدمت الشبكات الاجتماعية لإعادة بث إنتاجاتها الدرامية، لكن مع تراجع عائدات الإشهار وجدت هذه المحطات التلفزيونية نفسها مضطرة لبيع أعمالها للمنصات الرقمية، مبرزا أن هذا الأمر عائد أيضا إلى المشاهد الذي أصبح أغلبه يفضل الفرجة على ما تتيحه المنصات من أعمال.

وقالت الممثلة المغربية سناء عكرود، وهي أيضا مخرجة ومنتجة، أن التطور التكنولوجي مهم لترويج الأعمال الدرامية، داعية إلى ضرورة التأقلم مع هذا التطور التكنولوجي والإسراع بمواكبة التحولات التكنولوجية. وذكّرت بدور المنصات الرقمية في تقديم مادة ترفيهية متنوعة في فترة الحجر الصحي أثناء الجائحة.

واقترح المخرج والممثل التونسي الأسعد الجموسي إحداث منصة عربية تحت راية اتحاد إذاعات الدول العربية، يتم فيها جمع الأعمال الدرامية العربية والترويج لها. وأشار عدد من المتدخلين أثناء النقاش إلى مساحة الحرية التي توفرها إنتاجات المنصات الرقمية مقارنة بالإنتاجات التلفزيونية.

13