من لا يحب نيللي

تميزت نيللي أرتين كالفيان وهي أرمنية الأصل بقوة شخصيتها وهو ما منحها القدرة على أن تلعب كما لو أن التمثيل كان جزءا من خيال طفولتها.
السبت 2024/10/05
فنانة استثنائية

أطلق مهرجان الإسكندرية السينمائي اسم نيللي عنوانا لدورته الأربعين. تلك التفاتة بذخ وتحية مترفة لفنانة من طراز خاص لا يتكرر.

فيها شيء من خفة سعاد حسني غير أنها بنت عمارتها الخيالية الخاصة التي ستظل مبهرة ومدهشة، يختزل سحرها حكايات عن الفتاة التي لن تكبر. ألأنها ستظل سيدة الفوازير صارت لغزا؟

لقد حلمت وصنعت أحلاما للملايين من الشباب والشابات العربيات. وهي الشابة أبدا بالرغم من أنها اليوم في الخامسة والسبعين من عمرها. لا يمكن لأحد أن يتصور أن نيللي تغادر فتنتها يوما ما.

يفعل الفن ما لا يتمكن الزمن من العبث به وكسر خياله. ذلك هو الجمال الخالد الذي لا يخفي عنفه وصخبه وتمرده ما ينطوي عليه من براءة ونقاء وفطنة تجمع بين اتصال الساحرات بعالم الغيب والذهاب بالواقع إلى أقصى مراحل تجليه الجمالي.

وفي حالة نيللي التي بدأت مشوارها الفني وهي في سن الرابعة ظل مكر الأنثى اللذيذ والمباغت يتسابق مع عفوية الطفلة الأبدية التي تعتبر اللغة عبارة عن لعبة يعجز فقهاؤها عن الوصول إلى أسرارها.

لقد أحبت أجيال نيللي التي استمرت في تقديم فوازيرها على الشاشة الصغيرة عشرين سنة، كانت بدأتها عام 1975

سر نيللي يكمن في قدرتها الاستثنائية على اللعب. حتى حين تبكي فإنها تفتح عينا وتغمض الأخرى لكي تقول شيئا آخر غير ما يقوله دورها وهي تمثل. دائما كانت أكبر من أدوارها وهي تشير إلى الآخرين بمَن فيهم المخرجون بأن يتبعوا خطواتها التي تهب الأرض إيقاعا مجنونا.

لقد تمكنت منها روح الاستعراض التي وهبتها خبرة عالية في أن تفعل ما لا يتوقعه أحد. رقتها لا تُضعف من عاطفتها كما كان يحدث لمريم فخرالدين كما أن قوتها لا تتراجع أمام جمال الدمية الباردة كما هو الأمر مع نادية لطفي.

لقد تعلمت نيللي أن تكون لها شخصية مركبة. شيء ما فيها يذكر بهند رستم، غير أن ذلك الشيء هو أقل من أن يقولها كلها. كل ما رأيناه من تلقائية في أدائها لم يكن حقيقيا. إنها أدت أدوارها بإحكام ملتزمة بكل ما أرادت القيام به.

رقصت وغنت ومثلت في استجابة منها للنص المكتوب ولتعليمات المخرج غير أنها فعلت ما رأته مناسبا لشخصيتها العنيدة التي لم تكن صنيعة الآخرين. ذلك ما دفع الشاعر والرسام صلاح جاهين وهو مؤلف أغاني سعاد حسني وأشهرها “الحياة بقى لونها بمبي” و”يا ود يا ثقيل” إلى الالتحاق بها وكتابة عدد من فوازيرها الرمضانية.

لقد أحبت أجيال نيللي التي استمرت في تقديم فوازيرها على الشاشة الصغيرة عشرين سنة، كانت بدأتها عام 1975.

تميزت نيللي أرتين كالفيان وهي أرمنية الأصل بقوة شخصيتها وهو ما منحها القدرة على أن تلعب كما لو أن التمثيل كان جزءا من خيال طفولتها.

18