من يقف وراء تأجيل اجتماع عقيلة صالح والمشري في الزنتان

طرابلس – أعلن الممثل الخاص للأمين العام رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبدالله باتيلي، عن عدم إمكانية عقد اللقاء المرتقب بين رئيسي مجلسي النواب عقيلة صالح والدولة خالد المشري، في مدينة الزنتان، غرب البلاد، لـ"أسباب لوجستية خارجة عن إرادتنا"، في وقت تتزايد المخاوف من استمرار بعض الأطراف الرافضة للمسار الانتخابي في عرقلة الجهود المبذولة في هذا الشأن، لاسيما في ظل التصريحات المتضاربة حول أسباب التأجيل.
وأبدى باتيلي، في بيان نشرته البعثة الأممية على موقعها الرسمي، ليل السبت، سعادته باتفاق رئيسي المجلسين على "عقد اجتماع تحت رعاية الأمم المتحدة في مدينة الزنتان في الرابع من ديسمبر"، مشيرا إلى أنّ هدف اللقاء تفعيل عملية تفضي إلى إجراء الانتخابات، بما في ذلك استكمال الإطار الدستوري.
وحثّ باتيلي في البيان مجلسي النواب والأعلى للدولة على الاتفاق على مكان وموعد مقبولين للطرفين لعقد اجتماعهما، وحض على ضرورة أن يخرج هذا الاجتماع بـ"مقترحات ملموسة وقابلة للتنفيذ وذات أطر زمنية محددة" لإيجاد مخرج توافقي من هذه الأزمة.
ودعا باتيلي جميع المؤسسات الليبية، بما فيها مجالس النواب والدولة والرئاسي، إلى "الدخول في حوار سعيا إلى إيجاد حل وتسريع الجهود الجارية"، مؤكدا أنّ "شعب ليبيا يستحق الفرصة للإدلاء بصوته واختيار قادة المستقبل".
وأكد استعداد الأمم المتحدة لبذل "مساعيها الحميدة" لضمان نجاح اجتماع صالح والمشري المقبل، ورأى أن هذا الاجتماع "يجب أن يقدم إجابات للإحباطات المتزايدة، ويلبي تطلعات ما يزيد عن 2.8 مليون ناخب سجلوا للتصويت، ويتطلعون إلى إضفاء الشرعية على القادة المستقبليين وعلى مؤسسات هذه الدولة".
وقال "القادة الشرعيون هم من يرسخون الثقة في العملية السياسية ويحققون السلام والاستقرار ويوفرون فرصة الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للجميع، بما في ذلك النساء والشباب".
ورحب رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة، الأحد، بدعوة باتيلي إلى إجراء انتخابات طال انتظارها.
وفجر الأحد، قال الدبيبة عبر حسابه على توتير "أرحب بما صدر عن رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبدالله باتيلي في بيان حث فيه جميع الأطراف المعنية على تحقيق ما وصفه بـ'الغرض الواحد'، وهو الذهاب إلى الانتخابات".
وتابع "من جهتنا نؤكد أننا مع إرادة أكثر من 2.8 مليون ناخب يريدون إنهاء المراحل الانتقالية في بلادنا".
وكان عقيلة صالح قد أعلن الخميس الماضي عن لقاء مرتقب سيجمعه مع خالد المشري ومبعوث الأمم المتحدة عبدالله باتيلي، مشيرا إلى أن ثمة توافقا بين المجلسين بخصوص المناصب السيادية وتكوين سلطة واحدة في ليبيا.
وبعد هذه التصريحات، طرح اسم مدينة الزنتان، لاستضافة الاجتماع المرتقب والذي كان مقررا له الأحد، إلا أن عميدها اشترط موافقة حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية برئاسة عبدالحميد الدبيبة على اللقاء، قبل عقده.
وقال عميد بلدية الزنتان عمران العمياني إن "بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تواصلت معهم بشأن استضافة اجتماع بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري".
