مهرجان السويداء المسرحي يرسخ متعة المسرح في زمن التكنولوجيا

السويداء (سوريا) - استهلت مسرحية "وحش طوروس" عروض مهرجان السويداء المسرحي الخامس في انطلاق فعالياته مساء الثلاثاء على خشبة مسرح قصر الثقافة في المدينة.
المهرجان الذي تنظمه مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة ودائرة المسرح القومي في السويداء بالتعاون مع مديرية الثقافة في المحافظة يستمر ستة أيام بواقع عرض مسرحي يوميا، إلى جانب جلسات حوارية نقدية حول العروض، على أن يختتم فعالياته يوم الأحد بتقديم آخر عروضه وإعلان نتائج مسابقته لأفضل عرض وإخراج وممثل وممثلة وإضاءة وديكور وموسيقى وجائزة لجنة التحكيم الخاصة.
أشار باسل الحناوي، مدير ثقافة السويداء، في كلمة وزارة الثقافة أثناء افتتاح المهرجان إلى أن متعة المسرح الخالدة في عصر تكنولوجيا السينما والتلفزيون هي قدرته على مس شغاف القلب ببساطة وتحقيق أثر فكري يحفر في الوجدان وخلق توازن بين الحداثة والأصالة، إذ يعيد إنتاج تراث الماضي برؤية وإسقاط معاصرين ومعالجة قضايا الراهن بجرأة غايتها الإصلاح.
من جهته لفت المخرج رفعت الهادي، رئيس دائرة المسرح القومي بالسويداء، في تصريح له إلى أن المهرجان يؤكد الإمكانات الكبيرة لمسرحيي السويداء حيث تم اختيار ستة أعمال فيه بدلاً من خمسة كما جرت العادة سابقاً، وذلك نظراً إلى سوية وجودة الأعمال المقدمة، ومن بينها ثلاثة أعمال لنصوص عالمية وثلاثة محلية تأليفاً وإخراجاً.
ومسرحية “وحش طوروس”، للكاتب التركي عزيز نيسين ومن إعداد وإخراج وئام البدعيش، عكست على مدى ساعة وخمس وأربعين دقيقة كوميديا سوداء تحاكي الواقع من خلال قصة نوري رب الأسرة الجبان الذي يفقد بطاقة هويته في إحدى رحلاته إلى أنقرة ويستفيد منها المجرم الملقب بوحش طوروس لكي يتستر بها على جرائمه.

مسرحية "وحش طوروس" مقتبسة عن نص للكاتب التركي الراحل عزيز نيسين وتقدم كوميديا سوداء تحاكي الواقع
وعندما يضطر ذلك الأب إلى تقديم شكوى في قسم الشرطة بسبب المالك الذي يريد طرده من المنزل تقوم الشرطة بالقبض عليه بصفته وحش طوروس الخطير ثم يتم الإفراج عنه ويعتقد الجميع أنه فعلاً ذلك الوحش ويعاملونه على هذا الأساس حتى عائلته ومالك منزله وجاره المجرم، ليتحول في النهاية إلى وحش فعلاً يقف في وجه الضغوط والمضايقات كاشفاً عن نوازع وتناقضات النفس البشرية التي يمكن أن تتغير وفق الظروف المحيطة.
ولفت مخرج العمل إلى أن نص “وحش طوروس” للكاتب التركي نيسين مشهور، وهو نص واقعي استطاع إخراجه بجمالية مختلفة من خلال تحويله من الواقعية إلى الشرطية، مع الاكتفاء بديكور بسيط ورمزي وتوظيف الإضاءة والموسيقى بشكل يخدم العمل ويخلق حالة تفاعلية مع الجمهور ليتعاون معه في عملية فهم الرؤية الإخراجية.
وأشار الفنان سمير البدعيش الذي أدى دور نوري إلى أنه كانت هناك طريقة إعداد جديدة للنص ليكون بشكل مغاير من خلال إخراجه من الواقعية إلى الفرجة البصرية مع الحفاظ على مقولة النص الأساسية، معتبراً أن النصوص المشابهة لهذا النص عادة ما تكون من السهل الممتنع، إذ حاول عبر دوره تجسيد شخصية المتقاعد البسيط الذي يخاف من رنة الجرس ومن زوجته وابنته ومن صاحب البيت وجاره المجرم ومن الذهاب إلى قسم الشرطة، ليتحول أمام تلك الضغوط إلى وحش فعلا كي يستطيع أن يعيش ويجابهها بقوة.
الفنان معن دويعر، الذي قدم شخصية “القومسير”، لفت إلى الجهد الكبير المبذول لتكييف النص العالمي مع الزمن الذي نعيشه ليواكب هذه المرحلة الصعبة التي نمر بها، فاستطاع أن يحاكي الأزمة والحرب ومشاكل المجتمع، مشيرا إلى أن أي شخصية يؤديها تمثل له تجربة جديدة وتحديا يحمّله مسؤولية ليقدمها بطريقة وأسلوب ومعالجة مختلفة خاصة مع النصوص العالمية المشهورة التي تم الاشتغال عليها من قبل.
أدى أدوار المسرحية كل من سمير البدعيش واعتدال شقير وتاج نعيم ووليد العاقل ومعن دويعر وأكرم العماطوري وحسن رسلان وفراس زين الدين والطفلة وله زين الدين.
وضم كادر العمل الفني كلاً من أسيمة الباروكي كمساعدة مخرج وأبي قصوعة وفيصل حاطوم في تصميم وتنفيذ الإضاءة وحسين الباشا في هندسة الديكور وفاديا أبوترابة في المكياج ورأفت البدعيش في تصميم الإعلان وأمجد الباروكي في التأليف الموسيقي ومهند البدعيش في تنفيذ الديكور وياسمين الهادي في تصميم الأزياء وغزل حمزة في الإضاءة المتحركة.
يذكر أن لجنة المهرجان التحضيرية تتألف من مدير المسارح والموسيقى عماد جلول ومدير ثقافة السويداء باسل الحناوي ورئيس دائرة المسرح القومي بالسويداء رفعت الهادي ورئيس فرع نقابة الفنانين بالمنطقة الجنوبية معن دويعر، في حين ضمت لجنته التنفيذية كلاً من حسن بركات وفيصل حاطوم ومنصور حرب هنيدي ومي الحكيم ومجد الأطرش ونجاة العيد، كما ضمت لجنة اختيار العروض كلا من المخرجين والمسرحيين ممدوح الأطرش وجهاد الزغبي وبنيامين حميدان، بينما تتألف لجنة تحكيم العروض من وليد الدبس وسامر شقير ورفعت الهادي.