مهرجان جرش مادة جديدة للمزايدة حول غزة رغم تخصيص ريعه لأهل القطاع

تحول مهرجان جرش الأردني إلى مادة للجدل والمزايدة السياسية على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تجاهلت دعوات المقاطعة حقيقة أن المهرجان مخصص لدعم غزة ويشارك به فنانون فلسطينيون ملتزمون بقضيتهم.
عمان – أعلنت الحكومة الأردنية عن إطلاق مهرجان جرش للثقافة والفنون في موعده الأصلي في الفترة من 24 يوليو الحالي ولغاية 3 أغسطس المقبل، مع استمرار الجدل حول دعوات المقاطعة والمزايدة السياسية التي انتقدها الكثير من الناشطين باعتبار أن المهرجان قصص ريعه لقطاع غزة.
وأعلنت اللجنة العليا لمهرجان جرش للثقافة والفنون عن إقامة فعاليات الدورة الثامنة والثلاثين للمهرجان في الموعد المحدد. وقال مدير المهرجان أيمن سماوي، إن الدورة ستحمل شعار “ويستمر الوعد”، لافتا إلى أنه انطلاقا من هذا العنوان العريض ستكون مختلفة ومميزة، وذلك لأمرين أولهما أنها تتزامن مع مناسبات وطنية أردنية مهمة مفصلية، أما الأمر الثاني فهو استمرار التضامن الأردني مع أهل فلسطين لاسيما في ظل العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة.
وأضاف أن فعاليات المهرجان وأنشطته ستحتوي على رسائل فنية وثقافية داعمة لصمود أهل غزة، انطلاقا من الموقف الأردني الثابت في هذا الصدد.
ومنذ فترة يتواصل الجدل حول إقامة المهرجان تحت شعارات رنانة، تختزل التضامن مع غزة في مقاطعة المهرجانات والأغاني، مع نقاشات محتدمة حول أهمية هذه المقاطعة، ومنهم من يتخذ موقفا متصلبا ويطالب بمقاطعة حتى من يذهب للمهرجان، وقال أحدهم:
وقال آخر:
وأشار متابعون أن الكثير من المنتقدين لم يطلعوا أصلا على برنامج المهرجان، حيث أوضح مديره أنه سيتضمن فعاليات وعروضا تروي السردية الوطنية الأردنية من خلال التطورات المفصلية التي تحققت في مختلف القطاعات، مشيرا إلى أن الدورة الحالية، استهدفت رفع نصاب الثقافة والفنون، ولن تتضمن حفلات غنائية في المسرح الجنوبي، كما سيخصص ريع تذاكر الدخول للمهرجان للهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، إضافة إلى اقتطاع مبالغ مالية من ثمن اللوحات التي ستباع في معرض الفن التشكيلي لفنانين عرب، دعما لجهودها الإغاثية وخصوصا في قطاع غزة.
وأكد أن الدورة الثامنة والثلاثين من مهرجان جرش ستوفر فرصا تشغيلية للعديد من القطاعات من أبناء المجتمع المحلي، وستعمل على تمكين المئات من سيدات المجتمع من خلال بيع منتوجاتهن مباشرة لرواد وزوار المهرجان، إضافة إلى المئات من الحرفيين وما يقارب الألف مشارك من الحقول الفنية كافة، من فرق تراثية وفرق موسيقية ومسرحية وغيرها.
وأكدت شريحة من المتابعين أهمية المهرجان للكثير من العائلات التي تنتظر كل موسم لتحسين مردودها المالي:
واستنكر قطاع واسع من الأردنيين الدعوات لمقاطعة المهرجان بحجة أنه لا يمكن الفرح بينما يعاني أهالي قطاع غزة، قائلين لماذا تقيمون حفلات الأعراس والمناسبات الأخرى، منتقدين التناقض الحاد في المواقف، وقال أحدهم:
وعبر آخر عن موقفه قائلا:
ورفض آخر أن يكون القرار الأردني مرتبطا بدعوات خارجية مشكوك بها:
واستنكر آخرون التحريض على المدينة، وقال أهدهم:
بدورها، أكدت إدارة مهرجان جرش أنه لا صحة لما يتم تداوله عبر منصات التواصل حول أسماء الشركاء والرعاة الرسميين، مشيرة إلى أن جميع الداعمين والرعاة لهذا العام مؤسسات وطنية أردنية، ولا توجد شركات داعمة لإسرائيل.
وأهابت إدارة المهرجان بعدم الالتفات إلى أصوات بعض المشككين التي تهدف إلى تشويه صورة المهرجان والذي أكد أن نسخة العام الحالي ستعكس التضامن مع غزة، كما سيذهب ريع المهرجان إلى سكان القطاع المكلوم.
وأشاد الكثيرون بالمشاركة الفلسطينية في المهرجان وهو ما يثبت أن دعوات التحريض ضد المهرجان والمقاطعة لا تصب أصلا في صالح أهالي غزة.
ومن بين المشاركين، الفنانة الفلسطينية سناء موسى، التي تحمل درجة الدكتوراة في علم الأعصاب، وتجد في الغناء حرفة تمارسها، وضرورة لإبقاء الكلمة الفلسطينية واللحن التراثي في ذاكرة الناس. فهي حريصة على توثيق الموروث الغنائي الفلسطيني وحفظه من الاندثار والسرقة، ونقله من جيل إلى آخر وهو الأمر الذي جعل من مشروعها الفني، رسالة فلسطينية مثقفة، طافت بها العالم بمئات العروض الموسيقية ذات التراث الفلسطيني، فكانت الصوت الملهم للكثير من المواهب الفنية حول العالم.
وتقوم موسى منذ عام 2005، بأبحاث ميدانية بمنهجية علمية إنثروبولوجية لجمع مواد تشكل نقطة الانطلاق أو الركيزة التي تعتمد عليها مشاريعها الموسيقية، ومازالت تعمل على توثيق هذا الموروث في المخيمات الفلسطينية في الوطن والشتات. وتكللت تلك البحوث الميدانية بإطلاقها اسطوانتين، بعنوان: “إشراق” عام 2010، و”هاجس” عام 2016.
أما أحدث مشاريعها التوثيقية، فيحمل عنوان “ذاكرة البلاد”، التي تؤرخ فيها سناء أغنيات الساحل الفلسطيني، مستعيدة أغاني الصيادين الذين كانوا يغامرون بحياتهم بحثاً عن رزقهم، عبر قوارب تأخذهم على امتداد الساحل الفلسطيني من رأس النقب إلى أم الرشراش.