من وراء الظاهرة؟

أغلب المجتمعات في الدول المتأثرة بالتغيرات المناخية تبحث عن تفسيرات غيبية لظاهرة الاحتباس الحراري وخاصة مع اتساع مستويات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
الأحد 2023/11/19
معنى أن تكون طفلا ينشأ في عصر التغير المناخي السريع

كيف سيفسر العلماء للعوامّ معنى أن يكون العام الحالي الأكثر ارتفاعا في درجات الحرارة منذ 125 ألف عام، أو أن شهر أكتوبر الماضي كان الأكثر سخونة على الإطلاق على مستوى العالم منذ ما قبل الثورة الصناعية لهذا الشهر؟

أغلب المجتمعات في الدول المتأثرة بالتغيرات المناخية تبحث عن تفسيرات غيبية لظاهرة الاحتباس الحراري وخاصة مع اتساع مستويات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، وبالتالي فإن السبب في ذلك هو الغضب الإلهي من أفعال البشر في هذه المنطقة أو ذلك البلد، أما الأسباب الحقيقية التي تحتاج إلى المعاينة والتحليل والمعالجة، فلا أحد يعتقد في صدقيتها إلا العلماء من أهل الاختصاص، وإذا تطرق إليها أحد العوامّ، فهو حتما خارج عن الملّة: جاهل يهرف بما لا يعرف، أو كافر لا يؤمن بأن كل الظواهر الطبيعية من أمطار ورياح وبرق ورعد وغيرها، إنما هي من نشاط المتوكلين بها من الملائكة، حصريا.

وحاذر أن تتحدث بالتحليل العلمي للتغيرات المناخية في القرى والأرياف، وخاصة في دولنا العربية والإسلامية، لأنك ستحسب من طائفة المتأثرين بأفكار أهل الزندقة والهرطقة الذين لا يريدون لنا الخير، باعتبارهم محرومين مما نحن موعودون به من نعيم الدنيا والآخرة، ويعادوننا لأننا نمتلك العلم الحقيقي الذي حرمهم الله منه.

ومن الطبيعي أن المتطرفين والمتشددين والمتاجرين بالدين ومن يلعبون بالبيضة والحجر، يستفيدون من هذه الوضعية، ويستفيدون من اللقاءات المباشرة وصفحات التواصل الاجتماعي وحتى من بعض وسائل الإعلام التقليدية، في تأثيم الشعوب والمجتمعات، وتحميلها المسؤولية عن الجفاف والعطش والحرارة أو عن الفيضانات والأمطار الغزيرة، وحتى عن الأعاصير والزلازل.

لذلك، فإن المطلوب هو إنقاذ ما يمكن إنقاذه خلال السنوات القادمة، وبين الأجيال الصاعدة على الأقل، وذلك عبر اعتماد التربية المناخية في المدارس الابتدائية والإعدادية، وتخصيص مساحات يومية في وسائل الإعلام الجماهيرية لتفسير ظاهرة الاحتباس الحراري وأسبابها ونتائجها وأفضل الآليات لمواجهتها والتخفيف من وطأتها.

بحسب الأمم المتحدة "يعدّ التعليم أحد العوامل الحاسمة في معالجة قضية تغير المناخ. وتسند اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ المسؤولية إلى الأطراف في الاتفاقية للقيام بحملات تثقيفية وحملات توعية عامة بشأن تغير المناخ، ولضمان مشاركة الجمهور في البرامج والوصول إلى المعلومات حول هذه القضية" و"يمكن أن يشجع التعليم الناس على تغيير مواقفهم وسلوكهم؛ كما أنه يساعدهم على اتخاذ قرارات مستنيرة في الفصول الدراسية" لاسيما أن معرفة الحقائق تساعد في القضاء على الخوف من قضية غالبا ما يتم وسمها بأن القدر فيها محتوم في الساحة العامة. وفي هذا السياق، استفادت منظمة اليونيسيف من عقول ومخيلات الأطفال حول العالم لالتقاط معنى أن تكون طفلا ينشأ في عصر التغير المناخي السريع، والكلام دائما للأمم المتحدة.

18