مهرجان الفيلم بطنجة ينطلق بتكريم صفية الزياني ومحمد الشوبي

وسط أجواء احتفالية انطلقت فعاليات المهرجان الوطني للفيلم بطنجة الذي اختار هذا العام تكريم اثنين من أهم رواد الفن المغربي وهما صفية الزياني ومحمد الشوبي. وقد عرّف بلجان تحكيم مسابقاته الثلاث، واعدا بأسبوع حافل بالعروض السينمائية والنقاشات الثرية والورشات التدريبية.
الرباط - افتتحت فعاليات الدورة الرابعة والعشرين للمهرجان الوطني للفيلم بمدينة طنجة، مسلطة الضوء على تجربتين فنيتين مهمتين في الفن المغربي للممثلين صفية الزياني ومحمد الشوبي، اللذين كرما تحت شعار “ثقافة الاعتراف والاحتفاء بمسيرة الرواد المغاربة”.
ووسط أجواء احتفالية برموز الفن المغربي، صعدت الممثلة صفية الزياني خشبة المسرح برفقة ابنتها، في لحظة مؤثرة تعكس وفاءً لرائدة من رواد الفن المغربي، التي ابتعدت عن الأضواء خلال السنوات الأخيرة بسبب تدهور حالتها الصحية.
وتعد صفية الزياني واحدة من أبرز الأسماء في عالم التمثيل المغربي، وقد ساهمت بشكل استثنائي في تطور المسرح والفن، إذ بدأت مسيرتها الفنية عام 1957 عندما شاركت في مسابقة نظمتها الشبيبة والرياضة للتدريب المسرحي، حيث تميزت بموهبتها ونجحت بتفوق، وواصلت نجاحاتها بالتحاقها بمسابقات أخرى في مركز المعمورة عامي 1958 و1959، لتتوج مسيرتها في عام 1960 بالانضمام إلى المدرسة الوطنية للمسرح حيث تلقت تعليمًا على يد نخبة من الأساتذة المغاربة والأوروبيين، مثل عبدالله شقرون، عبدالرحمن السايح، عبدالصمد الكنفاوي، والطاهر واعزيز، إضافة إلى الأستاذ الفرنسي أندريه فوازان الذي علمها تقنيات المسرح التعبيري والرقص الكلاسيكي، ما جعلها تجمع بين التكوين النظري والتطبيقي في عالم المسرح.
هذه الدورة من المهرجان تسعى إلى تعزيز الحضور السينمائي المغربي عبر إبراز مواهب متنوعة وتجارب سينمائية غنية
والتحقت الزياني بالفرقة الوطنية للشبيبة والرياضة كممثلة محترفة، حيث شاركت في العديد من المسرحيات الكلاسيكية والعالمية مثل أعمال موليير وشكسبير ودومارشية وبريخت، كما عملت إلى جانب عمالقة المسرح المغربي مثل الطيب الصديقي والطيب لعلج والطاهر واعزيز وعبدالصمد الكنفاوي، وقد أسهمت في تقديم الكثير من المسرحيات التي جعلت منها رائدة في هذا المجال. وفي عام 1967 انضمت إلى الفرقة الوطنية للإذاعة الوطنية، حيث أدت أدوارًا بارزة في المسرحيات والمسلسلات الإذاعية والتلفزيونية، وتعد مساهماتها في هذه المجالات أيضًا من بين الأكثر تأثيرًا في مسيرتها الفنية.
وعلى الرغم من تحفظها تجاه السينما المغربية في البداية، إلا أن صفية الزياني شاركت في أفلام تركت بصمة عالمية، مثل فيلم “أبناء الشاطئ الضائعين” و”ذاكرة معتقلة” من إخراج الجيلالي فرحاتي، وفتح لها هذان الفيلمان الباب نحو السينما العالمية، كما شاركت في الفيلم الفرنسي “ليلة القدر” المستوحى من رواية الطاهر بنجلون وأدت فيه دور المربية، وتألقت في إنتاج إيطالي ضخم جسدت فيه دور مربية فرعون الثالث. وشاركت أيضا في سلسلة ألمانية عن الأنبياء بدور زوجة النبي نوح، ما رسخ مكانتها كنجمة عالمية.
ومن أبرز أعمال صفية الزياني في المسرح والتلفزيون والسينما مشاركتها في مسلسل “جحا يا جحا 2” حيث أدت دور والدة جحا، وفي مسلسل “حديدان” بالإضافة إلى دورها في مسلسل “الوريث” بدور هرنانة، كما تألقت في مسلسل “الوصية”، وشاركت في العمل الشهير “لالة شافية”. وقدمت أداءً مميزًا في فيلم “شمس القنديل”.
