من يضحي بديك؟

اعتاد جماعة "عسّروا ولا تيسّروا" على اصطياد الفرص لقطع الطريق أمام أي محاولة قد يقوم بها بقية من تبقوا من تيار "يسّروا ولا تعسّروا" لتيسير حياة الناس بدل التشدد والتطرف في كل شيء بما ذلك أضحية العيد التي تشغل بال الكثيرين هذه الأيام.
وخلال الأسبوع الماضي قامت الدنيا ولم تقعد بعد أن أجاز الدكتور سعدالدين الهلالي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر ذبح الطيور كأضحية، وقال في مقابلة تلفزيونية إن الأضحية لا تقتصر على الأنعام بل يستطيع المسلم أن يضحي بكل ما هو مذبوح، حسب المذهب الظاهري، مردفا أن المسلم يستطيع أن يجعل الأضحية بفرخة أو ديك أو أي طير، أو كل ما يذبح ويؤكل .
وهذه ليست المرة الأولى التي يصرّح فيه الدكتور الهلالي بهذه الفتوى، وإنما سبق له أن أوضح في العام 2017 بأن الظاهرية أجازت أن يقوم الفقير بذبح الطيور كالدجاجة والديك والديك الرومي وكل أشكال الطيور كأضحية في عيد الأضحى المبارك، لعدم تمكنه من ذبح المواشي في العيد، وذلك من أجل الحصول على ثواب الأضاحي.
واستشهد على ذلك بذبح الصحابي بلال بن رباح مؤذن الرسول، ديكا، وقد أجاز الإمام ابن حزم التضحية بالبط والإوز وحتى العصافير إذ قال "والأضحية جائزة بكل حيوان يؤكل لحمه من ذي أربع، أو طائر، كالفرس، والإبل، وبقر الوحش، والديك، وسائر الطير والحيوان الحلال أكله، والأفضل في كل ذلك ما طاب لحمه وكثر وغلا ثمنه”، وكان عبدالله بن عباس يعطي غلامه درهمين ويكلفه بأن يشتري بهما لحما يرسله إلى الفقراء، ثم يقول “هذه أضحية ابن عباس، أي هذا ما كان في وسعه، فهي أضحية مجازا".
قوبلت فتوى الهلالي بانتقادات واسعة من جماعة التعسير دون التيسير بمن فيهم وزير الأوقاف محمد مختار جمعة الذي مال من حيث المبدأ إلى نفس موقف يوسف القرضاوي عندما رد قبل 20 عاما على دعوة رجال دين أتراك إلى التضحية بالطيور بالرفض انطلاقا من أن على الميسورين أن يضحوا بالأنعام وعلى الفقراء أن ينتظروا نصيبهم من الصدقات، أما تعميم التضحية بالطيور فقد يضرب الشعيرة في مقتل بأن يصبح الذبح العظيم مجرد ديك أو دجاجة أو بطة أو إوزة.
أما المفتي شوقي علام فقد أفتى بالتأكيد على أنه "لا يجوز في الأضحية إلا أن تكون من الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم"، معتبرا أن الرأي القائل بجواز التضحية بكل حيوان يؤكل لحمه رأي ضعيف وغير معتبر في الإفتاء ومخالف لعمل الأمة المستقر. وهو بذلك يرفض اجتهاد الهلالي ويساهم في محاولة عزله بعد أن حاولت جماعة “عسّروا ولا تيسّروا” الحكم على فتواه بخلفية سياسية عشية الذكرى العاشرة لثورة الثلاثين من يونيو التي أطاحت بحكم الإخوان.