من يحرك ورقة اللاجئين الأفارقة قبل الانتخابات التونسية

اتحاد الشغل يريد العودة إلى الواجهة السياسية باستثمار أزمة اللاجئين الأفارقة لتأجيج الوضع.
الأحد 2024/07/14
قيس سعيد: تونس المعتزة بانتمائها الأفريقي حريصة على فرض احترام القانون

تونس- جاءت زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد إلى منطقتي جبنيانة والعامرة من محافظة صفاقس، حيث يوجد المئات من اللاجئين الأفارقة، بعد تحذيرات صادرة عنه من وجود محاولات لتأجيج الأوضاع الاجتماعية قبل الانتخابات المقررة في شهر أكتوبر القادم.

وتزامنت الزيارة مع دعوة من الاتحاد العام التونسي للشغل إلى إضراب عام في المنطقتين بسبب شكاوى السكان المحليين من تزايد عمليات السطو والسرقة، وهو ما أوحى بأن المنظمة النقابية تريد استثمار الأزمة للعودة إلى الواجهة، معتقدة بأن السلطة السياسية ستشعر بالإحراج وأنها قد تتعامل مع دور الاتحاد كأمر واقع خاصة أن تحركه الاجتماعي يأتي أسابيع قليلة قبل الانتخابات، وهو ما قد يكون له صدى إعلامي داخليا وخارجيا.

ويرى مراقبون أن تنقل قيس سعيد على عين المكان يظهر رفضه محاولات استثمار الأزمات لأجندات سياسية من أيّ جهة كانت، ولأجل ذلك بادر بلقاء السكان المحليين وتحدث معهم بكل وضوح بشأن الوضع الأمني مشددا على أن الدولة صاحبة الكلمة الأولى في موضوع الأمن، وهي من تحمي الجميع سواء السكان المحليين أو اللاجئين، في رفض واضع لمساعي تأجيج غضب السكان ضد الأفارقة.

وقال الرئيس سعيد إن الدولة وحدها هي المكلفة بتطبيق القانون وحماية الأمن، وإنها عملت وتعمل على الإحاطة الإنسانية بالمهاجرين الذين هم ضحايا نظام عالمي وضحايا شبكات اتجار بالبشر.

وأضاف أن “تونس المعتزة بانتمائها الأفريقي حريصة على فرض احترام القانون على الجميع ولن تسمح لأيّ كان بتنفيذ مخططاته غير المعلنة كما لن تقبل بترويع المواطنين”، في رسالة واضحة بأنها لن تقبل أيّ محاولة لجر الطرفين إلى مواجهات واشتباكات وخدمة أجندات سياسية أو حزبية قبل الانتخابات.

وكان لافتا أن اتحاد الشغل أصدر بيانا تضمن إعلانا بتنظيم إضراب عام لم يحدد موعده، احتجاجا على تدهور الوضع في المدينة، ما اعتبر جزءا من لعبة سياسية يريد الاتحاد من ورائها العودة إلى الواجهة بعد أن همشته السلطة ورفضت أيّ دور سياسي له.

وقال المحلل السياسي التونسي المنذر ثابت إن “الملف الأساسي هو ملف الهجرة غير النظامية وقطع الطريق أمام تفاقم الأزمة في فترة ما قبل الانتخابات الرئاسية”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أنه “وبالنظر إلى مواقف الاتحاد العام التونسي للشغل هناك توتر في العلاقة مع رئاسة الجمهورية، والاتحاد يحاول ردّ الاعتبار لموقعه من الخارطة السياسية، ومواقف الرئيس سعيد ستكون حاسمة، لأن تصعيد الاتحاد سيكون إعلان قطيعة”.

المنذر ثابت: قيس سعيد يسجّل نقاطا هامة في السباق الانتخابي الرئاسي
المنذر ثابت: قيس سعيد يسجّل نقاطا هامة في السباق الانتخابي الرئاسي

وتابع ثابت أن “السلطة لن تنظر إلى تصريحات اتحاد الشغل على أنها تبحث عن شيء من المصداقية، وأن الرئيس سعيد تحول عدة مرات إلى مختلف المناطق مثل صفاقس والقصرين في الداخل التونسي، وهو في كل الأحوال يسجّل نقاطا سياسية هامة في السباق الانتخابي الرئاسي”.

ومثلت جبنيانة والعامرة وهما بلدتان في المناطق الريفية بمحافظة صفاقس، ملاذا للآلاف من المهاجرين الوافدين من دول أفريقيا جنوب الصحراء بنية عبور البحر الأبيض المتوسط إلى سواحل إيطاليا، بعد حملات أمنية مكثفة وسط صفاقس دفعتهم إلى مغادرتها بسبب أعمال عنف مع السكان المحليين.

وقال الكاتب والمحلل السياسي مراد علالة إن زيارة قيس سعيد إلى المنطقتين تحمل إشارة إلى “قطع الطريق أمام من يريد الاستثمار في الأوضاع بالجهة، كما تعطي رسالة طمأنة للأهالي بأن الرئيس يتحمل مسؤولية سلامة كل الأراضي التونسية ولا أحد يمكنه تعويض الدولة”.

وأكد علالة في تصريح لـ”العرب” أن “الزيارة تحمل رسائل إيجابية اجتماعيا ونفسيا، لكن السؤال المطروح يتعلق بالإجراءات والحلول” التي يمكن أن تقوم بها السلطة في المنطقة.

وأوضح أن “اتحاد الشغل في حالة استنفار وتركيز بيته الداخلي، ويريد أن يقول إنه موجود، لكن الرئيس سعيد مرة أخرى يكسب الجولة”.

مراد علالة: الرئيس يقطع الطريق أمام من يريد الاستثمار في موضوع اللاجئين
مراد علالة: الرئيس يقطع الطريق أمام من يريد الاستثمار في موضوع اللاجئين

وحذر المجتمع المدني في جبنيانة والعامرة من تدهور خطير للوضع الأمني بسبب تدفق مهاجري دول أفريقيا جنوب الصحراء وتفشي أعمال العنف.

وقال خالد غالي الناشط بالمجتمع المدني والكاتب العام السابق لاتحاد الشغل المحلي، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) قبل أيام “حذرنا من قبل من مزيد تدهور للوضع الأمني. اليوم هناك خوف واعتداءات بالأسلحة البيضاء وأعمال سطو واقتحام للمنازل. هناك حالة احتقان كبيرة في الشارع”.

ودفعت السلطات بتعزيزات أمنية في جبنيانة. وقال الرئيس قيس سعيد في مقابلة مع وزير الداخلية خالد النوري “تونس تعامل المهاجرين غير النظاميين معاملة تقوم، في المقام الأول، على القيم الإنسانية، ولكن لا يمكن أن تسمح لأيّ كان بترويع المواطنين تحت أيّ ذريعة كانت”.

وقال خالد غالي إن “هذا لن يحل المشكل الأصلي بسبب الأعداد الكبيرة للمهاجرين بلا أفق ودون خطط واضحة من السلطة”.

وتابع “ما حصل هو ذر رماد في العيون لم تتم مناقشة مقترحات مثل تجميع المهاجرين في مخيم أو ترحيلهم”.

وتضغط إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي لوقف تدفق المهاجرين من سواحل تونس مقابل حوافز مالية واقتصادية ومذكرة تفاهم تم توقيعها منذ يوليو 2023.

وتوقف دوريات للشرطة والحرس البحري يوميا في سواحل صفاقس مهاجرين في عرض البحر وسماسرة ومهربي بشر.

1