مهرجان المسرح العراقي يعود بدورة مهمة بعد غياب عقدين

بعد غياب طويل فرضته عليه الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد، يعاود مهرجان المسرح العراقي استئناف نشاطه هذا العام بباقة من المسرحيات التي لم تبتعد في مجملها عن تناول الأوضاع الراهنة للعراقيين وما عاشوه خلال العقدين الماضيين، واختار أن تكون انطلاقته الجديدة بتكريم رموز من المسرح العراقي والتأكيد على أن في عودة المهرجان ضخ دماء جديدة في القطاع المسرحي.
بغداد - بعد انقطاع دام اثنين وعشرين عاما، أعلن مهرجان المسرح العراقي عن عودته إلى سالف نشاطه، عبر انعقاد دورته السادسة تحت شعار “لأن المسرح يضيء الحياة” على مسرح المنصور بالمنطقة الخضراء في بغداد.
وافتتحت فعاليات المهرجان الذي تنظمه دائرة السينما والمسرح في السادس عشر من مارس الجاري وتستمر إلى غاية الحادي والعشرين منه في العاصمة بغداد، بمشاركة 12 عرضا محليا من محافظات بابل وصلاح الدين والموصل والناصرية والسليمانية وواسط والديوانية والسماوة وأربيل وكركوك.
وقال رئيس المهرجان أحمد حسن موسى لوكالة الأنباء العراقية إن “بعد إعادة الحياة لمهرجانات كانت متوقفة نعيد الحياة مرة أخرى لمهرجان المسرح العراقي الوطني بدورته السادسة، وبمشاركة أهم الفرق المحلية من جميع مدن العراق الحبيب”، مؤكدا “ليكبر عمر المهرجان دورة أخرى ونكبر معه بالفرح والإبداع والمحبة”.
وأضاف مدير المهرجان منير راضي أن “زمن المسرح، لنحتشد دوما تحت خيمته، سنكمل رحلة السندباد المسرحي ونحلق ببساط ريحه في كل زمن”.
ولفت ممثل رئيس مجلس الوزراء عارف الساعدي خلال حفل الافتتاح إلى أن “المهرجان هو جزء من تفعيل الواقع الثقافي المسرحي في العراق بشكل عام”، داعيا إلى “ضرورة وضع منهاج وبرنامج مسرحي على طيلة السنة”.
وأكد أن “المهرجان يمثل عتبة مهمة لمراجعة شأن المسرح العراقي بشكل عام وتنشيط قطاع المسرح العراقي ضمن مؤسسة دائرة السينما والمسرح أو الفرق الأهلية”، مشددا على ضرورة “عدم الاكتفاء بمهرجان واحد فقط باعتبار هذه المهرجانات تمثل ورشة نقدية تعالج المشاكل الموجودة بالمسرح العراقي”.
وينظم المهرجان الذي توقف في العام 2001 بسبب الأوضاع السياسية للبلاد على مسارح الوطني والرافدين وآشور والرشيد، متضمنا جلسات نقدية وملتقى فكريا و12 عرضا من بغداد والمحافظات.
وشدد المدير العام لدائرة السينما والمسرح ورئيس المهرجان أحمد حسن موسى على ضرورة استذكار القامات الفنية وتكريمهم، لما قدموه من أعمال درامية مسرحية وتركوا بصمة في الفن والمسرح العراقي.
وكرم المهرجان في حفل الافتتاح مجموعة كبيرة من الفنانين العراقيين ممن كانت لهم بصمة بالثقافة والفن العراقي ضمن مبادرة اللجنة العليا للمسرح، منهم طه علوان وخليل عبدالقادر وعدنان شلاش وزهرة الربيعي وسالم الزيدي وسناء سليم وسمر محمد وهلال العطية وأحلام عرب وبتول عزيز وفيصل جابر وعباس شهاب وأميرة جواد وحكمت داود وحيدر الشطري وخالد علوان وناظم زاهي وبشار طعمة وبشرى إسماعيل.
وعرض خلال الافتتاح فيلم وثائقي قصير بعنوان “دائرة السينما والمسرح مسيرة بناء وإبداع” الذي تضمن مسيرة دائرة السينما والمسرح وما قدمته من أعمال فنية مسرحية ومهرجانات أسابيع ثقافية والتي استضافت خلالها رواد الفن العراقي والعربي، بالإضافة إلى استعراض ما حققته دائرة السينما والمسرح متمثلة بمديرها العام الدكتور أحمد حسن موسى، من إعادة وترميم المسرح الوطني وبناء مسرح الرافدين وإعادة تشييد مسرح الرشيد.
