مهرجان القرين الثقافي يحتفي بالناقد السعودي عبدالله محمد الغذامي

فعاليات تتزامن مع الاحتفال بالكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي.
الأربعاء 2025/02/05
لقطة من حفل الافتتاح

يهتم مهرجان المقرن الثقافي هذا العام بتجربة واحد من أهم النقاد والمفكرين العرب، السعودي عبدالله الغذامي، إلى جانب عدد من الفعاليات الموسيقية والتشكيلية والندوات الفكرية والعروض المسرحية التي تعزز حضور المهرجان كحدث ثقافي عريق على خريطة الثقافة العربية.

الكويت - تزامنا مع احتفال الكويت باختيارها عاصمة للثقافة والإعلام العربي لعام 2025، انطلقت فعاليات الدورة الثلاثين لمهرجان القرين الثقافي مساء الإثنين وتتواصل حتى 12 فبراير الجاري، رافعة شعار “ثلاثون عاما من الريادة والعطاء.”

واختارت إدارة المهرجان الأكاديمي والناقد الأدبي السعودي عبدالله محمد الغذامي ليكون “شخصية المهرجان” هذا العام، والذي سيتم تكريمه في حفل خاص يحضره عدد من الشخصيات الثقافية والفنية في الكويت. والغذامي من مواليد عام 1946 في عنيزة، بالسعودية، وهو أستاذ النقد والنظرية في كلية الآداب، قسم اللغة العربية، بجامعة الملك سعود بالرياض.

تميزت أعماله بالتنوع، فهو صاحب مشروع في النقد الثقافي وآخر حول المرأة واللغة، وكان أول كتبه دراسة عن خصائص شعر حمزة شحاتة الألسنية، تحت اسم “الخطيئة والتكفير: من البنيوية إلى التشريحية”. كان عضوا ثابتا في المماحكات الأدبية التي شهدتها الساحة السعودية، ونادي جدة الأدبي تحديدا في فترة الثمانينات بين الحداثيين والتقليديين.

المهرجان يضم عدة فعاليات تشمل معارض للصور والكتب منها معرض بعنوان "حنين.. صور من نهضة الكويت"

ويعد من أكثر الشخصيات النقدية والفكرية إثارة للجدل في الوطن العربي، خاصة بعد صدور كتابه الموسوم بـ”الخطيئة والتكفير، من البنيوية إلى التشريحية” عام 1985، الذي أصبح مدونة أساسية في النقد العربي. ويعود اهتمامه بالنقد الثقافي إلى السنوات الأخيرة من القرن العشرين إثر صدور كتابه “المرأة واللغة” عام 1996، حيث تحولت المرأة من خلاله إلى قضية دافع عنها من موقع خاص.

وقد خصص الغذامي جزأي هذا الكتاب لدراسة المهمش من خطاب المرأة وتحليله ومقارنته، بما هو موجود

ومهيمن من خطاب ذكوري، غير أن ما يلاحظ على هذه الممارسة النقدية الثقافية هو عدم تبني صاحبها للمنهج النقدي الثقافي كبديل عن النقد الأدبي، حيث جاءت قراءته مهتمة بالمرأة كموضوع وكأديبة دون تصريحه بأنه بصدد ممارسة النقد الثقافي كما هو عند الغرب، ويمكن أن نصف هذه الممارسة بأنها قراءة ثقافية.

ومنذ ذلك التاريخ وإلى وقتنا الراهن واصل الغذامي طروحاته العلمية والنقدية والفلسفية التي أحدثت نقلة نوعية في الخطاب النقدي العربي حيث أسهمت في نقل وتوطين مناهج النقد الأدبي الحديث ترجمة وتطبيقا وفتحت مجالات رحبة في قيادة الطرح النقدي العربي الأكاديمي إلى آفاق رحبة، وسلطت دراساته النقدية الضوء على دراسات المرأة وكانت فاتحة لدراسات النسوية في العالم العربي، ثم اتجه بعد ذلك إلى تأسيس الخطاب النقدي الثقافي في العالم العربي عبر تدشينه النقد الثقافي في الساحة الأكاديمية العربية والخطاب النقدي العربي على حدٍ سواء. وللغذامي امتدادات علمية ثقافية في مجالات النقد والفلسفة والفكر، حيث ألّف عددا كبيرا من الكتب والدراسات في تلكم الحقول المعرفية.

وأسهم الغذامي في خلق حالة من الوعي في العلوم الإنسانية وأسس للفكر المستنير بأسلوب علمي رصين. وتتسم انتاجاته الفكرية بقوة الطرح وشجاعة الفكر ووضوح المنهج.

