مهرجانات مصرية مبهجة للخروج من كآبة أزمات الاقتصاد وحروب الإقليم

القاهرة – ضاعفت مصر المهرجانات الفنية والثقافية في الآونة الأخيرة، وبدأت تتنوع وتتعدد المظاهر الدالة على ذلك في القاهرة ومدن أخرى، ويبدو هذا النشاط الذي أطلقته أجهزة الدولة مغايرا لما كانت عليه الأوضاع خلال السنوات الماضية، من انغلاق ونمطية؛ حيث تشارك جهات خاصة في هذه الأنشطة، وهو ما يوحي بتجاوز المرحلة الماضية التي اقتصرت على بعض الأنشطة الفنية المحدودة والتقليدية.
وتجد الاحتفالات المبهجة والمختلفة تجاوبا من شريحة واسعة من المواطنين، للخروج من أجواء الأزمات الاقتصادية الخانقة، والكآبة التي خلقتها الصراعات الإقليمية، وفي مقدمتها الحرب على غزة، ثم الحرب على لبنان، وما يمكن أن ينجم عن الأخيرة من تداعيات وخيمة، قد تكون لها انعكاسات على مصر، وتحاول أجهزة الدولة التخفيف منها باللجوء إلى الإيحاء بأن الحياة الطبيعية يجب أن تستمر، وعلى المواطنين أن يمارسوا دورهم المعتاد، ولا يحرموا أنفسهم مما يبهجهم.
ويقول نقاد إنه لا أحد ينوي انتقاد إطلاق المهرجانات في مصر كما حدث مع عدد كبير من المهرجانات العربية التي تم لوم منظميها ودولها بدعوى أنهم يحتفلون ويقيمون مناسبات ترفيهية بينما حرب غزة على بعد خطوات.
ويشير النقاد إلى تأقلم الشارع المصري مع الصراعات، وأن وراء تكثيف المهرجانات رغبة في صرف أنظار الناس بعيدا عن التوترات الإقليمية، وهي فرصة يمكن أن تعيد الدماء إلى شرايين الدور المصري على صعيد الأنشطة الفنية، بعد أن بدأت عدة دول عربية منافستها مؤخرا، وربما سحبت البساط الفني من تحت قدميها في بعض الأحيان.
ومن شأن غياب اللوم وعدم التقليل من قيمة المهرجانات أن يشجعا وزارة الثقافة المصرية على المضي في طريقها، بل والتوسع في ما تقوم به؛ حيث لاحظت أنه يلقى تجاوبا وتفاعلا، ويزيح عنها تهم التقصير السابقة، لاسيما أن الوزير الجديد أحمد هنو يملك مشروعا ثقافيا يحاول من خلاله تصحيح المسار المصري الذي حاد عن هدفه خلال الفترة الماضية، وتعرض المسؤولون لهجوم بسبب عجزهم أو عدم قدرتهم على مجاراة التحديات التي أوجدتها فعاليات ومهرجانات فنية برعت فيها بعض الدول العربية.
بل على العكس قد تنتعش الفنون في وقت الصراعات، وقد تتخذ مناحي سطحية كنوع من تفريغ شحنات الغضب الشعبي، ويبدو أن مصر قد تعيش حالة شبيهة بما جرى عقب هزيمة يونيو 1967، حيث شهدت السينما رواجا عكس حجم الأزمة التي تعيشها الدولة، والتي ترك المسؤولون فيها الفرصة للمبدعين كي يقدموا أعمالا من ألوان مختلفة، لم تلق نجاحا، لكن الكم وليس النوع هو ما كان لافتا.
وأثارت فرق استعراضية من دول عربية وأجنبية حالة من البهجة والانطلاق في شوارع مدينة الإسماعيلية بشرق مصر الثلاثاء في تقليد ارتبط سنويا بانطلاق مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية.
وتشارك في الدورة الرابعة والعشرين من المهرجان 22 فرقة، من بينها سبع فرق من الجزائر والأردن وفلسطين والهند وإندونيسيا ورومانيا والمالديف.
ومن الداخل تشارك 12 فرقة تابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة من بورسعيد والإسكندرية وأسوان والمنيا وأسيوط والعريش والشرقية والوادي الجديد وشلاتين والإسماعيلية، إضافة إلى فرقتين لذوي الاحتياجات الخاصة وفرقة وزارة الشباب والرياضة.
بدأت فعاليات المهرجان أمس بالاستعراض السنوي الشهير (الديفيله) الذي جاب الشوارع وصولا إلى مبنى المحافظة القديم، وستقام مراسم الافتتاح الرسمية اليوم الأربعاء بقصر ثقافة الإسماعيلية حيث سيجري تكريم مجموعة من الشخصيات التي أثرت الحياة الفنية والثقافية.
وستقام العروض الفنية في الفترة الممتدة من الثالث إلى السادس من أكتوبر في حديقة الشيخ زايد، وحديقة الخالدين، ونادي الأسرة، وشاطئي الفيروز، ونادي الدنفاه، إضافة إلى عدد من مسارح فايد والقنطرة غرب والقصاصين.
ويقام على هامش المهرجان معرض للحرف البيئية مع تنظيم سلسلة ندوات تناقش استلهام وتوظيف عناصر التراث والمأثور الشعبي من جانب فرق الفنون الشعبية.