مهرجان بيت الدين رسالة أمل للبنانيين وسط أزمة خانقة

المهرجان يطلق هذا الموسم المواهبَ اللبنانية والعربية الشابة التي تستحق أن تطل من على خشبة مسرح بيتِ الدين.
الاثنين 2023/07/10
مهرجان يقاوم الأزمة الاقتصادية

بيروت - يحمل مهرجان بيت الدين في دورته الأربعين في يوليو الجاري "رسالة أمل"، بحسب ما قالت رئيسته نورا جنبلاط، وسط الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها لبنان، ويحافظ رغمها “على المستوى الرفيع” للأعمال التي يتضمنها برنامجه.

وقالت جنبلاط إن هذه الدورة تؤكد "دور لبنان الثقافي والفني، ورسالته الحضاريّة"، مشددة على ضرورة استمرار المهرجان الذي "يحمل اليوم رسالة أمل كما في بدايته". ولاحظت أن "البرنامج يتميّز بتنوعه، والأعمال التي تدمج الموسيقى الشرقية والغربية، من أعمال كلاسيكية، إلى جانب الفلامنكو والجاز والبوب، ومسرحية موسيقية مرخصَّة من برودواي تُقدَّم باللغة العربيّة من تأليف وتصميم وإخراج وتمثيل شباب مبدعين لبنانيين".

وأشارت إلى أن المهرجان يطلق “هذا الموسم المواهبَ اللبنانية والعربية الشابة التي تستحق أن تطل من على خشبة مسرح بيتِ الدين مع كل ما يُمثله من رمزية تاريخية ومعنوية كبيرة”. ويقام المهرجان خلال الفترة من 20 يوليو الجاري إلى 5 أغسطس المقبل في قصر الأمير بشير ببلدة بيت الدين الواقعة في قضاء الشوف بمحافظة جبل لبنان. ويحتفي المهرجان العريق هذا العام بمرور أربعة عقود على انطلاقته، نظّم خلالها أكثر من 500 حفل.

نورا جنبلاط: رغم الأوضاع الصعبة مازال المهرجان يحمل إلى اللبنانيين رسالة أمل، كما في بدايته
نورا جنبلاط: رغم الأوضاع الصعبة مازال المهرجان يحمل إلى اللبنانيين رسالة أمل، كما في بدايته

ويفتَتح البرنامج بحفلة للمغنية المصرية - الفرنسية فرح الديباني ترافقها أوركسترا بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي. ويدخل الجمهور أجواء الفلامنكو مع فرقة تشيكويلو الإسبانية، في حين خُصص موعدان للموسيقي اللبناني غي مانوكيان مع فرقته الموسيقية. وللجاز حيّز مع موسيقيين لبنانيين معروفين في هذا المجال، وتحيي المغنية وكاتبة الأغاني ميسا قرعة حفلة تمزج فيها البوب والروك والموسيقى العربية. وتقام لثلاث ليالٍ عروض لمسرحية شيكاغو الغنائية باللغة العربية يُختتم بها المهرجان، وهي من تأليف وتصميم وإخراج المسرحي اللبناني روي الخوري.

وإذ أقرّت جنبلاط، وهي زوجة وليد جنبلاط، أحد أبرز القادة السياسيين اللبنانيين، بأن “من الصعب الإجابة في الوضع الراهن” عن سؤال في شأن قدرة المهرجان على الاستمرار في ظل “الأوضاع الصعبة” على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، أوضحت أنه يتكيّف معها من خلال “تقليص عدد الحفلات” و”نقلها من الميدان الذي يستوعب خمسة آلاف شخص" حيث كانت تُجرى عادة في الهواء الطلق "إلى الباحة الداخلية التي تتسع لـ1200 شخص" توخيا لـ"حصر النفقات اللوجستية والتقنية".