وكرم المهرجان الممثل محمد الشوبي (1963) نظرا للعطاء الفني الذي قدمه طيلة مشواره، وإسهاماته الكبرى في عوالم السينما والمسرح والتلفزيون، التي بصم من خلالها اسمه بحروف من ذهب.
وعبر الشوبي عن فخره الكبير بالتكريم في دورة قال إنها تعرف مشاركة صقور الصناعة السينمائية والدرامية في المغرب، مضيفا أنه تكريم يثلج الصدر في ظل التطور الذي يتم تحقيقه في السينما المغربية.
شارك الشوبي في مجموعة واسعة من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية المغربية، حيث ترك بصمة واضحة في المشهد الفني، إذ بدأت رحلته الفنية من المسرح والتحق بحركة مسرح الهواة في مراكش منذ شبابه، ولاحقا تابع دراسته الأكاديمية في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، ما أتاح له الانفتاح على المسرح الاحترافي.
وقدّم الشوبي على خشبة المسرح أدوارًا متنوعة في مسرحيات بارزة، مثل “العازب” و”صوت ونور” و”النشبة”، وأظهر تنوعه كفنان من خلال تجسيده لشخصيات مختلفة، وبالإضافة إلى التشخيص خاض تجربة الإخراج في عدة مسرحيات، وبدأت مسيرته في السينما والتلفزيون مع مسلسل “أولاد الناس” ومنذ ذلك الحين توالت أعماله الناجحة، حيث شارك في أفلام مثل “منديل صفية” و”ظل الجريمة” و”السمفونية المغربية”، كما كان له حضور بارز في مسلسلات مثل “لالة فاطمة” و”دواير الزمان” و”دار الغزلان” مقدما أدوارا قوية ومتنوعة تتراوح بين الدراما والكوميديا.
عرف حفل الافتتاح بلجان تحكيم مسابقات الأفلام. وفي كلمة له بالمناسبة، أكد الكاتب العام لوزارة الشباب والثقافة والتواصل ومدير المركز السينمائي المغربي بالنيابة، عبدالعزيز البوجدايني، أن هذه الدورة من المهرجان الوطني للفيلم تعتبر احتفالية كبرى للسينما المغربية. وقال “نحن عازمون اليوم على تعزيز سينما تتميز بالتعدد والتنوع والشمولية، نظرا للبعد التنموي والمجالي الذي تعكسه السينما المغربية، والذي يجمع بين مختلف الطبقات الاجتماعية.. ويجعلها مرآة حقيقية تعكس ثقافة المغرب في الساحة العالمية متجاوزة كل الحواجز اللغوية والجغرافية”.
والمهرجان الوطني للفيلم تظاهرة سينمائية وطنية، تهدف إلى التعريف بالسينما المغربية وتطويرها من خلال عرض آخر الانتاجات ومناقشتها من لدن النقاد والمهنيين والمهتمين بالشأن السينمائي بالمملكة. كما تسعى هذه الدورة من المهرجان إلى تعزيز الحضور السينمائي المغربي عبر إبراز مواهب متنوعة وتجارب سينمائية غنية.
ويشمل برنامج الدورة الرابعة والعشرين للمهرجان ثلاث مسابقات سينمائية رئيسية؛ المسابقة الأولى مخصصة للأفلام الروائية الطويلة، حيث انتقت لجنة التحكيم 15 فيلما للمشاركة من بينها “قصة وفاء” للمخرج عبدالعالي الطاهري، و”وشم الريح” للمخرجة ليلى التريكي، و”فندق السلام” للمخرج جمال بلمجدوب، و”صمت الكمانجات” للمخرج سعد الشرايبي.
وتتعلق المسابقة الثانية بالأفلام الروائية القصيرة وتضم 15 فيلما قصيرا من أبرزها “تحت أقدام أم” للمخرج إلياس سهيل، و”أنين صامت” للمخرجة مريم جبور، و”بياض” للمخرج محمد أمين الأحمر.
أما المسابقة الثالثة المخصصة للأفلام الوثائقية الطويلة، فتضم أيضا 15 فيلما وثائقيا من بينها “كذب أبيض” للمخرجة أسماء المدير، و”مول الماء” للمخرج فؤاد السويبة، و”تلمزون ذاكرة الصحراء” للمخرج أحمد بوشكلة.