مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة يكشف عن أولى لحظاته البارزة

تعد الموسيقى لغة عالمية قادرة على التعريف بثقافات الشعوب وجمعها والمؤالفة بينها، وهي أيضا قوة ناعمة قادرة على تحقيق التغيير الاجتماعي، وعلى تعميق العلاقات بين الشعوب، وهذا ما يؤمن به ويطبقه مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، الذي يمثل واجهة للموسيقى المغربية والأفريقية في تفاعلها مع موسيقات العالم، وقد تخطت شهرته كل الآفاق، وهو بالفعل مثال فريد لتلاحم الثقافات.
الصويرة (المغرب)- تعد الدورة الـ26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، التي ستقام ما بين 19 و21 يونيو المقبل، بأن تكون استثنائية، وتكشف عن أولى لحظاتها البارزة تباعا قبل انطلاق الحدث الفني الأكبر في المدينة.
وذكر بلاغ للمنظمين أنه منذ أكثر من ربع قرن، لم يكن مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة مجرد حدث موسيقي، بل هو مشروع ثقافي حي، ومحرك لنقل التراث، والحوار والابتكار.
الطاقة المشتركة
وعد منظمو المهرجان في بلاغهم جماهير فن الكناوة ومحبي الثقافة المغربية من الداخل والخارج بمهرجان فريد من نوعه، يحتفي بغنى التراث الكناوي عبر تفاعله مع موسيقى العالم، محولا مدينة الصويرة إلى ملتقى دولي تلتقي فيه التقاليد بالحداثة في روح من الإبداع والأخوة.
واليوم، يؤكد المهرجان مجددا دوره المهيكل في المشهد الثقافي المغربي والأفريقي، من خلال مبادرات كبرى لنقل المعرفة، من بينها شراكته مع كلية بيركلي للموسيقى الشهيرة، وتعاونه مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية لإطلاق “كرسي التقاطعات الثقافية والعولمة”، الذي سيعتمد على تجربة كناوة كمختبر إستراتيجي للهجنة الثقافية.
وفي امتداد لهذا التوجه، سيتم تنظيم مائدتين مستديرتين مخصصتين لثقافة الكناوية هذا العام أيضا خلال فعاليات المهرجان، استمرارا للعمل الفكري المرتبط بهذا الكرسي الأكاديمي.
ويواصل الحدث اعتماد المزج كتقليد راسخ في لقاءات موسيقية لا تنسى. فعلى مر السنين، شهدت الصويرة لقاءات مميزة جمعت بين المعلمين الكناويين وعمالقة موسيقى الجاز وموسيقى العالم مثل بات ميثيني، وجو زاوينول، وماركوس ميلر، وأوومو سانغاري، وساليف كيتا ويوسو ندور. وتمكن المهرجان من بناء جسور ثقافية وموسيقية، مقدما للجمهور لحظات نادرة من الارتقاء والتواصل.
وهذا العام، يدعو المهرجان جمهوره مجددا إلى عيش حفلات مزج غير مسبوقة وساحرة. وسيكون حفل الافتتاح مع المعلم حميد القصري، وباكالاما، وعبير العابد، وكيا لوم (المغرب، السنغال).
ويلتقي المعلم حميد القصري، أحد أبرز رموز الفن الكناوي، بالقوة الإيقاعية لفرقة “باكالاما” السنغالية، التي تعد إحدى أبرز المرجعيات في رقصات وإيقاعات غرب أفريقيا، برفقة الصوتين المميزين لعبير العابد (المغرب) وكيا لوم (السنغال).
معا، سيبنون جسرا موسيقيا بين ضفاف الأطلسي، يمزج بين طقوس الجدبة المغربية وتعدد الإيقاعات السنغالية. وسيقام الافتتاح تحت شعار أفريقيا الحية، والارتقاء الروحي والطاقة المشتركة.
حفلات متنوعة
يقدم المهرجان كذلك حفل مزج بين المعلم حسام كانية وماركوس كيلمور (المغرب، الولايات المتحدة).
ويمثل المعلم حسام كانية، ابن الأسطورة الراحل محمود كانية، الجيل الجديد من الفن الكناوي. وسيشاركه المنصة ماركوس كيلمور، الموهبة الأميركية البارعة وأحد أكثر عازفي الدرامز ابتكارا في الجاز المعاصر، إذ يقدم تركيبة فريدة من الإبداع الإيقاعي والحداثة الأسلوبية. ويعد هذا اللقاء بحوار حر وملهم بين عمق “الكنبري” وتعقيد مقامات الجاز.
كما يكون الجمهور على موعد مع حفل يمزج بين المعلم محمد بومزوغ وأنس الشليح، وآلي كيتا، وتاو إيرليش، ومارتن غيربان، وكوانتان غوماري، وهجر العلوي (المغرب، مالي، فرنسا).
ويخوض المعلم محمد بومزوغ تجربة موسيقية جديدة رفقة مواهب مغربية شابة وموسيقيين عالميين معروفين، من ضمنهم آلي كيتا (سيد البلافون من مالي)، وأنس الشليح (غيتار)، وتاو إيرليش (درامز)، ومارتن غيربان (ساكسفون)، وكوانتان غوماري (ترومبيت) وهجر العلوي (الغناء)، إذ سيشكلون معا فرقة جريئة تعيد ابتكار طقوس الجدبة الكناوية عبر دمج النبضات الأفريقية، مع نفحات الجاز والإيقاعات العصرية، في عرض يحتفي بالحرية الموسيقية والاحتفال واللقاء.
مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة ليس مجرد حدث موسيقي، بل مشروع ثقافي حي ومحرك لنقل التراث
ومنذ انطلاقه، لم يتردد مهرجان كناوة في فتح أبوابه أمام نجوم البوب والسول، على غرار آيو، وسيلاه سو أو، ومؤخرا، سانت ليفان.
وفي هذا السياق، يستقبل هذا العام النجم الصاعد “سي كاي” من نيجيريا، صاحب الأغنية العالمية “Love Nwantiti”، التي تجاوزت 6 مليارات استماع.
ويمثل سي كاي، المغني، والملحن والمنتج، جيلا جديدا من الموسيقى الأفريقية بأسلوبه الخاص المسمى “أفرو-إيمو”، والذي يجمع بين الإيقاعات الأفريقية، السول والكلمات الحميمية؛ فمن خلال ألبوميه “Sad Romance” و”Emotions”، فرض نفسه كأحد الأصوات البارزة لجيله، إذ رشح لجوائز “BRIT” و”BET” ونال جائزتين من “BMI “، ومن المنتظر أن يكون حفله في الصويرة من أبرز لحظات الدورة الـ26.
منذ سنة 1998، يسطع مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة بقدرته على الجمع بين التراث والحداثة، والتقاليد والابتكار.
ومن خلال استثماره في التكوين، والبحث، والإبداع، يساهم في بناء منظومة ثقافية مغربية وأفريقية متكاملة، ويقدم للجمهور تجارب موسيقية نادرة لا تنسى.
وهكذا، يعد هذا المهرجان الاستثنائي، الذي تحتفل فيه كل نغمة بالحرية واللقاء والإبداع، الجمهور بخوض تجربة استثنائية.