مهمة صعبة تنتظر بيرتس في غياب توافق سوداني حول مبادرة يونيتامس

الخرطوم - تنتظر فولكر بيرتس رئيس البعثة الأممية المتكاملة لدعم الانتقال في السودان “يونيتامس”، مهمة صعبة في ظل المواقف المتباينة للقوى المختلفة في البلاد حول دعوة الأمم المتحدة للحوار.
وتتراوح مواقف القوى السياسية في السودان بين ترحيب مشروط ورفض قاطع لمبادرة الأمم المتحدة لتسهيل الحوار بين الأطراف السودانية، على أمل إيجاد حلّ جذري للأزمة المعقدة في البلاد.
ويشهد السودان منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، احتجاجات صاخبة تطالب بـ”حكم مدني كامل” ردا على إجراءات اتخذها قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، منها فرض حالة الطوارئ وحلّ مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، ما اعتبره الرافضون “انقلابا عسكريا” مقابل نفي من الجيش.
وأعلن بيرتس بدء مشاورات “أولية” منفردة مع الأطراف السودانية كافة، تمهيدا لمشاورات (لم يحدّد موعدها) يشارك فيها أصحاب المصلحة الرئيسيين من المدنيين والعسكريين، بحسب تصريحات له الأحد والاثنين.
ولم تتضمن مبادرة بيرتس خارطة طريق واضحة ومحددة زمنيا لإنهاء الأزمة السودانية، الأمر الذي يشكل إحدى نقاط ضعفها.

براين شوكان: مستعدون للعمل مع يونيتامس لتجاوز الأزمة في السودان
وبينما لاقت المبادرة الأممية ترحيبا من دول بينها الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر وقطر، بالإضافة إلى جامعة الدول العربية، انقسمت حولها القوى السودانية الرئيسية.
وأبدى مجلس السيادة الانتقالي برئاسة البرهان، ترحيبا فاترا بمبادرة الأمم المتحدة، داعيا في بيان إلى إشراك الاتحاد الأفريقي لـ”إسناد المبادرة والمساهمة في إنجاح جهود الحوار السوداني”.
وأعلن رئيس حركة “تحرير السودان”، حاكم إقليم دارفور (غرب) مني أركو مناوي، عن ترحيبه بالمبادرة، حاثا على إشراك الاتحاد الأفريقي بها. فيما غرّد رئيس حركة “العدل والمساواة” جبريل إبراهيم، معلنا تأييد حركته تسيير بيرتس حوارا بين السودانيين “شريطة أن يكون الحوار سودانيا خالصا”.
وبينما رحب حزب الأمة القومي، أكبر مكونات قوى إعلان “الحرية والتغيير” (الائتلاف الحاكم سابقا) بمبادرة الحوار الأممية بين مكونات العملية السلمية، أكد على “تمسك الحزب بخيارات الشعب لإسقاط انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر”.
ويرى مراقبون أن المعضلة الأكبر التي تواجه بيرتس هي موقف الفعاليات الشعبية والنقابية التي ترفض هذه المبادرة وتعتبرها محاولة لإضفاء شرعية على وجود المكون العسكري في السلطة.
وتنادي هذه الفعاليات بضرورة تمكين المدنيين بالكامل من السلطة، مشددة على أنها مستمرة في تحركاتها الاحتجاجية إلى حين تحقيق مطالبها.
وقال متحدث باسم لجان المقاومة الشعبية الثلاثاء إن أي مبادرة لا تشمل خروج الجيش من السلطة غير مرحب بها.
وكان “تجمع المهنيين السودانيين”، قائد الحراك الاحتجاجي الذي أطاح بنظام حكم الرئيس عمر البشير، شدد في بيان الأحد “نرفض رفضا تاما هذه الدعوة (الأممية للحوار)، التي تسعى للدفع تجاه التطبيع مع المجلس العسكري وسلطته”.
وأردف “شعبنا الأبي أعلن بوضوح أن الطريق لحل الأزمة يبدأ بإسقاط المجلس العسكري بشكل تام، وتقديم عضويته (أعضائه) للعدالة الناجزة”.

وتشكل مواقف الفعاليات الشعبية والنقابية عنصرا ضاغطا على الأطراف السياسية لاسيما الممثلة للمكون المدني، التي تجد نفسها أمام معادلة صعبة بين القبول بالجلوس على طاولة واحدة مع المكون العسكري، وربما الموافقة لاحقا على الدخول معه في شراكة جديدة في الحكم، وهذا قد يقودها إلى فقدان السند الشعبي، وبين رفض المبادرة أو محاولة التملص منها وهذا سيعني بقاء الأزمة السودانية في حلقة مفرغة، حيث من غير المرجح أن يقبل العسكريون عملية تحييدهم.
وفي الحادي والعشرين من نوفمبر 2021، وقَّع البرهان ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك اتفاقا سياسيا تضمن عودة الأخير إلى رئاسة الحكومة الانتقالية، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، لكن الاتفاق لاقى معارضة داخلية شديدة دفعت حمدوك إلى الاستقالة.
ويرى المحللون أن التباينات الحاصلة في المواقف السودانية من المبادرة الأممية لا يعني أن فشلها حتمي خصوصا وأنّ هناك غطاء دوليا داعما لها، وليس من المستبعد أن تقدم المجموعة الدولية على طرح ضمانات للسودانيين بشأن مشاركة مرحلية للمكون العسكري في الحكم قبل الانتقال لسلطة مدنية كاملة.
وأعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء، استعدادها التام للعمل مع بعثة يونيتامس ودول الترويكا والمحيط الإقليمي لتجاوز الأزمة الحالية بالسودان.
جاء ذلك وفق القائم بأعمال السفارة الأميركية بالخرطوم براين شوكان خلال لقائه مع عضو مجلس السيادة الانتقالي السوداني الهادي إدريس.
ونقل بيان عن شوكان قوله، إن بلاده “تدعم المبادرة الأممية (الأخيرة بشأن السودان)، وهي مستعدة للعمل من خلالها بالتنسيق مع بعثة يونيتامس ودول الترويكا (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج) والمحيط الإقليمي لدعم جهود السودانيين لتجاوز الأزمة الحالية”.