من يقف وراء المحاكمة الأخلاقية الافتراضية لرواية #هوارية في الجزائر

الإسلاميون يخرجون الجدل من مواقع التوصل الاجتماعي إلى البرلمان.
الأربعاء 2024/07/17
في مواجهة "حراس الفضيلة"

انقسم الرأي العام في الجزائر حول رواية فائزة بجائزة آسيا جبار، بين من وجّه انتقادات لاذعة للرواية لاحتوائها على كلمات بذيئة، وبين من حيّا كاتبة الرواية على شجاعتها وكسرها للتابوهات.

الجزائر - أثارت رواية "هوارية" للكاتبة والمترجمة الجزائرية إنعام بيوض، الحائزة على جائزة آسيا جبار في دورتها السابعة للعام 2024، جدلا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وتداول معلقون صورا لصفحات من الرواية معتبرين أنها لا ترقي للتتويج بجائزة آسيا جبار، لما تضمنته من ألفاظ "سوقية".

وطالب نشطاء بسحب جائزة آسيا جبار من الكاتبة الشهيرة بذريعة أخلاقية، مع إجبارها على الاعتذار للشعب الجزائري عن “روايتها الفاضحة” التي استعملت فيها الكلمات البذيئة باللغة العامية، كما اعتبروا عنونتها باسم “هوارية” إساءة لمدينة وهران. وجائزة آسيا جبار، وهي من أهم الجوائز الأدبية في الجزائر، استُحدثت تخليداً لاسم واحدة من أهم رائدات الأدب الفرنكوفوني في البلاد.

وتسرد الرواية معاناة البطلة "هوارية"، وهي فتاة في الغرب الجزائري مع ظروف الحياة القاسية في دروب مدينة وهران الشعبية، واقتحامها للعوالم المحظورة في أحلك فترة عاشتها الجزائر "العشرية السوداء" (1990-2000)، وهي تصف، في جزء منها، وهران الجميلة المليئة بالتناقضات.

واعتبر معلق على إكس:

 

وكتب آخر:

وعبرت الناشطة سهام بوغرارة عن استيائها من فوز هذه الرواية، مع استعراض مقاطع صادمة منها. وقالت:

هذا النقاش دفع عضو لجنة تحكيم الجائزة آمنة بلعلى للتدخل والرد، مؤكدة أن “إثارة جدل فيسبوكي عقيم، والحكم على رواية من خلال خمس جمل اقتضتها حوارات الشخصيات، لا يعدو أن يكون سوى متنفسٍ أيديولوجي لأعداء الفن، الذين يريدون أن يكتب الروائي أدباً منافقاً، ويبدو أن الهدف منه التشويش على كل نشاط ثقافي فاعل وتقنين الإبداع".

وأردفت “إن الجمل التي حاكموا من خلالها رواية بكاملها، واعتبروها خادشة للحياء، نجد مثلها، بل أكثر منها في الرواية الجزائرية، منذ الطاهر وطار، وكذلك نجدها في الرواية العربية والعالمية، وفي المسرح والشعر والفن التشكيلي، لأن السياق الفني يقتضيها".

وبدا أن جملة “الأدب المنافق”، التي أوردتْها عضوُ لجنة التحكيم، استفزّت الكاتب نذير طيار، الذي ردّ عليها قائلاً:

لو لم تفز الرواية بالجائزة ما كانت لتثير كل هذه الضجة. لكن الذين يدافعون عن دور القيم في الفن، لا يدعون بالضرورة إلى أدب منافق. إذ من الممكن بالمقابل وصف من يدعون إلى تحرير الفن من كل القيم بدفاعهم عن أدب فاجر. وجود الحثالة في المجتمع لا يبيح للروائي أن يصبح من الحثالة، عبر تبنيه قاموس بيوت الدعارة ولو في صفحات قليلة.

أعرف جيدا أن ما كتبته إنعام بيوض قد يبدو تسبيحا بالنظر إلى صفحات طويلة من إحدى روايات بوجدرة، على سبيل المثال. لهذا لا أراها رواية إباحية أو إيروتيكية. ومن يقرأ الروايات منذ عقود، لن يتفاجأ بما ورد في رواية هوارية لإنعام بيوض.

من حق كل روائي أن يدافع عن رؤيته الأيديولوجية من خلال روايته، وواضح من بعض الصفحات التي اطلعت عليها من الرواية عن الملتحين، ومن منشور الأستاذة آمنة بلعلى، أن الروائية ألبست المشكلات الاجتماعية والسياسية كلها، خلال العشرية الحمراء، للإسلاميين واليساريين، ما موقع السلطة الفاسدة من الإعراب؟ هل كانت بريئة لهذا الحد؟

في المقابل انتقد معلقون الحملة ضد الرواية وكاتبتها. وقال معلق:

وكتب آخر:

وقالت مصادر مطلعة إن الكاتبة تتعرض لحملة تشويه على مواقع التواصل يقودها بعض الكتاب شاركوا في جائزة آسيا جبار للرواية ولم يتوجوا بها. كما اعتبر معلقون أن الحملة المفتعلة يقف وراءها إسلاميون. وقال فيصل سيدو “يعتبر رأي الإسلاميين ‘المتجددين’ هو الصوت الأطغى، فهم منذ مدة غير يسيرة صاروا بمثابة الصوت الأعلى في كل القضايا الوطنية والسياسية والثقافية والاقتصادية والدولية، فيسمعون صوتهم بتشدد أحيانا وبلطف أحيانا وبكثير من السطحية في أحايين كثيرة.

خذ مثلا إن هناك روايات مصنفة ضمن الأدب الإسلامي، أي أن كتابها معروفون فقط بالأدب الإسلامي وليسوا محسوبين عليه أو يكتبون أصنافا مختلطة، ولولا خشية أن ينقب عنها حراس المعبد لقراءتها واكتشاف إباحيتها لذكرت الكثير منها..)". وأضاف "هناك دائما رؤية أخلاقية دينية سلفية تحاكم كل شيء باسم التصور الإسلامي الإخواني أحيانا والسلفي أحيانا أخرى، لكنها تتغطى برداء الأكاديمية أو التعبير عن الرأي، لكنها في النهاية إقصائية للأصوات الأخرى لا أكثر ولا أقل".

وقال صحافي:

من جانبها أعلنت الدار الناشرة لرواية "هوارية" الفائزة بجائزة آسيا جبار لهذا العام عن إغلاق أبوابها بعد الانتقادات الواسعة التي طالتها، وهو قرارا عارضه جزائريون كثيرون على مواقع التواصل وحثوا الدار عن التراجع.

5