وسبق أن منح العديد من الجوائز والتكريمات من بينها جائزة شخصية العام الثقافية من جائزة الشيخ زايد للكتاب عام 2022، تقديرا لجهوده المتميزة في ميدان النقد الثقافي ودراسات المرأة والشعر والفكر النقدي التي بدأت منذ منتصف الثمانينات وأحدثت نقلة نوعية في الخطاب النقدي العربي.

ومهرجان القرين الثقافي الذي يستمد اسمه من أحد أسماء دولة الكويت القديمة، تأسس عام 1994 ليكتسب زخما بمرور السنين ويصبح المهرجان الثقافي السنوي الرئيسي والأهم في دولة الكويت.

وقال وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب الكويتي عبدالرحمن المطيري في كلمة الافتتاح إن المهرجان أصبح “حدثا ثقافيا عريقا وعلامة فارقة على خريطة الثقافة العربية ويعكس التزام دولة الكويت العميق بدعم الفنون والآداب وتعزيز الهوية الثقافية.”

الغذامي أسهم في خلق حالة من الوعي في العلوم الإنسانية وأسس للفكر المستنير بأسلوب علمي رصين
الغذامي أسهم في خلق حالة من الوعي في العلوم الإنسانية وأسس للفكر المستنير بأسلوب علمي رصين

وأكد أن بلاده سباقة في تأسيس رؤية ثقافية متكاملة منذ استقلالها، إذ دعمت المبادرات الثقافية، وأطلقت مؤسسات رائدة، ومشاريع فكرية وإبداعية عززت من مكانتها على المستويين العربي والدولي.

وأضاف أن انطلاق المهرجان لهذا العام “يتزامن مع احتفالاتنا الوطنية ويواكب بدء أنشطة الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي 2025 مما يعكس الدور الريادي لدولة الكويت في دعم الثقافة العربية وتطوير مساراتها انطلاقا من إيمانها الراسخ بأن الثقافة والفنون هي الدعامة الأساسية لبناء المجتمع ونهضته.”

وتضمن حفل افتتاح المهرجان عرضا فنيا بعنوان “من الكويت” قدمت خلاله الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو أيوب خضر عددا من المقاطع الموسيقية والغنائية مع رقصة شعبية بعنوان “يا جميلة” من التراث الكويتي برفقة آلة الطنبورة الموسيقية التراثية.

ويضم المهرجان هذا العام عدة فعاليات تشمل افتتاح معارض للصور والكتب منها معرض بعنوان “حنين.. صور من نهضة الكويت” من أرشيف مجلة “العربي”، فيما ستقام “منصة أثر للحلي.. للاستلهام الإبداعي من التراث اللامادي”، وندوة عن الشاعر والأديب الكويتي عبدالعزيز سعود البابطين الذي توفي في 2023 عن عمر ناهز 87 عاما، بالإضافة إلى ندوة رئيسية بعنوان “جدلية النقد والنص الإبداعي” تستمر لثلاثة أيام.

ومن بين الفعاليات أيضا أمسية موسيقية بعنوان “سامريات كويتية لخلف العدواني” وأمسية فيلم “ساندريلا” في مركز اليرموك الثقافي، ومعرض “القرين التشكيلي الشامل” في متحف الفن الحديث ومعرض “الشباب التشكيلي” في قاعة معجب الدوسري بمركز عبدالعزيز حسين الثقافي في مشرف، بالإضافة إلى تنظيم زيارة ميدانية إلى منطقة الصبية.

كما يشمل برنامج المهرجان عرضا لمسرحية “أنتم مدعوون إلى حفلة” الفائزة بجائزة مهرجان الكويت المسرحي في دورته الرابعة والعشرين، وأمسيات موسيقية، بالإضافة إلى الحفل الخاص لتكريم شخصية المهرجان عبدالله الغذامي.

وقال الأمين العام المساعد لقطاع الفنون بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مساعد الزامل إن هذه الدورة من مهرجان القرين هي دورة “لؤلؤية” لأنها تتزامن مع الاحتفاء بمرور ثلاثين عاما على انطلاقته. وأضاف أن هذه الدورة هي نوع من الاستعداد لانطلاق فعاليات الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي في العام 2025. وأشار إلى أن استمرار المهرجان لثلاثين عاما يؤكد أن الكويت لديها “بنية تحتية ثقافية كبيرة أُسست من الرواد والأساتذة المهتمين بالثقافة والفنون والآداب.”

14