مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة مثال فريد لتلاحم الثقافات

الدار البيضاء (المغرب) - تعد الموسيقى لغة عالمية قادرة على التعريف بثقافات الشعوب وجمعها والمؤالفة بينها، وهي أيضا قوة ناعمة قادرة على تحقيق التغيير الاجتماعي، فالثقافة صارت في عصرنا قوة متاحة للجميع وقادرة على الوصول إلى الملايين من البشر بسرعة ودون قيود. ووفق هذه الرؤية ينتظم سنويا مهرجان كناوة وموسيقى العالم.
وأكدت مديرة ومنتجة مهرجان كناوة وموسيقى العالم نائلة التازي مؤخرا في الدار البيضاء أن المهرجان الذي تخطت شهرته كل الآفاق، هو بالفعل مثال فريد لتلاحم الثقافات.
وأوضحت التازي، خلال ندوة صحفية خصصت لتقديم الخطوط العريضة لهذه التظاهرة الفنية، التي ستنظم ما بين الثاني والعشرين والرابع والعشرين من يونيو المقبل بالصويرة، "على مدى بضعة أيام يجعلنا كناوة تحت سحر موسيقاهم وفنهم، نؤمن بعالم تسوده قيم الأخوة وتنمحي فيه كل الحدود الثقافية، بل يجعلوننا نهتز منتشين إلى حد التماهي والانصهار مع جمال مدينة موغادور الأخاذ".
وأكدت أن "الدورة الرابعة والعشرين ستكون إذن استثنائية على أكثر من صعيد"، مضيفة أن "فرحة تجدد اللقاء مع جمهور رائع من أجيال مختلفة، ثم العودة إلى الحضن والمنشأ الطبيعي للمهرجان بالصويرة بعد جولة زار من خلالها السنة الماضية عدة مدن بالمملكة".
وأخيرا، تضيف مديرة ومنتجة المهرجان أن الاحتفاء بالفن الكناوي سيكون في سياق ومحيط جديدين وبرمجة موسيقية فريدة ينشطها موسيقيون موهوبون من مختلف بقاع العالم. وبالموازاة مع ذلك ستعرف هذه الدورة أيضا انعقاد اللقاء العاشر لمنتدى حقوق الإنسان، والذي سيتداول هذه السنة بالدراسة والتحليل موضوعا راهنيا يتعلق بالانتماء الهوياتي.
ووعدت التازي الجمهور بعرس استثنائي ومتواصل عبر تنظيم أكثر من أربعين حفلا موسيقيا موزعا على مختلف أرجاء مدينة الصويرة، حفلات تسودها روح التلاحم والفرح والتقاسم التي وسمت وميزت على الدوام هذا الحدث المغربي الأصل والمنشأ والأفريقي الجذور والروافد.
واستعرض المدير الفني للمهرجان كريم زياد اللحظات القوية لهذه التظاهرة، خاصة العرض الافتتاحي الذي يشكل تمهيدا لثلاثة أيام من الاحتفالات والتبادلات واللحظات القوية. وأضاف أنه كما جرت العادة، سيتم هذه السنة الاحتفال مجددا بالقارة السمراء من السنغال إلى مالي، مرورا ببوروندي.
وتابع أنه كترنيمة وأنشودة مهداة للقارة، يجمع حفل الافتتاح، الذي هو باكورة إقامة فنية استثنائية، بين "المعلمين" كويو محمد وكويو سعيد وبين فرقة "طبول بورندي أماكابا" وجليل شاو وسناء مرحاتي. وأشار إلى أن الحفل يعد بقوة العطاء وبسخائه، رفقة قرابة 25 فنانا على المنصات، مضيفا أن المهرجان يقترح أنواعا أخرى من المزج وإقامات فنية، بالإضافة إلى العديد من الحفلات والسهرات.
ومن بين لحظات هذا العرس الموسيقي، موكب افتتاح المهرجان الذي يعد لحظة حقيقية للبهجة والفرح ينتظرها الرواد وسكان الصويرة بشوق ولهفة. وبحسب المنظمين، فإنه يعتبر استهلالا بديعا لثلاثة أيام من الاحتفال والتقاسم والأحاسيس المفعمة، والمتعة الحقيقية التي تعم أرجاء وفضاءات المدينة.
وأبرز إدريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، أن منتدى حقوق الإنسان بالصويرة سيشهد، وعلى غرار كل سنة، دعوة باحثين ومتدخلين سياسيين وثقافيين وجمعويين لهم إسهامات مهمة في مجال اهتمامهم، للقاء والتداول حول تيمة محددة "الهويات المتعدد وسؤال الانتماء"، وهو موضوع راهني في عالم تتقاذفه توترات هوياتية ويطغى عليه شعور متفاقم برفض الآخر.
◙ موسيقى كناوة (أو قناوة) مزيج من موسيقى ورقصات أفريقية وبربرية، وهي مغربية الأصل وكانت بداياتها بمدينة الصويرة
وموسيقى كناوة (أو قناوة) هي مزيج من موسيقى ورقصات أفريقية وبربرية، وهي مغربية الأصل وكانت بداياتها بمدينة الصويرة. كما أنها منتشرة في بعض مناطق شمال أفريقيا. ويمتاز "فن تاكناويت" بتاريخه العريق، فبعد أن كانت موسيقى كناوة توصف بموسيقى الشارع قبل ربع قرن من الآن، أصبحت هذه الموسيقى الآن تتمتع باعتراف دولي، وبصفتها موسيقى النشوة والدهشة المتواصلة، واستطاعت موسيقى كناوة أن تعبر الحدود وتصنع لنفسها نمطا موسيقيا قائما بذاته.
ويقول الشيوخ القدامى للموسيقى الكناوية إن موسيقاهم مرتبطة ارتباطا وثيقا بالطقوس العلاجية التي مارسها أجدادهم الأفارقة في جنوب الصحراء الكبرى. وبذلك تصنّف هذه الموسيقى ضمن الأنماط الموسيقية القادرة على التغيير وبإمكانها أن تكون قوة ناعمة في يد الدولة. وقد أدرج هذا النمط الموسيقي على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في ديسمبر 2019 بمدينة بوغوتا.
ويذكر أن مهرجان كناوة وموسيقى العالم هو مهرجان ينظم كل سنة في مدينة الصويرة المغربية، ويقدم هذا المهرجان عروضا موسيقية فريدة من نوعها، تروج لموسيقى كناوة وللموسيقى العالمية والتقليدية، وتعزز ثراء التراث الموسيقي العالمي. ويشارك في هذا المهرجان العديد من المعلمين الكناويين والفنانين العالميين. ويستقطب خلال تنظيمه ما بين 250 و400 ألف زائر.