وأوضح العمياني في تصريحات إعلامية أن البلدية مستعدة لاستضافة الاجتماع، شريطة الحصول على موافقة من وزارة الحكم المحلي في حكومة الوحدة الوطنية.
في المقابل، قال رئيس مجلس أعيان الزنتان مصطفى كرواد إن "المدينة جاهزة لاستضافة اجتماع عقيلة صالح وخالد المشري للوصول إلى توافقات للخروج من الأزمة الحالية".
وأضاف كرواد "أبلغنا بشكل غير رسمي أن الاجتماع سيكون بشكل مبدئي الأحد، وأن الأمر متروك للجهتين لتحديد الموعد المناسب لهما".
وأرجعت تقارير إعلامية ليبية تأجيل اللقاء المقرر بين صالح والمشري الأحد في الزنتان إلى وجود خلافات بين القوى في المدينة، ورفض بعضها استضافة اللقاء، مشيرة إلى أن الزنتان تشهد عدة وساطات اجتماعية لإقناع القوى المحلية بالأهمية السياسية للقاء.
لكن عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة أكد أن تأجيل اللقاء بين عقيلة صالح وخالد المشري بسبب وجود جلسة للأعلى الاثنين وجلسة للنواب الثلاثاء.
وأضاف في تصريحات صحافية أن اللقاء بين رئيسي مجلس النواب والأعلى للدولة أُجّل ليومي الأربعاء والخميس، مشيرا إلى أن الأعلى للدولة سيعقد جلسة الاثنين بطرابلس لمناقشة ملف توحيد السلطة التنفيذية والقاعدة الدستورية وملف المناصب السيادية.
بينما أفادت قناة ليبيا الأحرار، الذراع الإعلامية للإخوان المسلمين في ليبيا، نقلا عن مصادر لم تسمها بأن أسباب التأجيل لوجستية، أبرزها صيانة مهبط مطار المدينة، مشيرة إلى أن الأعمال قد تستغرق يومين على أقصى تقدير، وأن الجهات المختصة أكملت صيانة ألف متر من أرضية المهبط.
وأضافت المصادر أن اللقاء بين صالح والمشري من المتوقع أن يكون نهاية الأسبوع، سيتم فيه إطلاق "حوار سياسي جديد" برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، موضحة أن رئيس البعثة عبدالله باتيلي سيلتقي الخميس المقبل في تونس بسفراء ومبعوثي عدة دول لعرض آلية الحوار الجديد.
وبدأ صالح والمشري لقاءات في القاهرة، منذ الاثنين الماضي، وفقا لتأكيد عضو مجلس النواب وعضو اللجنة الدستورية المشتركة الهادي الصغير، الذي كشف عن المحاور الثلاثة الرئيسية للقاءات، وهي "المناصب السيادية، وتوحيد شامل للسلطة التنفيذية، وملف القاعدة الدستورية"، مرجحا احتمالية أن "تسير المفاوضات نحو تشكيل حكومة جديدة".
ومنذ مارس الماضي، تتصارع حكومة برئاسة فتحي باشاغا كلفها مجلس النواب بطبرق (شرق) على السلطة مع حكومة الدبيبة المعترف بها من الأمم المتحدة، والتي ترفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.
ولحل الأزمة أطلقت الأمم المتحدة مبادرة قادت إلى تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة للتوافق على قاعدة دستورية تقود إلى انتخابات، غير أنها تعثرت بعد ثلاث جولات.
وهذه الانتخابات كانت مقررة في الرابع والعشرين من ديسمبر 2021، لكن تعذر إجراؤها بسبب خلافات بين مؤسسات الدولة، ولاسيما بشأن قانوني الانتخاب.
ويترقب الليبيون توافق مجلسي النواب والدولة على قاعدة دستورية لإجراء انتخابات في أقرب وقت، لحسم الخلاف بين المؤسسات المتصارعة في البلد الغني بالنفط.