مهاجرون متشددون من الشرق على وجهين: إسلاميون أو لاإسلاميون

برلين- أعادت عملية دهس دامية في سوق لعيد الميلاد في مدينة ماغدبورغ الألمانية الجمعة التذكير بعمليات سابقة نفذها مهاجرون متشددون قادمون من الشرق وشملت عمليات دهس وذبح وتفجيرات انتحارية. وإذا كانت العمليات السابقة ترتبط بمتشددين إسلاميين من أقطار مختلفة، فإن المشكوك فيه في تنفيذ الهجوم هذه المرة متشدد مناوئ للإسلام والإسلاميين.
وأوقفت الشرطة الألمانية السعودي طالب جواد العبدالمحسن المشتبه به (50 عاما) بعدما صدم بسيارته حشدا في سوق لعيد الميلاد في مدينة ماغدبورغ بشمال البلاد ليل الجمعة، في هجوم أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة 200 على الأقل، بحسب مصادر رسمية ألمانية.
وأعلنت وزيرة الداخلية نانسي فيزر السبت أنّ سائق السيارة طبيب “معاد للإسلام”.
ويتوقع أن تزيد حادثة الدهس من موجة العداء ضد المهاجرين القادمين من الشرق الذين ستتم معاملتهم على أنهم متشددون ويمثلون خطرا بقطع النظر عن التفاصيل الصغيرة في التفريق بين متشدد إسلامي ومتشدد معاد للإسلام، لكنهم يأتون من نفس البيئة المعادية للغرب خاصة مع تكرر الحوادث المأساوية.
وفي أواخر العام 2016 شن تونسي يدعى أنيس العامري هجوما بشاحنة أسفر عن مقتل 12 وجرح أكثر من 70 شخصا واستهدفت سوقا لعيد الميلاد في برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية بعدها بأيام إثر فراره من ألمانيا.
والرجل الذي درس الطب النفسي، يتحدّر من عائلة شيعية في مدينة الهفوف في محافظة الأحساء في شرق السعودية.
وهاجر عام 2006 إلى ألمانيا حيث نال وضع لاجئ بعدها بعشرة أعوام، بحسب وسائل إعلام ألمانية. أقام وعمل سنوات في مقاطعة ساكسونيا أنهالت وعاصمتها ماغدبورغ الواقعة على بُعد 160 كيلومترا من برلين.
وبحسب مقابلة سابقة أجراها مع صحيفة فرانكفورتر روندشاو، قال العبدالمحسن إنه تعرّض “للتهديد بالقتل بسبب ارتداده عن الإسلام“.
ونشط في مساعدة طالبي اللجوء السعوديين خصوصا من النساء، بحسب ما يقول سعوديون عرفوه في الخارج.
وفي حديث أجرته معه فرانس برس في أواخر العام 2022 في إطار إعداد تقرير عن ظروف تواجهها نساء سعوديات أو أفراد من مجتمع الميم خارج المملكة، عرّف العبدالمحسن عن نفسه بأنه “سعودي ملحد”، وكال سيلا من الشتائم للدين الإسلامي.
وقال يومها إنّ “هؤلاء الشباب خصوصا الفتيات يهربن من الإسلام،” معتبرا أنّ “التربية الإسلامية المتشددة سبب كافة مشاكل المسلمين خصوصا النساء“.
ولم يخف الرجل مواقفه المناهضة للإسلام عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهو أسّس منظمة “إكس مسلم” (مسلم سابق).
ولم تحدد السلطات بعد دوافع المشتبه به الذي تمّ توقيفه إثر الهجوم. وأفادت وسائل إعلام ألمانية بأنّ له صلات مع اليمين المتطرّف في البلاد وكان معروفا بين المهاجرين السعوديين.
وقال المدير القانوني للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ومقرّها برلين طه الحاجي “هو شخص مضطرب نفسيا ومعتدّ بنفسه بصورة مبالغ فيها“.
وأضاف “قطعا هذا ليس هجوما بدوافع إسلامية،” وتابع “لقد رهن نفسه ووقته للإساءة للإسلام ونشر الكراهية“.
وعلى صفحته الخاصة على منصة إكس، يضع العبدالمحسن صورة بندقية كصورة غلاف ويعرّف عن نفسه بأنه ينتمي إلى “المعارضة العسكرية السعودية“.
وفي منشور يعود إلى 21 أغسطس الماضي، كتب “هل هناك طريق للعدالة في ألمانيا من دون أن تفجر سفارة ألمانية أو تذبح مواطنين ألمان عشوائيا؟”
وكان قد كتب سابقا أنّ “ألمانيا تطارد طالبات اللجوء السعوديات داخل ألمانيا وخارجها لتدمير حياتهن،” وأنّ “ألمانيا تريد أسلمة أوروبا“.
كما أدرج عبر حسابه على إكس رابطا لمنتدى إلكتروني ورد في صفحته الأولى “نصيحتي: لا تطلب اللجوء في ألمانيا“.
وأشار الحاجي إلى أنّ العبدالمحسن كان “منبوذا” في أوساط الجالية السعودية في ألمانيا.
وكان العبدالمحسن خلف مقود سيارة رباعية الدفع سوداء اللون اخترقت عوائق أمنية، ثم أكمل القيادة في شكل مُتعرّج داخل السوق ليل الجمعة، وفقا لروايات شهود نقلها الإعلام الألماني.
وأعاد الهجوم التذكير بعملية مشابهة وقعت قبل ثمانية أعوام في برلين.