وعلّلت هذه الإجراءات بوجود "صعوبات اقتصادية عند جميع اللبنانيين مما قد يؤثر على الحضور"، مؤكدة أن أسعار التذاكر مدروسة "بشكل يسمح لعدد كبير من الجمهور بحضور الحفلات، مع المحافظة على المستوى الرفيع للأعمال المقدّمة". ودرجت خشبة مسرح بيت الدين منذ انطلاق المهرجان عام 1985 على استضافة "كبار فناني العالم"، على غرار مغنّيي الأوبرا الشهيرين الإسباني بلاسيدو دومينغو والروسية - النمساوية آنّا نتريبكو، والأميركية الراحلة جيسي نورمان، إضافة إلى النجم البريطاني إلتون جون، والمغني الفرنسي الراحل شارل أزنافور، والفنان العراقي كاظم الساهر وغيرهم.

واستذكرت جنبلاط في مقدّم هذه “المحطات الفنية” المهمة في تاريخ المهرجان "السيدة فيروز وحفلاتها المتتالية لأربع سنوات، التي كانت تمتد من باحة القصر إلى جميع الأسطح والساحات" في بلدة بيت الدين الأثرية الواقعة إلى الجنوب من العاصمة بيروت في قضاء الشوف، والتي كانت تاريخياً عاصمة إمارة جبل لبنان.

كذلك كان مهرجان بيت الدين السبّاق إلى تقديم عروض "الموسيقى من العالم والموسيقى الصوفية"، على ما شرحت جنبلاط التي أبرزت أن إقامة المسرحيات الغنائية في الهواء الطّلق، ومنها "نوتردام دو باري" (أحدب نوتردام) و"وست سايد ستوري" و"كاتس"، شكّلت "تحدياً كبيرا لأنها تتطلّب تجهيزات وتقنيات عالية".

وحقق المهرجان الذي أقيمت دوراته الأولى في خضمّ الحرب اللبنانية (1975-1990) "الكثير من النجاحات وأرقاماً قياسية عبر السنوات" على قول جنبلاط، إذ تجاوز عدد الحفلات التي نظّمها الخمسمئة "استضافَ فيها أكثر من 6600 فنانٍ وموسيقي ومُبدع، مفسحاً المجال أمام مشاركة ما يزيد عن 700 ألف مشاهدٍ في باحاتِ القصرِ التاريخي العريقِ" الذي بناه الأمير بشير الشهابي في القرن التاسع عشر.

◙ أهمية المهرجان لا تقتصر في كونه يساهم في إظهار وجه لبنان الثقافي والحضاري بل أيضا في أنه يؤدي إلى ديناميكية اجتماعية واقتصادية وسياحية

ومهرجان بيت الدين هو أحد المهرجانات الرائدة في الشرق الأوسط. ويقام في قصر كبير ورائع عمره 200 عام في جبال الشوف في لبنان. والقصر هو جوهرة الهندسة المعمارية اللبنانية مع العديد من الأفنية والبوابات الضخمة والأروقة الأنيقة والمعارض. ويقدم المهرجان كل عام في شهري يوليو وأغسطس عروضا رائعة من نجوم عالميين وفنانين لبنانيين مشهورين.

ولا تقتصر أهمية المهرجان، بحسب مؤسسته، على كونه يساهم "بشكل كبير في إظهار وجه لبنان الثقافي والحضاري"، بل تكمن أيضا في أنه يؤدي إلى "ديناميكية اجتماعية واقتصادية وسياحية، ويدعم التلاقي والانفتاح"، وينشّط "الحركة السياحية والاقتصادية في الشوف ولبنان ككل وخصوصا في موسم الصيف".

ويظهر ذلك وفق جنبلاط "من خلال انتشار الفنادق وبيوت الضيافة والمطاعم في كل المنطقة". وكذلك يستقطب المهرجان "عدداً كبيراً من الزوار وخصوصاً للمواقع الأثرية والطبيعية الخلاّبة".

صورة

15