وقدمت الفرقة الوطنية للفنون الشعبية عرضين راقصين من تصميم الفنان فؤاد ذنون، الأول بعنوان “سلام عليك يا وطني” والثاني بعنوان “العراق الموحد”.
وقال أحمد حسن موسى في كلمته إن المهرجان سيقام كل عام في محافظة مختلفة “حتى لا تكون المهرجانات حكرا على العاصمة بغداد، واحتفاء بتاريخ وثقافة المدن العراقية الأصلية”.
وتابع أن المهرجان يأتي بعد تحسن الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد فضلا عن تحسن الأوضاع المادية واللوجستية، وهي كلها أسباب أسهمت في تنظيم النسخة السادسة.
وأشار إلى أن حفل افتتاح المهرجان سجل حضورا كبيرا غير مسبوق لمختلف الشرائح، ومنها المسرحيون والأكاديميون، وهو ما يبعث الأمل في تعافي المسرح العراقي والعودة إلى ألقه بما يقدمه من أعمال مسرحية ذات مستوى جيد قادر على المنافسة عربيا ودوليا.
وتعرض خلال أيام المهرجان مجموعة من المسرحيات المشاركة، والتي سيتم اختيار عدد من الفائزين بجوائز أفضل عمل أول وعمل ثان وأفضل إخراج وأفضل نص مسرحي وأفضل ممثل وممثلة وأفضل ممثل واعد وممثلة واعدة وأفضل ديكور وأفضل موسيقى وأفضل إضاءة.
ومن الأعمال المسرحية المشاركة تعرض مسرحية “الراديو” للمخرج محمد حسين حبيب (بابل)، والمقتبسة عن نص للكاتب النيجيري كين تسارو ويوا حول شخصيتين تعيشان حالة من القهر والاستلاب بفعل فساد السلطة واستبدادها.
أما مسرحية “ملف 12” من تأليف وإخراج مرتضى نومي (بغداد)، فتركّز على مسألة اللجوء الإنساني والهجرة القسرية التي تعرّض إليها الملايين من العراقيين في العقود الأخيرة، ويقدّم منتظر سعدون (الديوانية)، مسرحية “المخدّة” والتي تتطرق إلى شخصية مواطن عراقي تحاصره مجموعة كوابيس منذ طفولته بسبب قيود معيشية واجتماعية وسياسية.
كما تعرض مسرحيات “واقع خرافي” للمخرج جواد الساعدي (صلاح الدين)، و”الملك لير وساحرات ماكبث” للمخرج كامران رؤوف (السليمانية)، و”طقوس الحطب” للمخرج نشأت مبارك (الموصل)، و”حجي ليل” للمخرج فلاح حسن (النجف)، و”شماعية” للمخرج أحمد نجم (واسط)، و”في أعالي البحار” للمخرج شوان حمه سعيد (أربيل)، و”في انتظار كوازيمودو” للمخرج حسين نجم (المثنى)، و”ضيم” للمخرج زيدون داخل (ذي قار)، و”الكراسي” للمخرج نجاة نجم (كركوك).
وتضم لجنة التحكم كلا من الدكتور حيدر منعثر رئيسا وكوران علي كريم وعلي الشيباني وحازم عبدالكريم والفنان فلاح إبراهيم أعضاء.
كما تقام على هامش التظاهرة ثلاث جلسات لإشهار الإصدارات الجديدة التالية: “الثلاثية الشكسبيرية: نصوص مسرحية” لمنير راضي، و”الأرنب الآلي ومسرحيات للطفولة” لجبار صبري العطية، و”مهرجان المسرح العراقي: مسيرة إبداع” لعلي محمد الربيعي. كما احتضن “مسرح آشور” البغدادي الجمعة المؤتمر الفكري الذي يقام بالتوازي بعنوان “المسرح والأزمة” ويطرح ثلاثة محاور أساسية: خطاب اللغة وأزمة التواصل، والمسرح بين الصناعة والإنتاج، وأزمة الخطاب الأكاديمي، ويتحدّث خلاله عدد من الباحثين والفنانين، هم أحمد حسن موسى، وسافرة ناجي، وجبار حسين صبري، وإياد السلامي، وخلود الشطري، وأحمد سالار.
ويُذكر أن المهرجان الذي انطلقت دورته الأولى عام 1993، كان قد توقّف عام 2001 بسبب الأوضاع السياسيّة للبلاد، ليعاود انطلاقته هذه الأيام من جديد بعد انقطاع دام 22 عاما.