من يحرك الإعلام التونسي ضد قيس سعيد

الإعلام التونسي المرتبط بلوبيات الفساد يعارض التغيير الشامل الذي يقوم به الرئيس لأنه يهدد مصالحها التي حققتها بسبب ضعف الدولة.
السبت 2022/01/22
إصرار على مكافحة الفساد

تونس- يكافح الرئيس التونسي قيس سعيد على واجهات متعددة لتفكيك المنظومة السابقة التي تسيطر على القطاعات الحساسة في البلاد وخاصة قطاعي الإعلام والقضاء اللذين يتحركان بقوة ضد مساعي الإصلاح والتغيير.

وقال الرئيس التونسي قيس سعيد الخميس إن “القضاء حر ونعمل على أن يكون حرا، ولكن القضاء ليس دولة أو حكومة”، فيما اعتبر أن “الإعلام يديره النظام الخفي الذي لا يزال يحكم تونس”.

وأضاف “يعتبرون (في إشارة إلى من يسميهم بالنظام الخفي) الحرية حرية السب والشتم وتطويع وسائل الإعلام من قبل مجموعة من الأشخاص تعمل ليلا (لتشكيل أجندة إعلامية) يتناولونها اليوم التالي”.

واعتبرت أوساط سياسية تونسية أن الرئيس سعيد دأب على مصارحة التونسيين ليعرفوا حقيقة ما يجري من حولهم، وهو يضعهم الآن أمام حقيقة ما أسماه بالنظام الخفي الذي يعيق جهوده في تفكيك المنظومة السياسية السابقة التي سيطرت على المجالات الحيوية في البلاد، وتحكمت في الإعلام والقضاء.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن الإعلام في أغلبه يعارض التغيير الشامل الذي يقوم به قيس سعيد ويهدف من خلاله إلى ضرب لوبيات الفساد التي تتحكم في الدولة وتضع يدها على القرار السياسي منذ 2011. وذكرت أن هناك أسبابا مختلفة للعداء الذي يكنّه الإعلام لخيارات الرئيس سعيد، وخاصة بعد الإجراءات الاستثنائية التي تم اتخاذها في الخامس والعشرين من يوليو 2021.

وقالت إن هناك جهات إعلامية نافذة ترفض أي تغييرات لأنها تهدد مصالحها واستمرار النفوذ الذي وسعته بسبب ضعف الدولة، ولفتت الأوساط ذاتها إلى وجود تحالف وثيق بين تلك الجهات الإعلامية ولوبيات الفساد المالي والسياسي التي صارت في حالة استنفار إثر تلويح الرئيس سعيد المستمر بفتح كل الملفات واستعادة أموال الدولة المنهوبة.

وتطرقت بصفة خاصة إلى ما لحركة النهضة الإسلامية من نفوذ على الإعلام خفيّ، مذكرة بتصريحات أدلى بها محمد عبو -الوزير السابق- الذي قال إن النهضة تمتلك أربع فضائيات تلفزيونية وإنه رفع قضية ضد الحركة بسبب مخالفتها أحد شروط قانون الأحزاب الذي يمنعها من امتلاك وسائل الإعلام أو السيطرة عليها.

وتثير قرارات بيع مؤسسات إعلامية مصادرة (مثل إذاعة “شمس أف أم” وجريدة “الصباح”) لرجال أعمال شكوكا حول الجهات المستفيدة منها، خاصة أن هذا البيع يتم بعيدا عن الأضواء ودون تنسيق وتشاور مع الهيئات النقابية الممثلة للإعلاميين.

يوسف بوزاخر: نأمل ألا يكون هذا الأمر الرئاسي وسيلة للضغط على المجلس الأعلى للقضاء

وقاومت فضائيات محسوبة على جهات سياسية معروفة جهود الإعلام السمعي والبصري (الهايكا) لمراقبة المحتوى، وخاصة معرفة الجهات الممولة ضمن خطة الهيئة لمقاومة نفوذ المال السياسي الذي يهيمن على الإعلام التقليدي والإعلام الجديد في الوقت نفسه.

ولاقت الهايكا هجوما كبيرا من الإسلاميين؛ من ذلك سعي ائتلاف الكرامة -الذي يوصف بأنه ذراع من أذرع حركة النهضة الإسلامية- لتمرير تعديلات مثيرة للجدل على المرسوم 116 لسنة 2011 بهدف وضع اليد على الهيئة والتحكم فيها قبل أن يتم إفشال هذا المخطط بتجميد أنشطة البرلمان ورفع الحصانة عن النواب.

وقادت حكومة الترويكا (الحاكمة بين 2011 و2013) حملات ضد الإعلام، ما سلط آنذاك الضوء على العداء الذي تكنه حركة النهضة للإعلام التونسي على غرار الاعتصام الذي قام به أنصارها عام 2012 أمام مبنى التلفزيون الرسمي والذي رُفعت فيه شعارات مناوئة لحرية الإعلام مثل “إعلام العار يجب تطهيره”.

وبالتوازي مع التصعيد الإعلامي ضد مسار الخامس والعشرين من يوليو تعارض دوائر قضائية مختلفة مسار إصلاح القضاء الذي ينتهجه الرئيس سعيد، معتبرة أنه تدخل في مسار القضاء.

وقال قيس سعيد في تصريحات أدلى بها خلال استقباله رئيسة الحكومة نجلاء بودن الخميس “نعم القضاء حر ونعمل على أن يكون حرا، ولكن القضاء ليس دولة أو حكومة”، مؤكدا أنه “قضاء الدولة وعليه أن يطبق القانون”.

وتابع “السلطة الترتيبية التي منحها القانون للمجلس الأعلى للقضاء ليست لتحديد المنح والامتيازات”.

ومساء الأربعاء أصدر الرئيس سعيّد مرسوما ينص على “وضع حد للمنح والامتيازات” المخولة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء.

وتساءل قيس سعيد “ما معنى ألا تتم متابعة عدد من الذين رفعت عنهم الحصانة (لم يسمهم)؟”، مشدّدا “كل هذا لا يجب أن يتواصل وليتحمل كل منا مسؤولياته”.

والخميس أعلن المجلس الأعلى للقضاء في تونس أن أعضاءه “سيواصلون القيام بمهامهم بغض النظر” عن مرسوم الرئيس قيس سعيّد الذي يقضي بوضع حد لامتيازاتهم.

وتعليقًا على قرار قيس سعيد أوضح رئيس المجلس يوسف بوزاخر في تصريح لإذاعة “شمس أف أم” (خاصة) “نأمل ألا يكون هذا الأمر الرئاسي وسيلة للضغط على المجلس الأعلى للقضاء”، وأفاد بأن “المجلس يتمتع بتسيير ذاتي طبق أحكام الدستور”.

1